رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة أزمة «البوركيني».. قضية يفجرها النائب يحيى الفخراني

مايوه بوركيني
مايوه بوركيني

تسببت تصريحات النائب الفنان يحيى الفخراني الأخيرة داخل مجلس الشيوخ في إعادة جدلًا يُثار سنويًا في مصر، وهو الجدل الواقع بشأن المايوه الشرعي "البوركيني"، إذ وصف الفنان والنائب يحيى الفخراني البوركيني بأنه "مخجل أكثر من المايوه" بحسب وسائل إعلام محلية، وأردف "الفخراني" في حديثه داخل المجلس قائلً:ا "زوجتي خجولة، وعندما ارتدت البوركيني قالت إنه يكشف أكثر لأنه ملتصق جدًا بالجسم".

تصريحات الفخراني جاءت خلال اجتماع للجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشيوخ، والذي تناول مناقشة مقترح يسمح بارتداء البوركيني دون أي قيود تفرضها الفنادق أو المنتجعات التابعة لوزارة السياحة المصرية.

ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتسبب فيها المايوة البوركيني في اندلاع حالة الجدل بين مؤيد لارتداؤه ومعارض، 
إذ كانت آخر تلك وقائع ما واجهه مؤخرًا قرار رئيس بلدية غرونوبل الفرنسية بالسماح للمسلمات بارتداء البوركيني في المسابح العامة من معارضة شديدة من جانب الحكومة، إذ طالب وزير الداخلية بالتصدي قانونياً للوائح الجديدة، واصفاً إياها بأنها "استفزاز غير مقبول"، وقال إنه سيسعى لتغيير قرار اعتمدته مدينة غرونوبل من شأنه أن يسمح للنساء بارتداء البوركيني في المسابح البلدية.

بينما دافع رئيس بلدية جرونوبل، إريك بيول، وهو أحد أبرز السياسيين الخضر في البلاد ويقود ائتلافا يساريا واسعّا، عن تحرك البلدية وقال: "كل ما نريده هو أن يتمكن الرجال والنساء من ارتداء ما يريدون"، ولا تُعد غرونوبل أول مدينة فرنسية تغير قواعدها، إذ قامت مدينة "رين" في شمال غرب البلاد بهدوء بتحديث لوائح المسابح في عام 2019 للسماح بارتداء "البوركيني" وأنواع أخرى من ملابس السباحة.

أما في مصر فقد حدثت العام الماضي الواقعة الشهيرة لابنة الدكتوة هبة قطب “دينا هشام” التي سميت بفتاة البوركيني، وذلك عند مُنعت من نزول حمام سباحة في كومباوند بـ«المايوه الشرعي"، وهو ماجعلها تخرج عبر مقطع فيديو، على موقع "إنستجرام"، تشكو منعها من نزول حمام السباحة بمايوه المحجبات "البوركيني"، وهي تنهار من البكاء، واقترب عدد مشاهدات الفيديو الخاص بها حينها، إلى مليون مشاهدة وآلاف التعليقات.

وقالت دينا عن المايوه "ده سعره غالي وماركة، وتمنه 400 دولار، ورغم كده قالوا المايوه خامته هتبوظ البيسين، رغم أني عشت في دول خارجية، ولم أرى هذا على الإطلاق".

و"البوركيني" هو نوع من ملابس السباحة التي صممتها الأسترالية ذات الأصل اللبنانية عاهدة زناتى، وهو عبارة عن بدلة سباحة تغطي كامل الجسم عدا الوجه واليدين والقدمين، وهي مطاطية بما يكفي للمساعدة في السباحة، وقد لاقت رواجاً كبيراً مؤخرا لدى عدد من المحجبات.

وقد تعددت الأسباب التي أُعلن أنها وراء رفض بعض الفنادق وكذلك المصطافين لارتداء البوركيني، وكان أحدهم أنه أنه لا يتناسب والمشهد العام في المنتجعات الراقية والمسابح، باعتقاد أنه يمثل فارق في الطبقات الاجتماعية، بينما أُعلنت بعض الأسباب الأخرى لرفض البوركيني من قِبل البعض بأنه في الغالب يكون مصنوعًا من القطن مما يثقل الحركة، ويسبب عدم الراحة بالحركة، كما كانت هناك بعض الأقاويل الأخرى حول تسبب البوركيني في نقل الأمراض مثل "الكورونا" وغيره.

وردًا على هذه الأقاويل أوضح حسن كمال، رئيس اللجنة الطبية الأوليمبية، والمشرف على تخصص الطب الرياضي في المركز القومي للبحوث، في تصريح سابق، أن هناك بعض المواصفات الصحية للمايوه الجيد، سواء القصير أو الطويل، لتجنب شراء مايوهات من خامات غير صالحة للسباحة.

وقال: "لا توجد علاقة بين المساحة التي يغطيها المايوه وبين كفاءته ونوعه وتأثيره على المحيطين، موضحًا أنه توجد رياضيات كثيرات يفضلن المايوهات ذات الكم الطويل أو البنطلون الطويل، وتابع أن القطن من المواد الداخلة في صناعة المايوهات الترفيهية (المرتفعة الثمن) ولكن ليس في الرياضة التنافسية رغم صغر مساحته. 

