رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأورومتوسطى لدراسة الإسلام: التسامح فضيلة تيسر قيام السلام

المركز الأورومتوسطى
المركز الأورومتوسطى لدراسة الاسلام اليوم

قال الدكتور منير القادري، رئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، خلال مشاركته فى فعاليات ليالى الوصال الصوفية الرابعة عشرة بعد المائة، التى تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة المتلقى العالمى للتصوف، إن الغلظة والشدة والعنف في العلاقات الاجتماعية والإنسانية هى المُناقِضَة للقيم، وهي المضادة لطبيعة الإسلام ودليل ضعف لا دليل قوة، وزاد مفسرا أن العفو والتسامح يُقَلِّلَانِ من ارتكاب الجرائم و يدفعان الفساد والشر عن الأمة ويساعدان على طهارة المجتمع من الأمراض كالغل والحقد والحسد التي اعتبرها من أسباب الانهيار الحضاري.

وشدد على أن التَّسامح هو الفضيلة التي تُيسِّر قيام السَّلام، وأنها تُسهِم في إحلال ثقافة السَّلام مَحلَّ ثقافة الحرب، وأنه متى كان الأفراد متسامحين ظهر المجتمع قوياً ومزدهراً خالياً من الأحقاد والضغائن التي تولّد المشكلات و النزاعات والصراعات، موردا مقولة الاديب والكاتب الانجليزي ويليام شكسبير: "لا تُوقِدُ في صَدْرِكَ فُرْنًا لعدوك فَتَحْتَرِقُ فِيِهِ أَنْت".

وأكد أن التعايش والتسامح دون اقصاء يميز النزعة الكونية للإسلام، المنفتحة على سائر الأديان والأجناس وفق الضوابط الشرعية، وأن قيمه الروحية مفتوحة لكل الناس دون تفرقة بين الأجناس والألوان واللغات، فهو دين عالمي يتجه برسالته وتعاليمه إلى البشرية جمعاء.

وقال القادري: "إن التحلي بخلق التسامح يقتضي مُجاهدةٍ للنفْس، وتجرُّعِ شيءٍ من الألَم؛ ذلكم أنَّ في التسامح شيئًا من التنازل والهضم للنفْس، لكنَّه في النهاية يمثِّل قِمَّة الشجاعة وغاية الإقدام، التي لا يوفَّق إليها إلا ذَوو العقول الكبيرة، ولا يُعان عليها إلا أهلُ البصائر المستنيرة، ولا يَعرف قيمتَها إلا أصحابُ القلوب النديَّة والنفوس الرضِيَّة، الذين يستشرفون أن يعيشوا حياتَهم مع مَنْ حولهم بارتياح وطمأنينة، دون أن يستبدَّ بهم هاجسُ الكراهية، أو يقضَّ مضاجعَهم قلقُ الانتقام، وصَدَق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث قال: (ليس الشديدُ بالصُّرَعة، إنَّما الشديدُ الذي يَمْلِكُ نفسَه عند الغضب)".

ولفت الى أن العفو والتسامح من الصفات التي يتم اكتسابها ، وأنها ليست فطرية داخل النفس، وفسر ذلك بأن الإنسان يتعلم ما يتم تربيته عليه من والديه، داعيا إلى وجوب  تعليم الناشئة  ثقافة الاعتذار واحترام الآخر وتقبل اختلاف الرأي، وإجمالا كل الطرق التي تجعلهم يمتلكون قلوب صافية ورحيمة تدفعهم إلى عيش حياة كريمة، موردا  قول الفضيل بن عياض رحمه الله: (الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان).

نوه الى أن التربية الإحسانية التزكوية تستأصل جذور الشر والكيد وأخلاق السوء من أعماق النفس البشرية، وتزكيها بالأخلاق المحمدية الكريمة، مستشهدا بقوله  تعالى:"قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا "(سورة الشمس الآية 9_10)، وقوله عز وجل: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"(سورة الرعد الآية 28).

وأضاف، أن التزكية والطمأنينة  والتربية على قيم التسامح والعفو هي من آليات الأمن والسلم والسلام الذاتي الداخلي، والذي يتمظهر في السلام الخارجي مع الأسرة والمحيط، والعالم والكون أجمع، موردا قول ابن عربي في وصاياه: "افعل الخير ولا تبال فيمن تفعله تكن أنت أهلا له".