رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهمية «منتدى الإبداع»

أى مسئول عن صناعة الإعلام فى مصر يجد نفسه فى مأزق كبير مهما كانت كفاءته.. إنه يريد أن يقدم ما يجذب اهتمام الناس، لكنه فى نفس الوقت مطالب بأن يعلمهم.. مطلوب منه أن يسليهم ويرفه عنهم، وفى نفس الوقت مطلوب منه أن يثقفهم وينمى قدراتهم، إذا لم يقدم ما يجذب اهتمام الناس فقد فشل فى مهمته.. وإذا استسلم لمقولة «الجمهور عاوز كده» فقد فشل بصورة أكبر وأكبر.. يزيد التحدى فى مجتمع مثل مجتمعنا فى اللحظة الراهنة والتى يواجه فيها تحديات مختلفة.. نحن نواجه ثقافة تطرف تم زرعها على مدى عقود طويلة بشكل مخطط ومنتظم.. ونواجه ثقافة تخلف ومظهرية واستهلاك تم زرعها على مدى عقود طويلة أيضًا بشكل منتظم.. نواجه بقايا من ثقافة الفساد والواسطة والمحسوبية التى تضخمت فى الثلاثين عامًا الأخيرة من عمر مصر حتى كادت أن تصبح هى القاعدة وما عداها الاستثناء، وحتى أصبحت الدنيا سوداء فى عيون أجيال متتالية من الشباب المصرى.. نواجه أيضًا غزوًا ثقافيًا يدخل إلينا من الباب والشباك، سواء فى شكل العمل الفنى الغربى الذى نقلده أو شكل البرنامج الأمريكى الذى نستورده أو فى مضمون هذه الأعمال التى بات كثير منها بعيدًا عما يمكن أن نقبله رغم انفتاحنا والذى يندفع إليه الغرب بجنون تحت شعار «الصوابية السياسية».. هذه كلها وغيرها تحديات تواجه مجتمعنا اليوم ويضعها الرئيس السيسى نصب عينيه، وقال إنه واع بها لأقصى درجة هو ومن يعمل معه.. هناك وعى بأن إغلاق الفرص أمام الشباب كان أحد عوامل سقوط الدولة فى ٢٠١١.. هذا الوعى عبّر عن نفسه بطرق مختلفة منها مؤتمرات الشباب التى فتحت باب التسجيل فيها لمن يريد، وتنسيقية شباب الأحزاب التى مثلت محاولة قوية لتجديد النخبة السياسية وتكوين جبهة وطنية تتفق حول المشتركات الأساسية، من الخطوات الرمزية مثلًا حضور الرئيس السيسى بنفسه اختبارات القبول فى كثير من الكليات الهامة للاطمئنان على أن كل شىء يسير على ما يرام.. ومنها أيضًا القرارات «الثورية» التى اتخذتها الهيئات القضائية والتى غيرت قواعد الالتحاق بالهيئات القضائية وأتاحت لمن يتم رفضه حق الحصول على تقرير رسمى به مبررات الرفض، كى يلجأ للقضاء إذا ما أراد احتجاجًا على رفضه، وهو أمر كان فى عداد المستحيلات قبل ٢٠١٤ أو قبل تولى الرئيس السيسى.. فى نفس الإطار أفهم إقدام الشركة المتحدة على تنظيم «منتدى الإبداع» تنفيذًا لتوجيهات الرئيس، لإتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن مواهبهم ثم رعاية هذه المواهب وصقلها، دون الحاجة إلى واسطة أو معرفة شخصية أو حتى ضربة حظ، فائدة هذا المنتدى أنه يفتح باب الأمل لكل شاب أن لديه فرصة فى هذا البلد وأنه يملك جزءًا فيه، لذلك عليه أن ينتمى له وأن يحبه.. إن رعاية الموهوبين هى أساس نهضة مصر الحديثة فى عهد محمد على.. لقد بحث عن الموهوبين فى الكتاتيب وأرسلهم للدراسة فى أوروبا فعادوا ليبنوا نهضة مصر الحديثة ويجعلوها تسبق محيطها بقرنين من الزمان على الأقل.. شاء من شاء وأبى من أبى.. يدرك الرئيس أن الإنسان المصرى هو أغلى ما تملكه مصر، وأن الثروة البشرية ما زالت من أهم مصادر الدخل القومى المصرى.. سواء من خلال تحويلات العاملين فى الخارج أو من خلال الصناعات المصرية التى يديرها مصريون موهوبون ننتظر منهم أن يضاعفوا جهودهم وإنتاجهم عدة أضعاف خلال السنوات المقبلة لأن هذا هو الأمل الوحيد لمصر.. بناء على هذا أقول إن «منتدى الإبداع» أكبر بكثير من كونه برنامجًا تليفزيونيًا ولكنه مشروع قومى جديد يمكن أن يبث الأمل فى نفوس ملايين الشباب المصرى، وأن يبث الانتماء فى عروق عائلاتهم وأقاربهم وهم يتابعون نجاح من ينجح منهم ويتمنون التوفيق لمن لم يحالفه الحظ.. نريد لجانًا فى القرى وقصور الثقافة والمدارس تفرز المواهب ومقاطع الفيديو.. ونريد شكلًا جديدًا يتسم بالمصرية ومراعاة متطلبات المجتمع المصرى.. نريد حلقات أكثر ومواسم أكثر وخبرات متنوعة ومختلفة.. ونريد أيضًا أن ندرك أن الجودة ليست فى حجم الإنفاق ولكن فى أصالة الأفكار وجدتها وتناغمها مع واقعها.. إننى أثق للغاية فيما ستقدمه الشركة المتحدة لأنها فى إنتاج هذا المنتدى ستطبق نفس القيم التى تسعى لنشرها فى المجتمع من خلاله.. لا وساطة ولا استسهال ولا احتكار ولكن حوكمة وابتكار وفرص جديدة لوجوه جديدة.. وستكون النتيجة رائعة بإذن الله.