رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلام وأرقام فى الاقتصاد

 

للمرة الرابعة، خلال أزمة «كورونا»، قررت مؤسسة «فيتش» تثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند «+B»، مع نظرة مستقبلية مستقرة. غير أن هذا القرار لن يحسم الجدل، الذى أثارته تصريحات مديرة صندوق النقد الدولى، الأربعاء الماضى، عن الاقتصاد المصرى، التى لم تكن غير كلام مرسل، حمل المعنى وعكسه، وانتقى المتفائلون من عباراته المتخاصمة ما يدعم تفاؤلهم، بينما ركز المتشائمون، أو المتربصون، على عدة كلمات تجعلك تعتقد أن الخراب المستعجل ترك الجمل لـ«خيبة الأمل» وركب بساط الريح أو الصاروخ!

تتعاون مصر مع كل الشركاء الدوليين والمؤسسات الدولية، لضمان اتساق السياسات والإصلاحات المتبعة مع أفضل الممارسات والتجارب الدولية. وخلال السنوات الست الماضية، لجأت إلى صندوق النقد الدولى ثلاث مرات: اقترضت ١٢ مليار دولار فى إطار برنامج تسهيل الصندوق الممدّد، فى نوفمبر ٢٠١٦، و٢.٨ مليار دولار باتفاق أداة التمويل السريع فى مايو ٢٠٢٠، و٥.٢ مليار دولار بموجب أداة اتفاق الاستعداد الائتمانى فى يونيو ٢٠٢٠. وبغض النظر عن تصريحات الأستاذة «كريستالينا جورجيفا»، فإن الصندوق رفع توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصرى من ٥.٦٪ التى توقعها فى تقرير «آفاق الاقتصاد العالمى»، الذى أصدره فى يناير الماضى، إلى ٥.٩٪ فى التقرير الصادر منذ أيام. 

بصورة منتظمة، كانت الدولة المصرية تتواصل وتتشاور مع الصندوق، منذ انتهاء البرنامج السابق معه بنجاح، بهدف التوصل إلى اتفاق جديد للدعم والمشورة الفنية، يساند خطط الإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل، التى أشاد بها العدو قبل الصديق، وجعل مصر تحتفظ بثقة أكبر ثلاث مؤسسات تقييم دولية: «ستاندرد آند بورز»، «موديز»، و«فيتش» خلال فترة من أصعب الفترات التى شهدها الاقتصاد العالمى. كما تقول الأرقام إنها سجلت أعلى معدل نمو نصف سنوى، منذ بداية الألفية، بنسبة ٩٪ من الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر ٢٠٢١، ما جعل الاقتصاد المصرى من الاقتصادات القليلة التى تمكنت من تحقيق معدلات نمو إيجابية، وما أكد مجدّدًا أن الإصلاحات المالية والاقتصادية جعلتنا أكثر صلابة فى التعامل مع الأزمات الدولية، وأكثر قدرة على امتصاص الصدمات واحتواء آثارها السلبية، الداخلية والخارجية.

الأزمات أو التحديات الاقتصادية الدولية الراهنة، تتشابك فيها تداعيات الوباء مع الآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية. وبات من المتوقع، مثلًا، أن ينخفض معدل النمو فى بريطانيا إلى ٣.٨٪ هذا العام بدلًا من ٦٪، كما كان متوقعًا أو مأمولًا، وأن يصل التضخم إلى ٧.٤٪ فى المتوسط. كما توقع تقرير صندوق النقد أن تؤدى «الحرب» إلى انتكاسة شديدة للتعافى العالمى، وتبطئ النمو وتزيد التضخم بشكل أكبر.

الأوضاع الاقتصادية الدولية والتحديات المختلفة التى تواجه جهود التنمية على مستوى العالم، خاصة الدول النامية والناشئة، ناقشها اجتماع افتراضى عقدته مجموعة الأربعة والعشرين الحكومية الدولية، G-٢٤، المعنية بالشئون النقدية والتنمية الدولية، تزامنًا مع اجتماعات الربيع لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين.

مع مطالبته بدعم الجهود الدولية الهادفة لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، والسيطرة على المخاطر التى قد تؤثر على كل دول العالم، أكد البيان الصادر عن الاجتماع على أهمية استمرار التعاون الوثيق متعدد الأطراف لضمان أمن الغذاء والطاقة، وحماية الاستقرار المالى، ومواصلة زيادة التمويل المقدَّم للاقتصادات النامية. ودعا مجموعة البنك الدولى، وبنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى، إلى استخدام قوة ميزانياتها، بأقصى درجة ممكنة، لتعزيز طاقتها الإقراضية. كما طالب بزيادة التمويل المقدم لدعم الاستثمارات الضخمة اللازمة لتحفيز التعافى بعد الوباء، ووضع استراتيجية متوسطة الأجل للدول متوسطة الدخل، مع مراعاة تطور أوضاعها وظروفها، لتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط والحد من ارتفاع مستويات الفقر وعدم المساواة.

.. أخيرًا، وفى ظل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، تستهدف الحكومة خفض عجز الموازنة إلى ٦.٢٪ وتواصل تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلى، الذى يتصدر أولوياته تحسين مناخ الأعمال وزيادة استثمارات القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، فى كل المجالات، خاصة فى المشروعات التنموية والتعليم والصحة، إضافة إلى تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية، لتعظيم حصيلة الصادرات غير البترولية.