رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاصم شكر مسئول تحلية مياه البحر بـ«القابضة للشرب»: إنتاجنا سيصل إلى 1.4 مليون متر العام المقبل

عاصم شكر
عاصم شكر

كشف اللواء عاصم شكر، مسئول ملف تحلية مياه البحر فى الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، عن أن إنتاج مصر من المياه المحلاة زاد منذ ٢٠١٤ حتى الآن بمقدار ١١ ضعفًا، من ٨٠ ألف متر مكعب يوميًا، لـ٩٢٠ ألف متر مكعب، مؤكدًا: «سنصل لـ١.٤ مليون متر مكعب بحلول منتصف العام المقبل».

وقال «شكر»، فى حوار مع «الدستور»: «لدينا خطة استراتيجية لمدة ٣٠ سنة، تستهدف إنتاج ٩.٢ متر مكعب يوميًا، باستثمارات تقدر بـ١٠٠ مليار دولار»، مؤكدًا أن اللجنة الموحدة لتحلية مياه البحر، التى تشكلت بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ستعمل على إدارة المنظومة بالشكل الأفضل، وتقليل تكلفة إنتاج المتر المكعب.

■ بداية.. ما مستجدات العمل بملف تحلية مياه البحر؟

- الدولة اهتمت بملف مياه الشرب من خلال التركيز على ٦ محاور، الأول متعلق بتخصصنا، وهو التوسع فى إنشاء محطات التحلية وجرى وضع خطة استراتيجية فى هذا الشأن حتى سنة ٢٠٥٠.

أما المحور الثانى فهو العمل على تحديث نظم الرى والزراعة، مثل عمليات تبطين الترع لتوفير المياه والحفاظ عليها بالشكل الأمثل والتى تنفذها وزارة الرى، والثالث هو محور التوسع فى استغلال المياه الجوفية، والرابع هو استغلال مياه الأمطار والسيول، بعدما أصبحت مصر تستقبل أمطارًا كثيرة، بسبب التغيرات المناخية، فيمكننا تحويل الكوارث إلى موارد، عبر تخزين هذه المياه فى الأرض بواسطة مخرات السيول.

والمحور الخامس هو ترشيد استهلاك المياه وعدم تلويث مصادرها، وهذه مسئولية يجب أن يتحملها كل مواطن، والمحور الأخير هو إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصناعى، لتستخدم فى أمور أخرى غير الشرب.

فى الماضى كنا نسمى عملية تنقية مياه الصرف «التخلص الآمن من مياه الصرف»، وأصبح هذا التعبير لا يناسب العصر الذى نعيشه، لأنه لا بد من أن يُعاد استخدام هذه المياه مرة أخرى، فى أغراض مثل الزراعة غير المثمرة والرى.

■ كم بلغ حجم إنتاجنا من المياه المُحلاة؟ وكم تكفى من المواطنين؟

- خلال عام ٢٠١٤ كانت كمية المياه المحلاة الصالحة للشرب التى تنتجها الدولة حوالى ٨٠ ألف متر مكعب فى اليوم، وبعدما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية الدولة، كلف بحل مشاكل كثيرة متعلقة بمياه الشرب، مثل نقصها فى المناطق الساحلية والمدن الجديدة، فجرى إنشاء العديد من محطات التحلية الكبيرة.

ومن المحطات التى جرى إنشاؤها: محطة الجلالة ومحطة العلمين الجديدة ومحطة شرق بورسعيد ومحطة اليسر والمحطة التى تُنشأ حاليًا فى العريش، وهناك محطة فى الطور ومحطات فى جنوب سيناء وفى العديد من المناطق الساحلية فى الجمهورية، بطاقة تصل لحوالى ٩٢٠ ألف متر مكعب فى اليوم.

وهذا يعنى أن الإنتاج زاد أكثر من ١١ ضعفًا خلال السبع سنوات الماضية، وجارٍ إنشاء حوالى ١٤ محطة، بطاقة إنتاجية تقدر بحوالى ٥٢٠ ألف متر مكعب فى اليوم، وسنصل فى منتصف ٢٠٢٣ على أقصى تقدير، لـ١.٤ مليون متر مكعب من المياه المحلاة، وهو نتاج جهد كبير جدًا بذلته الدولة لحل مشكلة مياه الشرب.

وأود أن أشير إلى أننى تشرفت بانضمامى لوزارة الإسكان، كنائب لرئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، اعتبارًا من أكتوبر ٢٠١٩، وبعد شهرين تقريبًا كلفنى وزير الإسكان بإعداد خطة استراتيجية لتحلية المياه، وبالطبع نعرف جميعًا أن تحلية مياه البحر أمر له بعد استراتيجى، لأن مواردنا المائية محدودة، ونواجه زيادة سكانية بمعدل ٢.٥٪ سنويًا.

