رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل ما تريد أن تعرفه عن حياة الرُهبان في كنيسة الروم الأرثوذكس

رهبان
رهبان

تحت شعار «حياة الراهب في الدير»، أطلق الباحث يانيس قنسطنطينيدس، من كنيسة الروم الأرثوذكس، دراسة عن حياة الرُهبان داخل الأديرة، ومراحل قبول الراهب.

️دخول الراهب المُبتدئ أو الذي لا يزال تحت الاختبار إلى الدير: 

قالت الدراسة: «إنه في جميع الأديرة الأرثوذكسية، هُناك دائماً فترة اختبار للمؤمن الذي يرغب في الالتحاق في حياة الرهبنة والتنسك في الدير، ومدة هذه الفترة تختلف من دير إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، ولكن أيضاً تختلف حسب تقييم الأب الروحي للحالة الروحية للمؤمن، ففي الحالات العادية، وفي جبل آثوس المقدس أيضاً تكون فترة التجربة للمؤمن الذي يرغب أن يصبح راهباً لمدة سنة واحدة، ومن بعدها يمكن أن ينال الإسكيم الصغير، ويكون هناك مدة ثلاثة سنوات إلى أن يلبس الإسكيم الكبير ويصبح راهب بشكل كامل».

وأضافت: «أما بالنسبة لفترة الاختبار التي سيقضيها المؤمن، فهي فترة تتسم بالتواضع والصمت، وتبدأ من ممارسة سر الاعتراف بشكل منتظم ويومياً تقريبا لكي يساعد هذا الراهب الجديد أبوه الروحي (الييرونداس) في تعدي كل العقبات التي قد يضعها أمامه الشيطان، وفي حالة الشخص المتزوج والذي يرغب أن يصبح راهب، يلزمه الحصول على موافقة زوجته أو العكس في حالة كانت الزوجة تريد أن تضبح راهبة فعليها أخذ موافقة زوجها».

وتابعت: «لا يقتصر الأمر على أعمار معينة للراغبين في الالتحاق في حياة الرهبنة، وليس هناك حد أقصى للعمر، ولكن لن يتم قبول المتقدم للرهبنة قبل أن يبلغ عامه السادس عشر أو السابع عشر حسب تقييم الييرونداس، وهو مصطلح باللغة اليونانية يعني الشيخ، ويشير إلى رئيس الدير والأب الروحي للراهب أو الرهبان.

️الطعام والصيام والتمارين الروحية:

قالت الدراسة أيضًا: «في الأديرة الأرثوذكسية هناك مائدة ووجبة واحدة إلزامية للرهبان، وعادة ما تكون مصطحبة أثناء تناول الطعام بقراءات لكتب روحانية من تعاليم الآباء القديسين، وعندما يكون هناك زائرون في الدير، لا يتغير النظام الغذائي للرهبان، ولكن يمكن أن يتغير في حالة السفر على الأقدام بالنسية للرهبان المتعبين، ولا يُسمح  بالزوار غير الأرثوذكسيين لتناول الطعام في أديرة الروم الأرثوذكس مع الرهبان والزوار الأرثوذكس على مائدة واحدة، ولكن يتناولون طعامهم على مائدة منفصلة».

May be an image of indoor

النظام الغذائي التقليدي للأديرة:

وأضافت: «بفضل وفرة الخضروات والفواكه، فإن النظام الغذائي في الأديرة غني بالفيتامينات (أ ، س ، هـ)، حمض الفوليك، عناصر مضادة للأكسدة وألياف وعلى العكس من ذلك، فهو فقير في الدهون الحيوانية حيث أن الرهبان وحسب التقليد الأرثوذكسي، وخاصة في جبل آثوس المقدس لا يأكلون اللحوم والدجاج أبداً، ويستبدلونها بالبقوليات التي تكون بديل للحوم، وهي بدورها تقوم بتزويدهم بالكربوهيدرات المعقدة وكذلك البروتينات النباتية، وبأقل نسبة من الدهون، فإذا تم دمجها بشكل صحيح مع الحبوب (مثل الأرز والذرة والخبز)، فإنها تعطينا البروتين الذي يحتاجه الجسم أو ما يعادل القيمة الغذائية التي تمنحنا إياها اللحوم».
وواصلت: «عادة في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد يأكل الرهبان الأسماك أيضاً أو الأخطبوط المجمد، كما أنهم يشربون قليل من النبيذ أو الراكي وهو مشروب كحولي يوناني يشبه العرق، ويستهلكون الكثير من منتجات الألبان والأجبان في الأيام المسموح فيها، كما أنهم يستهلكون الفواكه الطازجة التي يزرعونها بأنفسهم، والفواكه المحفوظة في الثلاجة».

