رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نور العقول.. ليس من عمل الشيطان

حلقة واحدة من عمل درامى.. يكون صداها وتأثيرها الواسع الانتشار لمدى لا نتخيله. لهذا السبب فالمحتوى الدرامى هو الذى يصنع القيمة المضافة للمجتمع فى الأحداث والقضايا والمشكلات.. لأنها تتحول إلى مصدر معلومات للجمهور الذى يتعامل معها باعتبارها حقيقة وتاريخا. وهو ما لاحظته من متابعتى لدراما شهر رمضان.. كمشاهدة.. فلست ناقدة أو مؤرخة.
"عيد الأنوار" له بعد تاريخى وبعد اَخر دينى بحسب المعتقدات اليهودية.. ففى القرن الثانى قبل الميلاد قاد اليهود المكابيون تمرداً على السلوقيين عام 165 ق. م. وبعد محاولة الملك أنطيوخوس الرابع فرض الثقافة والتقاليد الهيلينية على اليهود، وفرض عباده إله الإغريق فى هيكل سليمان.. أصبح "عيد الأنوار" بمثابة مهرجان للفرح وسمى عيد "حانوكا"، وأصبح من الأعياد الدينية، وارتبطت عادات وتقاليد الاحتفال به من خلال إشعال الشموع فى الشمعدان الثمانى المعروف باسم "حانوكياه" بعد غروب الشمس، ويتم إشعال الشمعه فى ليلة العيد الأولى وإلى انتهاء إشعال الشموع الثمانى جميعها.
وهناك أيضاً، الشمعدان السباعى، وهو الشمعدان المعروف والمتواجد داخل المعابد اليهودية باعتباره رمزا مقدسا فى الديانة اليهودية. وقد عرف باسم "المينوار". وهو يرمز لأيام الأسبوع الستة التى خلق الله فيها العالم ثم استراح فى اليوم السابع. والملاحظ أنه يوجد شبه كبير بين المينوار اليهودى وبين شجرة الحياة السومرية المقدسة. ويذهب البعض إلى أن المينورا مقتبس من الأصل السومرى بحكم سنوات السبى البابلى التى تعدت خمسة قرون كاملة.
يقول الباحث الأثرى د. أحمد محمد على غباش.. هناك دلالات متعددة للشمعدان اليهودى ذي الأفرع السبعة، الساق فى الوسط، وسته أفرع على الجانبين، حيث يرمز إلى شجرة الحياة أو شجره الخلد ذات الأفنان السبعة الموجودة فى جنات عدن.. لذا وضع اليهود شمعدانات داخل خيمة الاجتماع.. أسوة بما هو موجود فى الجنة. وهناك رأى آخر يشير إلى أنها تمثل الكواكب السبعة، كما تشير إلى أعين الرب الحامية، وهى المصابيح السبعة التى أضاءت الطريق لبنى إسرائيل فى رحلة الخروج من مصر. 
ومن المرجح أن الشمعدان السباعى.. يرمز إلى عناصر اللاهوت اليهودى السبعة، وهى: التوحيد 
الاختيار: شعب الله المختار 
الميعاد: أرض الميعاد
الهيكل: بيت الرب
الناموس: الوصايا العشر
الملك الأحادى لكرسى داود
المسيح المنتظر
وبعد وفاة موسى قبل دخوله القدس.. تم وضع المينوار داخل الهيكل، ثم داخل كل كنيس يهودى فى العالم. وأصبح المينوار رمزا مقدسا مثله مثل النجمة السداسية والحية.
ومؤخراً، وجدنا المينوار حاضراً بقوه فى المسلسل المعروض حالياً "المداح" بطولة حمادة هلال وخالد سرحان وغيرهما. المينوار حاضراً.. ليس بوصفه رمزا دينيا يهوديا، لكن كعلامة سحرية ورمز شيطانى يرتديه الشيطان، ويتركها كأثر له على كل بقعة يلمسها أو يحرقها.
 

نقطة ومن أول الصبر.. 
المينوار.. رمز دينى مقدس لدى أتباع الديانة اليهودية المعترف بها فى الدستور المصرى باعتبارها إحدى الديانات السماوية. والتى بالتبعية.. تندرج أى إساءة لها تحت ما يمسى "ازدراء الأديان".
أتمنى أن نتوقف عن إهانة المختلف معنا والتحقير من معتقداته ورموزه ومقدساته، سواء بشكل مباشر أو غير ذلك، وألا تكون الدراما محفزة للعنصرية والجهل. الدراما هى إحدى أهم أدوات القوة الناعمة المشاركة فى صناعة نور العقول؛ لكى نتمكن من أن نتجاوز ثقافة الحقد والكراهية التى أسس لها بعض المغرضين بحق الأديان والمختلفين عنا ومعنا فى المنطقة.. فى طريق تأسيس مجتمعات مدنية ديمقراطية.. يتعايش فيها الجميع بسلام وكرامة وعدالة ومساواة.
وقبل ذلك كله.. لا بد من أن ينتبه صناع المحتوى فى عدم تقديم ما يفهم بطريقتين ويتسبب فى حالة من الجدل بسبب الاختلاف فى التفسير لكونه يرتبط بعقائد دينية لأصحابها.