رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسرحيتان ضمن سلسلة الكتاب الأول عن «الأعلى للثقافة»

الغلاف
الغلاف

صدر حديثًا عن المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، ضمن سلسلة الكتاب الأول التابعة للإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية، برئاسة الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، مسرحيتان بعنوان: "صحة توقيع" و"وقت إضافي" للكاتب عمر توفيق.

وقال الناقد المسرحي محمد الروبي إن كل من مسرحيتي (وقت إضافي) و(صحة توقيع) نصان ينبئان بكاتب مسرحي قادم، يتمتع بقدرة على صنع حبكة درامية شيقة، وصياغة حوار أخاذ وجاذب، والأهم إحساس عال بالهم الاجتماعي الذي يتسلل عبر النصين دون خطاب زاعق. في النص الأول (صحة توقيع) يستلهم الكاتب أسطورة فاوست الشهيرة ولكن بصياغة عصرية تفضح تكالب الإنسان على مغريات الحياة الفانية مضحيا بكل ماهو إنساني في سبيل تحقيق طموح كان يظنه النعيم فإذا به يكتشف أنه الجحيم ذاته.

وعلى عكس فاوست لن يرضى بطل (صحة توقيع) بما اكتشفه ليكون سبيله في الخلاص، بل سيستخدمه من أجل مزيد من مكسب تافه سيدفعه هو في الأخير. التيمة نفسها (غرور الإنسان وضياعه تحت عجلات عربة المغريات) ستكون أيضا محور نصه الثاني (وقت إضافي)، لكن هذه المرة عبر أحداث وشخوص واقعية تماما.

إنهم أفراد أسرة يعاني كل منهم ضعفا إنسانيا وتشوها ما يتآمرون من أجل الحصول على الملايين التي ستنهال عليهم من بيعهم إرث أبيهم (البيت العتيق). ولن يسمحوا لعقبة (بسيطة) مثل عدم موافقة الأخ الأكبر على البيع. فليذهب هذا الأخ إلى الجحيم ولو بقتله. لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي سفينتهم.

وعلى الرغم من تعدد شخصيات هذا النص (على عكس الأول) فإن الكاتب ينجح في نحت كل شخصية على حدة بملامح خاصة لا تتشابه مع الأخريات، ويساعده في ذلك قدرته على صياغة حوار هو ابن الشخصية لا مقحمًا عليه.

فيما قال المؤلف محمود حامد عبد العظيم إن نص صحة توقيع يقوم على المفارقة بين مَن يحقق أحلام الشباب، المتمثلة في الاحتياجات المادية من فيللا وسيارة ولاب توب وموبايل أحدث موديل، وبين الاستعباد الكامل لحياة الانسان في مقابل ذلك. ويتميز النص بوضوح الفكرة التي يطرحها، في بنية درامية سلسة، ذات إيقاع متسارع، كما تتميز اللغة بالبساطة والحيوية والنضارة بلا تقعر أو تزيد.

أما نص وقت إضافي، فيرصد قسوة الواقع الضاغط، على أسرة من الطبقة الوسطى في حالة تفككها، وقد أصبحت الرفاهيات جزءًا أصيلاً من الاحتياجات، مما يشعل الطمع، ويفتح الباب على استباحة أمور تتنافى مع الدين والقانون والتقاليد، وتسود الكراهية بين الأشقاء، وتحل الرغبة داخل كل فرد للتخلص من أخيه من أجل الحصول على نصيبه من الميراث. لم تعد الأخلاق معيارًا للسلوك، بل صار النفاق هو رابط العلاقة فيما بينهم، والزيف مجال الحركة لديهم؛ حيث يجسد النص وضع الطبقة الوسطى، وانهيار حالها الراهن، وتفككها، وتحلل روابط اعضائها، بحس سوداوي بالغ القتامة، في بنية محكمة، تريد أن تصل بهدفها إلى حده الأقصى، لنرى في النهاية الأخت وقد قتلت إخوتها كحل أخير وحاسم لنهاية الصراع.