رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حق الدولة... وعتب المواطن!

لا أعتقد أن ما سأتطرق إليه هو غريب على المختصين في علم الاقتصاد أو من لديهم الاطلاع والقراءات الخاصة بواردات الدولة واستيرادها وما تقوم به من مشاريع حيوية لاستمرار تطور البلاد، ولكني "أحاكي"، الآن، من هم "على شاكلتي" من عامة الشعب والذين تأخذنا- بعض الأوقات- موجات الثرثرة، أو ربما ضغط الحياة، فلا يرى أحدنا إلا مصلحته متجردًا عن مسئوليته للمساهمة في توفير الحياة الكريمة لكل أبناء وطنه وأن الموضوع لا يقتصر فقط على ما نلمسه على حياتنا كأشخاص فقط وإنما المهم، بل الأكثر أهمية ما قدمته الدولة على المدى القريب وما تخطط لعمله على المدى البعيد، لخدمة المواطن، لأننا لسنا وحدنا من يعيش على هذه البقعة من الأرض فسيأتي جيل من بعدنا وسوف يكون السؤال ماذا قدم آباؤنا لنا وماذا كانوا يعملون....؟!!
والمشكلة التي لا يدركها من "على شاكلتي" من عامة الناس هو أين تذهب الضرائب ولماذا؟ والأكثر غرابة عندما تتم زيادة نسبة معينة على أجور الكهرباء أو الماء أو النقل، فيعلم من له العلم والاطلاع  "أنها حقنا المضمون عند الدولة"، وسيسأل البعض أين تذهب، وكيف هي حقنا المضمون عند الدولة وعلىّ أن أجيبهم بما اكتسبته من خبرة في هذا المجال من خلال سفري الذي استمر قرابة الخمسة عشر عاما أو يزيد وأخذتني حقيبتي إلى الشرق والغرب، منها البلاد الثرية وبلاد صاحبة القرار السياسي العالمي وبلاد منها الفقيرة أو التي تدعي أنها غنية، فوجدت وأنا أحمل حقيبتي في آخر المطاف أن تلك الضرائب أو الزيادات في بعض المرافق الخدمية هي تضمن حقنا عند الدولة ولاحظت كلما ذهبت إلى بلد أكثر رقيا وأكثر استقرارا اقتصاديا كانت تزداد نسبة الضرائب وتكبر فاتورة الدفع للدولة من راتب المواطن، فتعجبت لنفسي في بادئ الأمر، لكنني اكتشفت أنها حقا هي حق المواطن المضمون عند الدولة.
نعم هي حقنا المضمون عند الدولة، من خلالها تتم المساهمة في تطوير المدن وبناء البنى التحتية للوطن، والتي في الأخير تخدم المواطن والأجيال القادمة، ومنها يتم تطوير برنامج التعليم والذي يحتاجه أبناؤنا وأجيالنا القادمة، ومنها نطور خطوط السكك الحديد، ونطور قطاع الصحة، و قطاع النقل، ونضمن الضمان الصحي الصحيح ونبني دور العجزة والأيتام ونطور بلدنا ليكون الأجمل بين البلدان، ويتم استيراد المواد الغذائية الضرورية والمدعومة للمواطن، التي تكلف الدولة الكثير لتقدمها للمواطن بربع ثمنها للحفاظ على الأمن الغذائي له. 
هذا ما تعلمته من خلال سفري، وقبلها كنت أنتقد الضرائب وأدين صعود أسعار الخدمات، فوجدت مثلًا في بريطانيا لا يمكن أن تمر من بعض الطرق إلا بمبالغ معينة، إضافة إلى الضرائب التي تفرض على المواطن، والتي لا يمكن ذكر تفاصيلها في مقالي هذا كونها متشعبة، أما في فرنسا فإنك عندما تسير في الطرق السريعة، فعليك أن تدفع مقدارًا من المال في ذهابك وإيابك، وفي ألمانيا لا يمكنك أن  تركن عجلتك إلا أمام عداد يعد عليك الثواني وكذلك في جميع بلاد الغرب... نعم هكذا رأيت... أما أسعار النقل في المترو مثلًا فإنها قصة عجيبة؛ لأنني استخدمت المترو في مصر عند وجودي فيها، وكذلك في أوروبا فوجدت كم الفرق بأسعار النقل، وكذلك كيف يتم تحويل المحطات لتصل إلى محطتك بعدة توقفات وعليك أن تدفع مقدار هذا التحويل.
وأخيرا اقتنعت بأن كل ما يدفع للدولة يضاف إليك، إن ما نلاحظه من إعمار وتنظيم للبنى التحتية في مصر "مثال حي" يجعلنا نحن العرب نتباهى بها. 
فاليوم أصبحت مصر تستطيع أن تستوعب الحضارة في العالم وأصبحت تسير بزمن يوازي تطور الدول المتقدمة، فكانت مصر بالأمس القريب على وشك أن تسقط لديها منظومة الكهرباء وتمت معالجتها بشكل لا يمكن أن نقول عنه إلا بما يوازيه وبوقت قياسي ومن منا لا يعلم مدى أهمية الكهرباء وتأثيرها على المواطن، وقبل أيام أدخلت   مصر إلى أسطولها العريق في سكة الحديد القطار الكهربائي السريع، واليوم مصر تطور كل ما يهم المواطن... أليس هذا حق مضمون للمواطن عند الدولة،  فكيف لا يفخر المواطن وهو يلمس التطور الحاصل  بناء دولة حديثة، والتي أسست إدارتها على أسس علمية تواكب كل  جديد في عالم تزداد فيه المنافسة وتقطع أوصاله الصراعات وتزداد فيه التحديات وتبقى مصر برغم ذلك  تعمل من أجل مواطنيها لكي يكون المستقبل أجمل من الحاضر، أم أننا نريد ماضينا يكون أحلى من حاضرنا ونتحسر عليه في مستقبلنا؟!