رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاثوليكية تحيي ذكرى رحيل القديس البابا غريغوريوس السابع

الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية

تحيي الكنيسة الكاثوليكية، اليوم، ذكرى رحيل القديس البابا غريغوريوس السابع. 

إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني سيرته، قائلا: ولد هيلدبراند في حوالي عام 1020م، في سوانا جنوب توسكانا، لعائلة من الطبقة المتوسطة رباه عمه رئيس دير" القديسة مريم على الأفانتان" للبندكتيين الكلونيين" الذي اسسه القديس أودون. 

وتابع: هناك عرف القانون الرهباني وعايشه في أسمى بهائه وأنقى صفائه وفى عام 1049م عينه البابا لاون التاسع مستشاراً شخصياً له.

مضيفا: عند وفاة البابا اسكندر الثاني كان الإجماع على اسمه وكان هذا الإجماع بأغلبية الأصوات، فأصبح البابا في 22 إبريل عام 1063م أما عهد باباويته فسيكون بمجمله مجرد عهد كفاح في سبيل إصلاح الكنيسة.

ولقد سلكت الباباوية طريق هذا العمل الإصلاحي بوضوح وفعالية لا مثيل لها. 

وواصل: حدّد غريغوريوس السابع شروط هذا العمل الإصلاحي بمراسيم جازمة، ثم تابع تطبيقه في الغرب كله بواسطة رسلٍ غير اعتياديين وقد منحهم الصلاحيات من ضمنها صلاحية عزل وحرم الأساقفة المتمردين؛ كان البابا يشعر بالاغتباط كلما أبدى الملوك رغبتهم في التعاون؛ أما في حال حدوث العكس فكان يلجأ إلى الكفاح. 

وممّا هو معروف عنه أنه لم يكن متساهلاً: عندما كان الأمراء يشترون الرتب الكنسية ويستغلونها لإقامة إقطاعات علمانية (سيمونية وتقليد العلمانيين درجة اكليريكية)، كانت الكنيسة تجد نفسها مهددة لفترة قصيرة بالعلمانية وانعدام كل قيمة روحية وكل رسالة إنجيلية. إن عمل البابا كان يهدف بمجمله إلى تحرير وإصلاح الكنيسة؛ وتبريراً لهذا العمل.

وتابع: كان غريغوريوس يستند إلى الرسالة الإلهية الموكولة إلى البابا، خليفة بطرس ورئيس الكنيسة والمسؤول عن كل الأنفس ومن بينها أنفس الأمراء والأساقفة المتمردين. لم يكن له أي مطمع سياسي إطلاقاً وما صياغة مبادئ الديوقراطية الباباوية، كما ورد في مراسم البابا خاصة في الرسائل إلى هيرمان دوميتز، إن هو إلا تعداد للمبادئ التي ستسمح عملياً للبابا ـ وهو الرئيس الأوحد، لأن الأمراء يتهربون من كل مسؤولية ـ بتحقيق بناء مدينة الله إنه خلال السنتين اللتين تلتا انتخابه حاول فيهما غريغوريوس السابع أن يعقد اتفاقاً مع الأمراء إما تحفّظ وإما ترفض حتى أن كلوني رفض الالتزام به.

وواصل:  رأى البابا ذاته أنه سائر في طريق الخطأ، فقرر أن يتخذ وحده الإجراءات الكفيلة للسلامة العامة والتي لا غنى عنها وذلك بوضع المراسيم المتعلقة بالسيمونية وتسرّي الاكليريكيين، الصادرة منذ سنة 1074، والتي لم تأت بجديد، موضع التنفيذ، وخاصة المرسوم الذي يمنع العلمانيين منعاً قاطعاً من تنصيب أي من الاكليروس بوظيفة ويقضي بحرم الأساقفة الإيطاليين أو الألمان المتمردين وهذا المرسوم صدر سنة 1075. 
 

وتابع: لقد وقع هنري الرابع بخدعة دبّرها له جماعة من الأساقفة الذين تصوبت إليهم تلك المراسيم الإصلاحية، وأغروا الملك: ماذا يبقى للإمبراطور الملك الذي انتزع منه حق تعيين البابا أو حتى تثبيت انتخابه، أو إذا أسقط حقه في تعيين وتنصيب الأساقفة الذين يسيطر معظمهم على إقطاعات إمبراطورية هامة والذين هم كونتات للمدينة مركز أسقفيتهم؟.
 

مضيفا: وأعلن مجمع ورمس سنة 1076 أن هيلدبراند هو بابا زور، ودعا الإمبراطور الرومان إلى استبداله بآخر. أما الجواب البابوي على ذلك فكان حرم الملك؛ ومما ساعد في ذلك هو أن القسم الأكبر من الأساقفة الألمان ومن الأسياد العلمانيين ذوي الشأن هو منفصل عن هنري الرابع. دعا البابا إلى عقد مجمع إمبراطوري في اوغسبورغ لتسوية الشؤون الألمانية، وبمعنى أصح هو لانتخاب ملكٍ جديد، فاتجه هو شخصياً إلى ألمانيا. اتخذ عند ذلك هنري الرابع قراراً قد ينقذه وقتياً وهو الإجتماع بالبابا قبل أن تكون ألمانيا قد انتخبت ملكاً جديداً. 

وتابع: تمّ اللقاء كما هو معروف في كانوسّا القلعة العائلية لعظماء (مراكيز) توسكانا، توقف البابا فيها، وقد أمنّت له الحماية الكونتيسة الكبيرة ماتيلدا، وأقام فيها هوغ رئيس دير كلوني وعراب الملك هنري الرابع؛ ونرى أن الملك قد حضر أمام البابا وهو بثوب التائب (لأنه كان محروماً). فما كان من البابا إلاّ أنه صالح الملك المحروم مع الكنيسة، بناء لرغبة الكونتيسة والآباتي هوغ رئيس دير كلوني، بيد أن المشكلة السياسية بقيت بدون حل، إنما المصالحة المدهشة هذه كانت انتصاراً لهنري الرابع.


لم يكن لمصالحة كانوسّا من معنى إلا إذا احترم هنري الرابع للمراسيم المتعلقة بالسيمونيا وبتقليد العلمانيين درجات اكليريكية، لكنه لم يفعل شيئاً من هذا فحرم مرة ثانية وخلع عن العرش؛ فعينّ الملك الإمبراطور هذه المرة بابا زور، هو غيبير دي رافينا، مستشاره في إيطاليا، والذي اتخذ اسم: "اكليمنضوس الثالث. استطاع هنري الرابع أن يحتل روما هناك توجه البابا الذي عينّه هو إمبراطوراً عليها، فيما كان غريغوريوس السابع ملتجئاً في قلعة سانت انجلو، ثم حرره النورمنديون أتباع روبير غيسكار، وقد اغتنموا فرصة قيامهم بهذا العمل الصالح لينهبوا المدينة. 

مختتما:ثم رحل البابا غريغوريوس يوم 25 مايو عام 1085م فى مدينة ساليرنو بإيطاليا  وأعلنت قداسته عام 1726م على يد البابا بنديكتوس الثالث عشر.