رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

راعي كنيسة اليونان عن «السنة الطقسية»: «حياة القدّيسين هي حياة المسيح نفسها»

الأب أنطونيوس آليفيزوبولوس
الأب أنطونيوس آليفيزوبولوس

طرح الأب أنطونيوس آليفيزوبولوس، راعي كنيسة الروم الأرثوذكس باليونان، دراسة حملت شعار «السنة الطقسية».

اليوم الثامن

وقال في دراسته: «رأى الله جميع ما صنعه، فإذا هو حسن جدّاً. وكان مساء وكان صباح، يوم سادس، وبارك الله اليوم السابع وقدّسه، لأن فيه استراح من جميع عمله الذي خلقه الله ليصنعه، والإنسان مدعو بدوره إلى أن يقدّس اليوم السابع ويشارك في الفرح بجمال الكون، ولكن هذا العالم سقط في الخطيئة وأفسد جماله، ولم يعد يومه السابع يوم فرح بجمال الخليقة، فعاش الإنسان والعالم كله، بعد السقوط زمن الحزن والغربة، إلى أن تجسَّد المسيح وقام من بين الأموات، فأدخل الإنسان والعالم كله في حقبة جديدة، وأشرق يوم جديد، يوم القيامة، يوم الربّ، اليوم الثامن، فتجسّد المسيح وموته وقيامته تعني انتهاء الزمن القديم وبدء الزمن الجديد، زمن القيامة والفرح».

وأضاف: «السلام عليك أيتها الممتلئة نعمة، الربّ معك.. هذا ما قاله الملاك للعذراء، رابطاً الفرح بمصالحة الإنسان مع الله، أمّا المسيح الناهض من بين الأموات فكانت أولى كلماته للنسوة: سلام لكنّ.. فربط الفرح بحدث القيامة».

الزمن الليتورجي

وتابع: «أن الأحداث التي نحتفل بها في كنيستنا مرتّبة بحسب الزمن الجديد الذي تحوّل بنور قيامة المسيح، ففي القداس الإلهي نحيا الوحدة الشاملة مع إخوتنا ومع الكون بأسره، ومحور سرّ الشكر هو جسد المسيح، أي حياة الربّ الإلهية-الإنسانية، ولكن هذا الجسد الإلهي-الإنساني مرتبط أيضاً بالعذراء مريم وبجميع القدّيسين».

وأكمل: «حياة القدّيسين هي حياة المسيح نفسها، المستمرة عبر الدهور، ونحن نتّحد بهم على أساس الطبيعة البشرّية التي أصلحها المسيح بتجسّده وموته وقيامته، ففي الليتورجيا الإلهية، وخاصة سرّ الشكر، نشترك في حياة المسيح وأحداثها وفي حياة القدّيسين، لأننا كلّنا، المسيح والقدّيسون ونحن، جسد واحد، وكلّنا واحد في المسيح يسوع».

وأردف: «في الأعياد الكنسيّة لا نتذكر فقط المسيح والقدّيسين، ولا نعود إلى أحداث التدبير الإلهي وحياة القدِّيسين، بل نحيا هذه الأحداث أسرارياً، ونشترك فعلياً في حياة المسيح والقدّيسين، ولذا فإن ترانيم كنيستنا لا تشير إلى الماضي بل الحاضر: اليوم عُلِق على خشبة؛ لأن اليوم قد وافى زمان عيدنا وأجواق الملائكة القدّيسين تحتفل معاً، مع مراعاة أن استعمال كلمة اليوم ليس شكلاً تعبيرياً، بل حقيقة أسرارية كائنة في قلوب المؤمنين. فجميع القدّيسين والأجناد الملائكية يشاركوننا روحياً في فرحة العيد ويحيون معنا سائر المناسبات التي نعيشها، لأنها كلها تتكرّر في الحاضر بطريقة أسرارية».

واستكمل: «البشارة والميلاد والختان واعتماد الربّ والتجلِّي والآلام والقيامة والصعود والعنصرة وأعياد جميع القدّيسين ليست أحداثاً وقعت في الماضي، ونجتمع الآن لنتذكرها ونتمثل بها، إنها تتجاوز ذلك كثيراً، ففيها تكمن حيويّة كنيستنا، لأنها تنقل إلينا شخص المسيح وأعماله، وعمل الروح القدس الذي يبقى حيّاً وفعّالاً في حياة كنيستنا، وهذه هي الخبرة الداخليّة للكنيسة ولكل مؤمن: ثمّة حقيقة واحدة، وهي حاضرة دائمًا».