ووفقًا للتوقع المتفائل سنصل لـ١٦٠ مليون مواطن بحلول ٢٠٥٠، أى أن لدينا تحديَين كبيرين، الأول هو معدل الزيادة السكانية الكبيرة، والتحدى الثانى هو أن هناك خطة تنمية شاملة فى كل الدولة، فى جميع نواحى الحياة، والتنمية الشاملة لن تكون دون توفير المياه، فهى مطلوبة فى الزراعة والسياحة والصناعة والإسكان.

■ وما تفاصيل الخطة المستقبلية؟

- نعمل وفق خطة استراتيجية تمتد على مدار ٣٠ عامًا، وهى الاستراتيجية التى كلفنى وزير الإسكان بوضعها.

وهذه الخطة ترصد أن عدد المصريين سيصل إلى ١٦٠ مليون مواطن بحلول ٢٠٥٠، وتحاول إيجاد حل لأن المياه حاليًا لا تكفينا، وهذا تحدٍّ كبير، بخلاف تحدى توفير مياه للمدن الساحلية الجديدة.

وهناك مدن بدأ العمل فيها لتوفير المياه عبر إنشاء محطات تحلية، مثل السلوم وسيدى برانى والنجيلة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة ورشيد الجديدة.. كلها مدن على السواحل.

لا بد من توفير مصدر شرب فى كل مدينة ساحلية، لأن مياه النيل غير كافية لتصل لهذه الأماكن.

■ كم يتكلف إنتاج متر مكعب من مياه الشرب المحلاة؟

- التكلفة عالية بالطبع، لأنها تشمل عملية التحلية وعملية النقل، والدولة تتحمل كل ذلك، لأنها لا تزال تدعم مياه الشرب للمواطن.

تحاسب الدولة المواطن الذى يقيم فى القاهرة بنفس الطريقة التى تحاسب بها المواطن الذى يقيم فى السلوم، رغم أن تكلفة المياه تختلف من مكان لآخر.. وحرصت الدولة على ضخ استثمارات ضخمة لتوفير المياه للناس.

وأؤكد أن المحطات التى أنشاتها الدولة خلال الأربع سنوات الماضية فقط، ستنتج ٥٢٠ ألف متر مكعب، بتكلفة تقدر بحوالى ١٠ مليارات دولار، شاملة تنفيذ محطات رفع وخطوط نقل مياه التحلية.

وعندما نتحدث عن خطة الـ٣٠ سنة المقبلة، فنحن نستهدف الوصول لطاقة إنتاجية ٩.٢ مليون متر مكعب من المياه المحلاة فى اليوم.. نتحدث عن استثمارات تقدر بـ١٠٠ مليار دولار.

■ هل لدى مصر عمالة مؤهلة للعمل فى هذا المجال؟

- نعم، وأغلبهم من الأفراد الذين أدوا الخدمة العسكرية، عملوا خلال فترة التحاقهم بالقوات المسلحة فى مجال تحلية المياه.

القوات المسلحة هى التى أدخلت هذه التكنولوجيا لمصر فى البداية، للأغراض العسكرية فى المناطق النائية، ومعظم العمالة الفنية الماهرة فى هذا المجال كانت تخرج من القوات المسلحة، وعددهم فى السوق ليس كبيرًا، وهو تحدٍّ واجهنا عندما قررنا أن ننشئ محطات من هذا النوع.

■ هل يستثمر القطاع الخاص فى تحلية المياه؟

- نفكر حاليًا فى إمكانية أن تطرح وزارة الإسكان مشروعات كهذه على القطاع الخاص، الوطنى والأجنبى، ليدخل المستثمر المحلى مع المستثمر الأجنبى فى شراكة لإنشاء هذه المحطات.

وحينها ستقدم الدولة الأرض مجانًا للمستثمر، كحق انتفاع وليس للتملك، ويمول المستثمر المحطة لبنائها وتشغيلها، مقابل أن تعقد معه الدولة ممثلة فى وزارة الإسكان اتفاقية لشراء المياه لمدة ٢٥ سنة، مع تحديد سعر المتر المكعب.

■ كم سيصل سعر شراء الماء من القطاع الخاص؟ 

- لم نتفق على السعر بعد، فالأمر ما زال فى طور المناقشة، لكننا نحاول بكل السبل تخفيف أعباء الدولة.

تقدمت ٧٠ شركة عالمية حتى الآن لتستثمر فى هذا المجال، لأن مصر أصبحت سوقًا مهمة فى مجال مياه الشرب والصرف الصحى، بعد المبادرة العظيمة التى أطلقها رئيس الجمهورية، وهى مبادرة «حياة كريمة».

