رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاختيار.. لماذا باع خيرت الشاطر القدس وانحاز لأمن إسرائيل؟

 فارق كبير بين من يتاجر بالقضية ومن يتحرك بقلبه دفاعًا عنها، مصر كانت دائمًا وأبدًا المدافع الأول عن قضية فلسطين، التاريخ يقول ذلك، والتاريخ يقول إن الإخوان لا يتحدثون عن قضية إلا إذا كانوا أصحاب مصلحة، حتى لو كانت قضية بحجم فلسطين. 

مع كل حدث يقع فى فلسطين كانت التظاهرات تتحرك فى القاهرة، وكان الإخوان يرفعون شعار «ع القدس رايحين شهداء بالملايين»، الكلام ليس عليه جمرك، بعكس الفعل الذى سيحاسب صاحبه عليه حسابًا عسيرًا، لذا لم نشاهد نفرًا من ملايينهم يتجه نحو القدس لا شهيدًا ولا حتى مصابًا، كانوا وما زالوا قنابل صوتية، لا تسقط شهيدًا ولا تحرر أرضًا، ولا تعقد اتفاقًا، مجرد أفواه تتحرك تخاطب قواعدهم وتدغدغ مشاعر البسطاء الذين كانوا ينظرون إليهم باعتبارهم مش لاقيين فرصتهم لكى يحرروا القدس.

ما أشبه ميليشياتهم فى مصر التى كانت تردد شعار «ع القدس رايحين» بخلاياهم فى شمال إفريقيا التى تناضل على السوشيال ميديا بمقولة «افتحوا الحدود يا مصاروة باش نحرر القدس».

صناع الاختيار يجب أن يكرموا فى كل المناسبات، ومن وضع التسجيلات ضمن الحلقات لا بد أن نشكره، خاصة التسجيل الذى يتحدث فيه خيرت الشاطر عن القدس وعن أمن إسرائيل، وأنهم تحركوا لمنع الناس من الذهاب إلى إسرائيل.

أعدت سماع الحلقة والتسجيل أكثر من مرة لأسمع نائب المرشد وهو يتحدث عن أمن إسرائيل وأنهم «مش عايزين حرب مع حد»، هل تعرف حضرتك عدد الشباب الذين تعرضوا لغسيل دماغ من الإخوان بقصة الشهداء بالملايين والحرب ضد إسرائيل وكم شاب ضاع مستقبله لأنه اقتنع بما تهتف به قيادات التنظيم، ليأتى الرجل الأقوى فى الإخوان ليحافظ على أمن إسرائيل ويقول إنه لو حصلت ثورة جياع فهذا خطر على مشروع إسرائيل و«النهارده لما الشعب قال عاوز يروح الحدود مع إسرائيل إحنا كلنا وقفنا وقلناله لأ».

الشاطر لم يتوقف عند هذا الكلام الصادم، بل أصر على أن يكمل الموضوع لآخره باعتبار أنه خلاص فضح الدنيا فيكمل فضيحة وقال: «اتصلنا بخالد مشعل وقلناله طلع البيان على الإعلام والنت وقول إحنا مش عاوزين من المصريين إنهم يروحوا». 

الشاطر الذى كان وقت مبارك بعيدًا عن السلطة هو وتنظيمه كان يهاجم إسرائيل ويعتبرها العدو والشيطان ويروج إلى أن الدولة تخشى تل أبيب ويدعو الناس للتحرك لتقوم الحرب، ما إن اقترب من السلطة كشف عن وجهه الحقيقى.. وأراد أن يقدم رسائل طمأنة بأنه سيحافظ على أمن إسرائيل وأنه منع المظاهرات ومنع التحرك ناحية الحدود، وأبلغ خالد مشعل أن يصدر بيانًا يقول فيه للمصريين ما معناه «متشكرين خليكم فى حدودكم مش عايزين مساعدة».

غاية الشاطر تبرر وسيلته، وغايته كانت السيطرة على حكم مصر لسنوات وسنوات، حتى لو كانت وسيلته حماية أمن إسرائيل.. والرجل كان واضحًا وقال نصًا: «مش عايزين تخريب ولا حتى ضد مصالحهم، إحنا مش فى حرب مع حد».

من فترة وقعت فى يدى أوراق خاصة بالسيد أسامة الباز الرجل القوى فى وزارة الخارجية، معظمها كان يحمل شعار «سرى للغاية»، وبالمناسبة نشر بعضًا من الأوراق قبل أن تتوقف لاعتبارات، الأوراق التى نشرت كان من بينها تفاصيل كيف تم كسر هدنة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وقتها ووفقًا للأوراق تحرك الجنرال عمر سليمان وتمكن بالفعل من وقف العدوان الإسرائيلى، وهدأت العواصم العربية بمظاهراتها ليفاجأ فى اليوم التالى بصواريخ من رجال خالد مشعل تسقط فى أرض فضاء فى إسرائيل، وتعلن إسرائيل عن إنهاء الهدنة وتعاود القصف والاعتداء.. وتعود معها مظاهرات الـ«شهداء بالملايين» فى القاهرة و«باش نحرر القدس» فى شمال إفريقيا.

صُناع الاختيار كشفوا للعالم عن جرائم كثيرة للإخوان، لكن موضوع أمن إسرائيل كان ضربة معلم.