رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس السيسى.. سنوات التحدى والبناء ـ 3

منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم فى مصر، عمد إلى تنويع مصادر الدخل، حتى تستطيع البلاد النهوض من كبوتها، التى عاشتها لعشرات السنين، وكان اكتشاف الغاز فى شرق المتوسط، وإنشاء منتدى الغاز، درة التاج التى وضعت أقدام مصر على أعتاب مستقبل، انتظره المواطنون طويلًا.. ورغم أن العالم ومصر عاشا أزمتين متفاقمتين، على مدى السنوات القليلة الماضية، أولاهما جائحة كورونا، التى أبلت خلالها مصر- اقتصاديًا- بلاءً مدهشًا، وثانيتهما، الحرب الروسية ـ الأوكرانية، التى تضع العالم الآن على حافة مجاعة. إلا أن مصر مازالت تنعم بالخير، بفضل من الله، وحسن تدبير من قيادتها، ووعى من مواطنيها. وكما يقولون، (من قلب المحنة تأتى المنحة)، فقد وقّع الاتحاد الأوروبى الإسبوع الماضى اتفاقًا مع مصر وإسرائيل لاستيراد الغاز الإسرائيلى عبر القاهرة، التى ستعالجه فى منشآتها للغاز الطبيعى المسال، بحيث يمكن شحنه بسهولة أكبر إلى أوروبا. ومن المفترض أن يستمر ذلك حتى عام 2030 على الأقل.. بموجب الاتفاقية، سيشجع الاتحاد الأوروبى الشركات الأوروبية على المشاركة فى مناقصات التنقيب فى المنطقة، حيث يتوقع المسئولون زيادة شحنات الغاز الطبيعى المسال من مصر إلى أوروبا، ذلك لأن الحرب الروسية- الأوكرانية، أدت إلى اضطرابات فى أسواق الطاقة، وفرضت عقوبات موسعة على موسكو من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، اللذين تحركا للاستغناء عن الغاز الروسي، وإيجاد أسواق إمداد بديلة، وكانت مصر من بين تلك الأسواق التى استفادت من ارتفاع الأسعار، وزيادة واردات الغاز الإسرائيلية إليها، ومن ثم، تسييله وتصديره إلى أوروبا، لتسهم تلك الإجراءات فى تسريع خطاها التى بدأت قبل أعوام قليلة، للتحول إلى مركز طاقة إقليمية. خلال أول أربعة أشهر فقط من العام الجاري، حصدت مصر عوائد من تصدير الغاز بلغت ما يقارب أربعة مليارات دولار، وهو يعادل ما كسبته الدولة من الغاز فى العام الماضى بأكمله، ونحو ثمانية أضعاف ما جنته فى عام 2020.. باعت مصر حتى الآن نحو 5.6 مليار متر مكعب من الغاز.. وكانت أغلب الشحنات إلى دول أوروبية، فى تنام واضح لاتجاه الصادرات إلى القارة العجوز، بعدما كان أغلبها موجهًا نحو أسواق آسيا، حيث سلّمت مصر حتى الآن قرابة 55 شحنة إلى أسواق التصدير، مع تهافت الأسواق الأوروبية والتركية على الغاز الطبيعى المصرى المسال. سعى الاتحاد الأوروبى خلال الفترة الماضية لإتمام صفقة استيراد غاز إسرائيلى عبر مصر.. واتفقت الأطراف الثلاثة على ذلك، فى حضور رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة، لأن مصر هى السبيل الوحيد الناجع لتصدير الغاز الإسرائيلى إلى أوروبا، لوجود خط أنابيب قائمًا بين البلدين، (لا يوجد خط أنابيب من إسرائيل إلى أوروبا، ومن ثَم فإن أنسب خيار هو نقل الغاز إلى محطتى التسييل فى مصر، ومن ثم شحنه إلى أوروبا على شكل غاز طبيعى مسال، وتحويله بعد ذلك.