رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة : على المسلم أن يفهم دينه ويعتز به فى العالمين

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة، شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، أن المولى سبحانه وتعالى يعلمنا  كيف نخرج الدنيا من قلوبنا ونجعلها فى أيدينا، ويعلمنا سبحانه وتعالى ألا نوقر الوهن فى قلوبنا فنخشى الموت ونحب الدنيا، ولا يمكن أن نخرج مما نحن فيه إلا بعكس ذلك تماما، أن نخرج الدنيا من قلوبنا وأن نجعلها فى أيدينا ، يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يدفعنا إلى الآخرة، لمن فقه عنه مراده {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ، { تِلْكَ }، يشير بها إلى تعظيم الآخرة وتفخيمها، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ } – وسماها الآخرة – أى أنه ليس بعدها دار، فإن كانت الدنيا جسراً فإنما هى جسر للآخرة، وفى الأخرة يصدق عليك.

وتابع " جمعة " عبر صفحته الرسمية قائلا : يا أيها المسلم، عندما تسافر تحتاج إلى زاد من العمل الصالح، حتى تستقر عند ربك فى ذلك اليوم الآخر الذى لا يتلوه يوم آخر ـ استعملت الكلمة هنا فى صريحها وكنايتها، فالدار فى اليوم الآخر والدار الآخرة، إنما كانت آخر الدور، وكانت فعلاً هى دار الآخرة وهى الحيوان، يعنى الحياة إثر الحياة على الحقيقة ، فهناك خلود لا موت فيه. {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا} وجَعْلُ الله سبحانه وتعالى حَقٌّ لا يتخلف أبدا {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ، {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا } الجَعْلُ من ربنا سبحانه وتعالى حكم مقضى، الجعل من الله أمر لا رجعة فيه، فقد حكم على الدنيا بالدنو وبالدناءة، وحكم على الآخرة بأنها هى دار المتقين ودار السلام ودار الحقيقة والحيوان.

 

وأوضاف: هذا مراد الله أيها المسلم فاختر ما شئت ؛ اختر دنيا فانية، أو آخرة باقية .. اختر بين مراد الله ومراد أهل الشهوات .. اختر بين دنيا محدودة مضى لك فيها من العمر سنين وقرب أجلك على كل حال- سواء أكنت شاباً أو شيخا-، وبين الآخرة التى جعلها الله لمن لا يريد علواً فى الأرض ولا فساداً ؛ فمن أراد علواً فيها وفساداً فقد يحصل شيئاً من ذلك العلو وشيئاً من ذلك الفساد، لا لعزة له فى الدنيا إنما لذلة له فى الآخرة، فاثبت على الحق, وليتضح أمامك مراد الله من أنه يمكن بعض الكافرين بعض الوقت فى الأرض ثم بعد ذلك يمكن المؤمنين { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ، يمكن لبعض الكافرين فى الأرض من أجل أن يقيم عليهم الحجة {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } ،   يمكن لبعض الكافرين فى الأرض، حتى تعلم أيها المسلم كيف دينك ؟ وكيف كفرهم ؟ إنهم يريدون علواً وفسادا، وقتلاً وتقيلاً، وتشريداً وحصارا، والله يريد منك أن تطبق كلمته {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

 

وأوضح: لما قامت الحروب الصليبية، وجاءوا من أقطار الأرض يعتدون على بلادنا وأعراضنا وأراضينا وعلى ديننا ومقدساتنا، كانت تجارة الهند تمر بالشام وبمصر، وكانت تحت سيطرة المسلمين، وكانوا قادرين على أن يقيموا حصاراً على أوربا حتى لا تبقى أوربا، لكنهم عرفوا أن النار فى انتظار "امرأة دخلت فيها فى هرة حبستها لا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض", فتركوا التجارة لأوربا حتى لا يقتلوا الشعوب، ولم يحاصروا أحداً من الناس، وعرفوا أن القتال نبل، وأن القتال فى سبيل الله إنما هو قتال عن قضية، عبر التاريخ الإسلامى لم ندمر شعوباً، ولم نَمْتَهِنُ إنساناً، لِمَ أقول هذا الكلام ! لأن الوعى أول السعى ، كما قررنا وقلنا مرارا .