■ ما الدول التى تنتمى لها هذه الشركات؟

- اليابان وكوريا فى شرق آسيا، ودول أخرى كثيرة، وأود أن أذكر بالمؤتمر الذى انعقد منذ ٣ أشهر مع الملحق التجارى المصرى فى طوكيو، وطلب منا حينها عقد مؤتمر بالفيديو كونفرانس مع وزارة الإسكان لمناقشة موضوعين مهمين، الأول هو مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس السيسى، والموضوع الثانى هو مجال تحلية المياه.

ثم فوجئنا بالملحق التجارى فى السفارة المصرية فى طوكيو يبلغنا بأن هناك ١٠٠ شركة تهتم بالمؤتمر.

تحدثنا عن موضوع التحلية، وشرحت الخطة الاستراتيجية المستقبلية للدولة، وكانت الشركات حريصة على معرفة نجاحات مصر فى هذا الملف، وعلمنا أن إدارات هذه الشركات ترغب فى الاستثمار فى مصر، بالشراكة مع الدولة.

وأؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى مهتم جدًا بملف التحلية ومعالجة المياه بصفة عامة، ووجه بتشكيل لجنة موحدة لتحلية المياه، الهدف منها وضع ضوابط وأسس لإنشاء محطات التحلية فى الدولة.

اجتمعت اللجنة كثيرًا، برئاسة مستشار رئيس الجمهورية للتنمية العمرانية، وحددت العديد من الضوابط، منها أن يكون إنشاء محطات التحلية وفقًا لأحدث تكنولوجيا، وبشكل يستهلك القدر الأقل من الطاقة، على أن تعتمد هذه المحطات على الطاقة الجديدة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لمراعاة الاشتراطات المناخية، وهناك ضوابط للاستثمار أيضًا.

■ كيف تنجح مصر فى توطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر؟

- عن طريق تدريب العمالة المصرية ورفع مستواها لتستطيع التعامل مع هذه التكنولوجيا الحديثة، لنصل بعد فترة للقدرة على التشغيل والتصميم والإنشاء، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى.

■ كيف ستدعم الدولة المياه المحلاة للمواطنين؟

- تكلفة إنتاج متر مياه محلاة تصل لـ١٠ جنيهات، وتكلفة النقل تصل لـ٣ جنيهات، ومع إضافة رسوم يصل السعر الفعلى لنحو ١٥ جنيهًا.

ورغم هذه التكلفة المرتفعة، لا تزال الدولة تدعم المياه بنفس سعر الشرائح المعروفة، بدءًا من جنيه ونصف الجنيه، حتى جنيهين حسب الشريحة.

المتوسط هو جنيهان للمتر المكعب، وهذا يعنى أن الدولة تتحمل نحو ١٣ جنيهًا فى كل متر مكعب من المياه فى بعض الأماكن.. الدولة تنفق مليارات لتوفير المياه للمواطنين.

وأود أن أشير إلى أنه من بين أهداف اللجنة الموحدة للتحلية، تقليل تكلفة إنتاج المياه المحلاة.

■ ما الذى سيدفع الشركات الأجنبية للاستثمار فى هذا القطاع؟

- هناك إقبال من الشركات، لأننا ذللنا العقبات التى كانت موجودة أمام المستثمرين، لتقليل التكلفة، من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية، وأنشأنا محطات مركزية لزيادة الإنتاج، اعتمادًا على مصادر طاقة جديدة أو متجددة.

يحصل المستثمر على قرض، بخدمة دين قليلة، وبعدما يستثمر أمواله سينخفض سعر إنتاج المياه.

ونأمل فى أن يتحسن الوضع عقب انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، حتى نصل إلى المعدلات المستهدفة.

ما أهم الإنجازات التى جرى تحقيقها منذ 2014 حتى الآن فى هذا الملف؟

- قبل ٢٠١٤ كانت أكبر محطة تحلية تنتج ١٥٠٠ متر مكعب/ يوم، وبعدما أصدر الرئيس السيسى توجيهاته جرى إنشاء محطات (الجلالة ١٥٠ ألف متر مكعب/ يوم) و(اليسر ٨٠ ألف متر مكعب/ يوم) و(الطور بجنوب سيناء ٣٠ ألف متر مكعب/ يوم) و(شرق بورسعيد ١٥٠ ألف متر مكعب/ يوم) و(العريش ١٠٠ ألف متر مكعب/ يوم).. وعندما زاد الإنتاج قلت تكلفة إنتاج المتر المكعب الواحد.

وأود أن أشير إلى أن تكلفة العمالة والتشغيل لمحطة تنتج ٥ آلاف متر مكعب/ يوم، هى نفس التكلفة لتشغيل محطة تنتج ١٠٠ ألف متر مكعب/ يوم، فمعدل تشغيل الفرد أو الأفراد فى أى محطة واحدة، لن يزيد، أى أن العامل من عوامل تخفيض التكلفة.