رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صفحة جديدة من تاريخ مصر الحديث».. مذكرات خالد محيى الدين عن ثورة 23 يوليو

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

تعتبر مذكرات ضباط يوليو شهادة مهمة، وتكتسب مذكرات خالد محيي الدين "والآن أتكلم" الصادرة عن مركز الأهرام للترجمة والنشر عام 1992 مصداقية كبيرة؛ لأن ما ذكره عن وقائع محددة جاء متطابقا مع ما ذكره غيره من ضباط يوليو، وأن بعض المعلومات متطابقة تماما مع بعض المؤرخين مثل عبد العظيم رمضان وجمال بدوي وطارق البشري.

ولشهادة خالد محيي الدين عما حدث في ثورة يوليو 52 قيمة فريدة تنبع من طبيعة شخصيته، فمحيي الدين كان من الستة الأول الذين شكلوا تنظيم الضباط الأحرار، وكان في العمل السياسي أقربهم لعبد الناصر، إضافة لكونه صاحب موقف واضح من قضية الديمقراطية، وهو الأمر الذي انتهى به للاستقالة من مجلس الثورة.

وتتضمن مذكرات محيي الدين أسرارا تنشر للمرة الأولى، مثل لماذا عارض عبد الناصر التقيد ببرنامج التنظيم، وغيرها.

دخل خالد محيي الدين الجيش بطريقة غريبة، فقد أعلن الجيش عن قبول دفعة في الكلية الحربية من الحاصلين على الثقافة العامة كاستمال لدراسة التوجيهية في الكلية الحربية: "كان ذلك في عهد حكومة الوفد عام 1942، وكان ذلك من أجل عيون (إبراهيم خيري) وهو واحد من أصهار الملك، وكان لديه ابن متعثر في التوجيهية ويريد أن يلحقه بالكلية الحربية فكان له ما أراد واغتنمت أنا الفرصة ودخلت الكلية الحربية".

وفي الكلية الحربية وجد خالد محيي الدين رفاقه: "استعيد الآن أسماء عديدة تلاقيت معها بالكلية الحربية، مجدي حسنين ولطفي وأكد وصلاح هدايت وثروت عكاشة وحسن إبراهيم وكمال الدين حسين، وعبد اللطيف البغدادي، وحسن إبراهيم، وكان زكريا محيي الدين مدرسا لي، ومعه يوسف صديق، وأحمد عبد العزيز".

حادث 4 فبراير

كان حادث 4 فبراير إهانة مريرة لمصر، فقد حاوط الإنجليز قصر عابدين وعندما تصدى لهم ضابط الحرس الملكي أحمد صالح حسني قبضوا عليه ودخلوا بالقوة، ولم يكن هذا إحساسي وحدي فقد أكد محمد نجيب أن حادث 4 فبراير كان نقطة تحول في حياته، وأكد عبد الناصر ذلك وتحدث طويلا في رسائله من السودان لأحد أصدقائه عن حادث 4 فبراير وتأثيره المباشر على تفكيره وتكوينه وقد نشرت هذه الرسائل في مجلة المصور بعد الثورة".

عبد الناصر

في نهاية 1944 مر عبد المنعم عبد الرءوف على خالد محيي الدين وطلب أن يعرفه بضابط آخر، وأخذني لأقابل جمال عبد الناصر".

بعدها وفي عام 1946 تحركت جماهير شعبية واسعة تحت شعارات اللجنة الوطنية للطلبة والعمال وسقط شهداء، وتقرر إرسالي ضمن قوة الفرسان للمنصورة لمواجهة المظاهرات بها، وكان معي ثروت عكاشة، وكان هناك نقاش بيني وبي عكاشة حول ضرب المتظاهرين، كيف نضرب المواطنين الذين يتظاهرون طلبا للاستقلال".

أول اجتماع للضباط الأحرار

يذكر محيي الدين أول اجتماع للضباط الأحرار: "إنها الخلية الأولى واجتماعها الأول في النصف الثاني من عام 1949، أقرر هذا وأكرره لأن الكثيرين حاولوا تقديم روايات مختلفة فأنور السادات قال برواية أخرى وأخرى أيضًا".

يؤكد محيي الدين أن بعض الضباط كان قد أقام حركات قبل الضباط الأحرار: "لست أريد أن أنفي أنهم كانوا يعملون في الجيش معنا أو حتى قبلنا، فقد تمكن بعضهم من إقامة مجموعات منظمة في الجيش قبل الضباط الأحرار، ولكنها كانت شيئا آخر غير الضباط الأحرار".

وفضل محيي الدين المجموعات قائلا: "من هذه المجموعات كانت مجموعة جمال منصور، وكانت تضم عددا من الضباط منهم مصطفى نصير، سعد عبد الحفيظ، عبد الفتاح أبو الفضل، عبد الحميد كفافي، وأصدرت عددا من المنشورات وانتهى الأمر بالقبض عليهم".

وعن المنشور الأول للثورة يقول محيي الدين: "في الجلسة الأولى ومنذ أن احتوتنا غرفة الصالون في بيت عبد الناصر بكوبري القبة تولى جمال القيادة دون عناء ودون قرار منه أو منا، كان الأعلى رتبة، هو بكباشي، وكان أقل منه رتبة، كنت أنا يوزباشي، وكمال الدين حسين يوزباشي، صحيح أن عبد المنعم عبد الرءوف كان أقدم من جمال، لكن جمال صاحب الفكرة وصاحب الدعوة، واتفقنا أن نلتقي في اجتماعات متقاربة، واتفقنا على أن يعمل كل منا في سلاحه لتجميع عدد من الضباط، وكنا نحن الخمسة موزعين على أسلحة مختلفة، كنا في خريف 1950 عندما قررنا أن نصدر منشورنا الأول وتحملت مسئولية إصداره أمام مجموعة القيادة، كتب جمال منصور المسودة الأولى للمنشور، وكان عنوانه "نداء وتحذير".

ودق شوقي عزيز أولى كلمات المنشور الأول على الآلة الكاتبة وعندما دق عبارة التوقيع "الضباط الأحرار كان يتب دون أن يعرف صفحة جديدة من تاريخ مصر الحديث".