رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمانة.. سر النجاح

يُحكى أن أميراً شاباً كان يريد الزواج من فتاة على قدر من الأخلاق، فأمر بإصدار مرسوم ملكي يطلب فيه من كل شابة ترغب في أن تكون عروساً له الحضور إلى القصر الملكي البديع يوم غدٍ في تمام الساعة الثامنة صباحاً.

جاء اليوم الموعود، واحتشدت الفتيات في ساحة القصر كل في أبهى طلة لها، ووقف الأمير وحيّاهن ونادى بهن، وأخبرهن بأنه سيعقد مسابقة ستتوج مَن تفوز فيها ملكة على عرش قلبه، وبأنه سيعطي كل فتاة منهنّ حوض زراعة فيه بذرة، وطلب من كل واحدة منهنّ أن تعتني بهذه البذرة بطريقتها على أن تعود إلى هنا بعد شهر من اليوم.

أخذت الفتيات أصص الزرع وغادرن متفاجآت بهذه المسابقة الغريبة، وكانت من هذه الفتيات فتاة جميلة تُدعى مريم، واظبت مريم على سقاية بذرتها وعنايتها بجدٍ لكنها لم تلاحظ نموها طوال الشهر أبداً، فقررت أنها لن تذهب إلى القصر يوم غد لأن بذرتها لم تنمو، إلّا أنّ والدتها أقنعتها بضرورة الذهاب، خاصة أنها بذلت كل ما يمكنها من مجهود للعناية بهذه البذرة.

ذهبت مريم إلى القصر بحوضها الخالي من النبات، وكلها خجل وهي ترى ما تحمله الفتيات من نباتات مختلفة الأشكال والألوان بأيديهنّ.

همّت مريم بالعودة إلى البيت والدموع تغالبها إلّا أنّ الوزير الذي كان يتجوّل في الساحة طلب منها أن تصعد معه إلى المنصة لتقابل الأمير، ذُهلت مريم وصعدت معه مضطربة إلى المنصة، حيّاها الأمير وقال: لقد أمرت الوزير بإعطاء كل فتاة منكن حوض زراعة فيه بذرة فاسدة، لأرى ما ستفعلن بها، فاستبدلنها ببذرة أخرى للفوز بالمسابقة، إلّا أنّ مريم هي الوحيدة التي منعتها أمانتها من فعل ذلك، فأبقت الحوض على ما هو عليه.

وعليه، أعلن الأمير فوز مريم بالمسابقة وطلبها للزواج منه وسط ذهول الفتيات المخادعات جميعاً.

تلخص القصة أن الأمانة هي العملة النادرة التي يبحث عنها الجميع، فالزوجان يبحثان كل منهما عن شريك حياة أمين، وصاحب العمل يبحث عن موظف أمين، والمستثمر يبحث عن شريك أمين، وهكذا الجميع يبحث عن أمانة الصداقة، وصدق الأمانة، فالإنسان الأمين في الفعل والكلمة سيكون محل ثقة وتقدير واحترام من الجميع، فربما تملك منصبًا أو نفوذًا أو أموالًا، ولكن تبقى الأمانة هي الأقوى تأثيرًا في التعاملات اليومية بين البشر.

علِّم ابنك كيف يكون أمينا، حتى يكون ناجحا، فقصة سيدنا يوسف خير دليل على ذلك، فأمانته في بيت فوطيفار، رئيس الشرطة، وعدم انزلاقه في الخطية مع زوجته، جعلته أمينا وحاكما على كل خزائن مصر.