رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تشابه الأصولية العربية والغربية

ما أتعس تصور العقل الأصولى الخرافى المتعصب للوجود والإنسانية، فهو يرى العالم من خلال منظور طائفى عنصرى مقيت.

ورغم العداء الدموى البشع بين الأصوليات المختلفة وتناقض معتقداتها ومنطلقاتها فإنها فى جوهرها واحدة متشابهة إلى درجة التطابق فى الآليات والسلوك، وإن اختلفت الخرافات والأوهام التى تنطلق منها كل أصولية، والتى من خلالها ترى العالم فتقوم بتقسيمه إلى فسطاطين أو عالمين: 

عالم أو فسطاط من الأتباع والمقلدين والأنصار، وعالم أو فسطاط من الأعداء أو الكفار أو الشياطين والعالم الثانى دومًا هو غالبية الجنس البشرى، والفسطاط الأول تسكنه قلة مختارة مصطفاة وفقًا لخرافات تلك الأصولية أو ضلالات تلك الأصولية.

فلنترك المنطلقات الخرافية الكريهة والعقائد الوهمية الشريرة المعادية للجنس البشرى التى تختلف من أصولية لأخرى، فالأصوليات أنواع كثيرة يهودية ومسيحية وإسلامية وهندوسية، وغير ذلك من مذاهب ومعتقدات نسبت إلى السماء أو خرجت من الأرض.

ولنحاول عند رصدها أن نستقرأ وجوه الشبه فى خصائص العقل الأصولى الخرافى العنيف شرقًا وغربًا.

فتلك الخصائص يدهشنا عند ملاحظتها ليس تشابهًا فحسب، بل تطابقها الذى يجعل الحليم حيرانًا، ويجعل الدارس لأطنان الاختلافات العقائدية الخرافية المدمرة متعجبًا كيف اختلفوا فى كل شىء تقريبًا فى التصورات البشعة والمعتقدات الوهمية، وتناقضوا فى تفسيراتهم لكل القيم من الخير والشر، وما هو القبيح والجميل وكيف نعرف الحق والباطل؟

وأكتب تلك الكلمات وأنا فى قلب العالم الغربى سويسرا ثم كندا وقبلها كنت بمصرنا الحبيبة، ونرصد خصائص العقل الأصولى البشع، سواء الغربى العنصرى المتمسح المتطرف أو الشرقى المتأسلم العنصرى.

فكل التيارات الأصولية تشترك فى تلك الخصائص إلى درجة التطابق أحيانًا والتشابه أحيانًا أخرى.

١- الانطلاق من امتلاك الحقيقة المطلقة وأن جماعتهم أو عصابتهم هى صفوة الجنس البشرى المختارة من السماء وساكينها التى ينبغى أن يخضع لهم أهل الأرض والسائرون فوقها، وهم لهم صاغرون مستسلمون وأن الحقيقة المطلقة الموهومة اكتشاف عبقرى لطليعة تلك الأصولية أو إلهام سماوى إلهى لمؤسس مذهبهم البغيض.

٢- شيطنة وكراهية كل الجنس البشرى الذين لم يتبعوا ذلك المذهب الشيطانى الذى يدعى امتلاك الحقيقة المطلقة أو فى أحسن الأحوال القول، بأنهم جاحدون للحقيقة المطلقة الخرافية، ولكنهم ينكرونها لمصلحة شخصية أو مرض نفسى أو خلل عقلى وتخلف ذهنى. 

٣- على الأصولى الخرافى، سواء شرقيًا أو غربيًا، دعوة البشرية للانضمام لفكرتهم المختلة المريضة، أو تكون العاقبة طردهم من جنة امتيازات العصابة الأصولية فى الأرض والسماء.

٤- بعد الطرد من جنة الأهل والعشيرة الأصولية يكون تطبيق فكرة البراءة من المختلف حول المطلقات الخرافية، وجعلهم من شياطين الإنس الذين ينبغى كرههم ولعنهم أطراف الليل وآناء النهار.

٥- بعد الكراهية واللعن والشيطنة وكذلك الفشل فى الإقناع بالحقائق الوهمية الخرافية البغيضة يكون دور الاستباحة والتحريض على العنف والفتك بالمختلف أو إرغامه على الخضوع، ودفع إتاوة وضريبة لصاحب الحقيقة المطلقة وأذنابهم الخاضعين له والمستسلمين للتنظيم الأصولى وتعاليمه.

٦- لا بد من مواجهة كل الجماعات والتنظيمات الأصولية كما تواجه هى الجنس البشرى كله، ومعرفة أن خطرها على الجنس البشرى أشد من خطر الأسلحة النووية لأنها هى ـــ لا الأسلحة ـــ من سيدمر البشرية بالعنف والكراهية.