رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار الوطنى المطلوب

"لاتعددية بدون احزاب ولا أحزاب بدون ديمقراطية". بعد معرفة وبعد تطور العلوم السياسية فى العالم عرفت السياسية السلطات والفصل بينها. كما أنه لا يستقيم العمل السياسى بدون وجود حزب للموالاة وأحزاب للمعارضة وذلك تفعيلا للرأى والراى الآخر، وحتى يكون رأى المعارضة "الآخر" هاديا ومنيرا ومرشدا فى اتخاذ القرار لصاحب الأغلبية وصاحب القرار. كما أن المشاركة فى اتخاذ القرار السياسى عن طريق تفعيل الرأى والرأى الآخر هى الطريق الصحيح لتغليب التوافق الوطنى حول الأسس الرئيسية والرؤية الشاملة التى تستهدف صالح الوطن والمواطن.

هنا تصبح دعوة الرئيس السيسى لبداية الحوار الوطنى هامة ومهمة خاصة فى ظل الظروف غير الطبيعية والطارئة التى تمر بها مصرنا الغالية والعزيزة.

نعم قد تأخر النظر فى تفعيل السياسة والعمل السياسى، وذلك للظروف التى مر بها الوطن بعد ٢٥ يناير، وخاصة بعد وصول الجماعة لحكم مصر فى ظل ظروف غير طبيعية ولا علاقة لها بالسياسة أو الديمقراطية، ولكن كان الاستغلال العاطفى لحالة التدين المصرى التى قد أصبحت جزءا مهما من تركيبة الهوية المصرية بكل مكوناتها.

فكانت ٣٠ يونيو وما تبعها من تهديدات من جانب الجماعة التى تم تجسيدها على الأرض فى عمليات إرهابية، سواء فى سيناء أو فى الداخل المصرى. مما أوجد خللا أمنيا وانهيارا اقتصاديا أوجب أن يتم التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية فى المقام الأول تأجيلا لتفعيل الحياة السياسية والحزبية. فوجدنا نظاما انتخابيا لم ينتج تمثيلا حقيقيا وصحيحا لكل القوى السياسية والحزبية.

لذلك وجدنا وبعد القضاء على الإرهاب وبعد عودة الأمن والأمان للوطن وفى ظل النتائج المترتبة على جائحة كورونا وعلى الحرب الروسية الأوكرانية التى اجتاحت وستظل تجتاح العالم الشىء الذى أثر بالتالى على الاقتصاد المصرى فزادت المشكلة الاقتصادية تفاقما. هنا كان من الطبيعى والمنطقى أن يدعو السيسى إلى هذا الحوار الوطنى تحت شعار "أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية".

نعم فالخلاف فى الرأى هو علامة صحة ودليل مشاركة وعربون مصالحة يصب فى صالح الجميع. وهنا ومن باب المصالحة والمصارحة المطلوبة، الآن، والتى يحتاجها الوطن لا بد أن يعلم الجميع أن الظروف الآن لا تحتمل أن يكون هذا الحوار مثل كثير من الحوارات التى تمت فى السابق وفى عهد السادات أو مبارك وكانت تنحو إلى المظهرية والشكلية لإرسال رسائل للخارج أو الداخل دون الاقتناع بالحوار وأهميته.

وكان ذلك وللأسف لا يزال يمثل شبه منهج للأوصياء على الإعلام بكل وسائله ظنا خاطئا منهم أن هذا يرضى الحاكم، الآن وفى إطار كل الظروف لا بد للجميع أن يعلم علم اليقين أن الحوار لا بد أن يكون حوارا حقيقيا يعبر فيه الجميع، أقول الجميع، بلا استثناء غير الذين لا يؤمنون بالوطن ولا يعرفون غير رفض الآخر أى آخر . فهل سنرى وسائل الإعلام سوف تفتح أبوابها للرأى الآخر المعارض؟

والمعارضة هنا فى تعريفها العلمى والسياسى ليست المعارضة من أجل المعارضة كما يشاع تسفيها للمعارضة.

ولكن المعارضة هى وجهة النظر المقابلة لوجهة نظر النظام الحاكم من خلال رؤية ومنهج سياسى وحزبى.
نعم الحوار المطلوب لا بد أن يكون حوارا شاملا جامعا لكل قضايا الوطن فى كل الاتجاهات مما يعنى أنه لا بد أن يكون هناك دورا للمتخصصين.

نعم. ولكن أرى أن الأهم قبل ذلك هو ذلك الحوار الذى لا بد أن يتم مع المواطن المصرى بكل فئاته وتصنيفاته، خاصة ذلك المواطن الذى دفع الثمن غاليا فى فاتورة الإصلاح الاقتصادى حتى لا يزال يدفع والآخر يأخذ. الحوار مع المواطن وفى كل الأماكن، القرية والمركز والمحافظة، هو الحوار الحقيقى الذى سيهدى المتخصص ويهدى صاحب القرار للوصول إلى قرارات صائبة تجد قبولا لدى المواطن حتى يقبل ويشارك فى المسئولية التى تصبح مسئولية تشاركية للجميع. هنا ليس بالضرورة أن يشارك كل مفكر وكل سياسة فى الحوار المركزى بشكل مباشر، ولكن هناك وسائل التواصل وهنا الوسائل الإعلامية وعلى الجميع أن يدلى بدلوه لصالح الوطن والمواطن بعيدا عن المزايدات الشخصية والمصلحة الذاتية أو الحفاظ على التواجد بين نخبة مطلوب أن تجدد نفسها وأفكارها.

وسنواصل إن شاء الله طرح وجهات نظرنا فى هذا الحوار، حمى الله مصر وشعبها العظيم.