وأِشار إلى أن الأنواع الأخرى من المواد المستخدمة في المايوهات هي البوليستر والنايلون والقطن والصوف، لكن من عيوب القطن أن مسامه متسعة مما يسبب تجميع الماء وثقل وزنه والتصاقه في الجسم، وهذا سبب عدم تفضيله عند البعض وتفضيله عند البعض الآخر. 

وتابع بقوله إن الشركات العالمية بدأت في تصنيع مايوهات لتغطية الجسم كاملا أو جزئيا، ويستخدم لها اسم موديست سويم سوت، وبشكل عام الموديست سويم سوت تستخدم في حالات الرغبة في تغطية جزء أو كل الجسم في حالات مختلفة مثل الأمور الدينية، الحساسية المفرطة في الجلد، الرغبة في اخفاء الجسم لعوامل نفسة أو طبية وأخيرا رؤية الشخص لنفسه مع إذ ان هناك  بعض الرجال يستخدمون المايوه الذي يغطي الجسد أيضا أحيانا.

وأكد أن أمراض حمام السباحة مرتبطة بالنظافة الشخصية للأشخاص وليس للملابس، لذلك أوضح أن الأهم من تقييم نوع المايوه هو فرض الاستحمام جيدًا قبل النزول على جميع مستخدمي حمام السباحة، ومنع نزول الأطفال بالحفاضات لأنه من الأسباب المثبتة للأمراض.

أما بالنسبة لانتقال الكورونا من حمامات السباحة فهو غير وارد في حالة تعقيم الحمام بالكلور بشكل صحيح، لكن الخطورة الوحيدة في حالة ازدحام حمامات السباحة وعدم وجود مسافات واسعة بين الأشخاص وفي هذه الحالة يجب على الشخص تجنب النزول فورا.

وأضاف أن مواصفات المايوه الجيد بشكل عام ويشمل القصير منها والطويل بما في ذلك غطاء الرأس أن يكون مقاوم للكلور، وواقي من أشعة الشمس فالمايوهات لها أرقام مثل أرقام كريمات الشمس ويفضل 50 على الأقل، كما أن يكت سريع الجفاف، قابل للتمدد (سترتش).

وأردف أنه في المايوهات الطويلة يجب أن يكون هناك تبطين خاص في الأطراف وأحزمة تثبيت للمايوهات أكثر من قطعة، وأخيرا غطاء الرأس يجب أن يكون من نفس نوع مادة المايوه ويفضل أن يكون متصلا به.

أما الدكتور محمود مُسلم رئيس لجنة الثقافة والأثار والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ، أكد أنه من الضروري الحفاظ على الاشتراطات الصحية والبيئية فى الخامة المصنوع منها البوركيني، موضحًا أن "الأصل هو السماح لكل مواطن بارتداء ما يريده"، كما شدد على ضرورة احترام الأعراف والتقاليد، مع مراعاة الاشتراطات الصحية والبيئية وتوضيحها للعميل من خلال المنشأة الفندقية.

كذلك قالت غادة شلبي، نائب وزير السياحة: “مشكلة البوركيني تظهر من وقت لآخر، وأن كلام بعض القرى السياحية يضعوا شروط  للحفاظ على طابع وشكل محدد للقرية”، مضيفة "نتابع الشكاوى ولا يتم رفض عميل بسبب الملابس أو ملابس الغوص، كما أشارت إلى ضرورة نشر الإرشادات والاشتراطات ليلتزم المواطنين بها وليعلموا حقوقهم وواجباتهم.

جديرًا بالذكر أنه قد صدر قرار يعترف بالبوركيني من اتحاد الغرفة السياحية، إلا أن مازال الخلاف يشتعل كل عام مع بداية كل فصل الصيف.

ومن الناحية الدينية اختلف علماء الدين حول حكم ارتداء البوركيني الذي نسب إلى الشرع، فأصبح "مايوه شرعي" إذ أفتى بعضهم بحرمة ارتدائه لكونه يصف ويحدد جسد المرأة، مما ينفي عنه صفة الحجاب الشرعي الذي لا يصف ولا يشف، في حين ذهب البعض الآخر إلى جواز ارتداء مثل هذه الأنواع من ملابس البحر في الشواطئ المخصصة للنساء، وضمن ضوابط معينة ومشددة.

وفي فتوى صادرة عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ردًا على تساؤل عن حكم المايوه الشرعي للمحجبات، أوضحت اللجنة أن لباس المرأة المسلمة له شروطه وضوابطه التي يجب عليها الالتزام بها في أي لباس تلبسه عند خروجها من بيتها، أو بوجود أجنبي ولو في داخل بيتها.

وأضافت لجنة الفتوى أنها لا يصح أن يطلق على المايوه الشرعي هذا الاسم، إلا في حال انطبقت عليه المواصفات الشرعية، كما أكدت اللجنة أن المايوه الضيق والشفاف، هو أبعد ما يكون عن الشرع.