وأكملت: «وبالنسبة للإفراط في الزهد والصيام القاسي جداً، هو أمر لا يفضله القديس باسيليوس الكبير وينصح في الاعتدال في كل شيء، والتخلي عن مشيئتنا وتسليمها إلى الييرونداس أي الأب الروحي، وإطاعته في كل شيء».

May be an image of 1 person, food and indoor

عمل الرهبان وتنقلاتهم:

وتقول الدراسة في ذلك: «عمل الرهبان يجب يكون مصطحب بالصلوات القلبية مثل أيها الرب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطيء، دون تذمر أو تفاخر، ويجب اختيار العمل الذي لا يتطلب الكثير من الإبداع للتواضع، وحسب قرار الييرونداس الذي بدوره يوزع العمل على الرهبان كل صباح، وتشمل أعمال الرهبان عادةً النسيج، والجلود، والبناء، والنجارة، والنحاس، والزراعة، صناعة الشمع والبخور، صيد السمك، ولا يجب بيع المنتجات في مكان ليس بعيدًا عن الدير، باستثناء في الضرورات القصوى، حيث لا يخرج الرهبان الأرثوذكسيين عادة بمفردهم من الدير إلا في الحالات الضرورية جداً، حيث أن القديس المصري باخوميوس الكبير(292م – 348م)  في تعاليمه منع الرهبان الخروج من الدير لعدم التعرض للأخطار العالمية».

May be an image of 2 people, people standing and outdoors

الرهبنة والعمل الاجتماعي:

وتابعت الدراسة: «عدا عن الصلوات من أجل خلاص العالم فإن الرهبان يقومون بالكثير من الأعمال الخيرية والاجتماعية، خاصة تلك التي تتعلق بإطعام الفقراء والضيافة والرعاية الطبية بشكل عام، وفي الآونة الأخيرة بدأ الرهبان بمساعدة المدمنون على المخدرات؛ للتخلص منها ومن ثم إعادة تأهيلهم في المجتمع بعد شفائهم بشكل كامل، وأكبر مثل على ذلك هو دير القديس غريغوريس في جبل آثوس المقدس والذي يعتبر مختص في هذا الأمر، كما يولي الرهبان اهتمام كبير بكبار السن ودور المسنين والعجزة ويقومون بمساعدتهم بشكل مكثف، بالإضافة إلى إنشاء مستشفيات ودوراً للأيتام وملاجئ للفقراء ويقومون بتنظيم مدارس داخلية مسيحية وتدريس الأطفال فيها من قبل الرهبان كما هو موجود في الكثير من المدن اليونانية».

May be an image of 5 people and beard

الرهبنة والعبادة:

وتوضح الدراسة أن عمل الراهب الأساسي هو الصوم والصلاة من أجل خلاص العالم، وأيضاً من أجل خلاص روحه، والصلاة في الدير منقسمة إلى قسمين كالتالي:
1- الصلاة الجماعية: وهي تشكل جميع الصلوات في الكنيسة والتي تبدأ في الساعات الأولى بعد منتصف الليل بصلاة النهوض من النوم وصلاة منتصف الليل والساعات والقداس الإلهي.. الخ، وفي أثناء النهار هناك صلوات كثيرة أخرى مثل صلاة الغروب وصلاة النوم الصغرى والكبرى في أيام الصيام الكبير، وجميع الصلوات الجماعية في الكنيسة في جميع المناسبات من السنة الليتورجية الأرثوذكسية. 
2- الصلاة الفردية: وهي تتكون بشكل أساسي بما يسمى القانون (كانوناس) في اليونانية ويعتمد بشكل خاص على المسبحة (الكومبوسشيني باليونانية) وهذا القانون يتشكل من جزئين: الجزء الأول هو الصلاة مع مطانيات أي سجدات والأخرى فقط رسم الصليب وتمرير عقد المسبحة.

May be an image of 1 person

كما أنه من الحياة الروحية في الدير هناك أيضاً ما يسمى بالأناغنوسي (باليونانية) وهي قراءة ودراسة ومناقشة الكتب الروحية للآباء القديسين الأرثوذكس في كل يوم، وقبل صلاة النوم الصغرى في الكنيسة، والتي يتم في نهايتها وقبل نهاية اليوم الليتورجي مسامحة الرهبان بعضهم لبعض.

No photo description available.

وأخيراً، يطلق على الحياة الرهبانية في الأديرة بالحياة الملائكية، ويطلق على الراهب بالملاك الأرضي لكونه يعيش حياة الملائكة من الصلوات ومعاملة الأخرين بحب ولطف، ولهذا عندما يُرسم الراهب يقولون بأنه أخذ الإسكيم الملائكي أي شكل الملاك.