رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان النصر.. جرس كنيسة وأذان العصر

العاشر من رمضان.. تاريخ الانتصار فى حرب أكتوبر.. الذى لا ينسى..
التحدى الصعب بعد الهزيمة..
رحلة تحدٍ ضد العدو، وجسر العبور من الانكسار إلى الرجاء..
تحتفل مصر بأحد أمجد أيامها وأعظمها.. يوم العبور.. الحد الفاصل بين اليأس والأمل.. وبين الماضى والمستقبل.
إنه يوم السادس من أكتوبر عام 1973 الموافق العاشر من رمضان..
لا يمثل نصرًا عسكريًا باهرًا حققته القوات المسلحة باقتدار فحسب، بل هو تعبير فريد عن إرادة أمة وتماسك شعب.. استمد من تاريخه العريق صلابة وقوة لا تقهر..
تحية لمصنع الرجال والعين الساهرة على أمن بلادى، وتحية احترام وتقدير إلى روح البطل الشهيد الرئيس أنور السادات، وإلى شهداء وأبطال القوات المسلحة من أبناء الشعب المصرى البواسل.
ما حدث خلال الأسبوع الماضى.. جعلنى أتذكر الرئيس أنور السادات عندما وقف داخل قاعة البرلمان ليحلل ويشرح ويفسر تحديات الفتنة الطائفية التى تسعى إلى تفتيت الشعب المصرى..
فعندما عجزوا عن النصر علينا..اختبروا قوة الشعب وعزيمته، فكان لا بد من "Plan 2" خطة بديلة طائفية أو عنصرية لنشر حالة الانقسام والتشتت والعنف والكراهية.
قال الرئيس السادات: (بيقولوا أنه يوجد فى مصر فتنة طائفية فى الزاوية الحمراء.. خناقة بين اتنين جيران.. والحكاية غسيل مواطن نقط على غسيل مواطن آخر فى البلكونة.. ولكن يبدو أن المياه مش ولابد.. يخرجوا يقولوا فى مصر فتنة طائفية..).
اليوم فى عصر التكنولوجيا.. الفتنة أصبحت أسهل فى الانتشار وأسرع فى التأثير، والحروب تغير سياستها وأدواتها، ولكن بنفس المنهج وبدعم مستمر.. الفكر "معشش" والميراث ثقيل..وهناك دعم قوى لهذا الفكر الإرهابى داخليًا وخارجيًا. ولكن تستمر مصر فى محاربة الإرهاب على الأرض ومواجهة الأفكار الشاذة ونشر السلام وحماية أمن هذا المجتمع.

مصر أولى بنا جميعًا..
فى الأيام الماضية.. حدثت جريمة إرهابية وأخرى أخلاقية.. قتل قسيس وشيخ..
فسر البعض الواقعتين بطريقة (زى ما عندك عندي) فى نفس اليوم.. طعنات متبادلة (وتبقى بصرة) وخالصين.. وكلنا ندفع ضريبة الإرهاب، والإرهاب لا دين له.
ولكن قتل الشيخ فى كفر الزيات بمحافظة الغربية هى طعنة بسبب الأخلاق لكونه انحاز لـ "شهادة حق"، ليس لها أى بعد طائفى، فقاتل الشيخ مسلم، ولكن لم يسلم الشيخ من لسانه ويده!
جراح الأمة وصفحات التاريخ تكرر نفسها..وصياغة أخبار وصور تلك الحوادث.. تؤكد أنه يوجد تشابه.. هل تتذكرون مروة الشربينى.. شهيدة الحجاب التى تم قتلها داخل محكمة ألمانية على يد متطرف روسي؟ قامت المظاهرات، وتقدمت الحكومة الألمانية بالاعتذار، وأطلقت اسمها على أحد الشوارع، وتم الحكم بالمؤبد على القاتل خلال أيام معدودة. اهتز الضمير العالمى لكونه حادث كراهية على أساس دينى.
لذا لا بد أن نضرب بيد من حديد على صناع الفتنة الذين يتبنون الأفكار الصحراوية التى تساهم فى الجهل والتخلف والتشدد والمزيد من الكراهية للمختلف عنا فى الدين والمعتقد..

رسالة من الشهيد..
أتولدت فيكى يا مصر..
وسمعت جرس كنيستك وأذان العصر..
كان حلمى أعيش بسيط ومطلبتش يوم أروح القصر..
كنت بحلم بعيد القيامة ورمضان والنصر..

حياتى راحت على إيد مجرم قليل الأصل..
يا ابن بلدى.. ليه قتلتنى..
أنا علقت الزينة.. وقدت الفانوس..

يا بلدى.. مش عايز حقى يضيع ويروح..
على أرضك سال دمى.. وطلعت الروح..
أنا اللى كنت فرحان بيكى فى كل مكان بروح..
كان نفسى الأمل فيكى يا بلدى يكون مفتوح..
طمنونى على اللي منى..متشلوش همى..بتصرخ وتنوح..

والقلب بقا مجروح.. والفانوس طفوه..

والطبق اللي كان بيلف ويدور.. مبقاش بنور..
كنت بسلم عليك.. فين ما بروح..
عرفوهم أن أنا فى مكان الشر.. فيه مش مسموح..
يا بلد الفراعنة وجبل التور.. يا أم الدنيا..
أنا سبيتلكم دنياكم الفانية.. بس خلى بالكم ليجى عليكم الدور..
أنا فى السما عند ملك الملكوت..

همة المؤمن.. تناطح السحاب..مسلمًا أو مسيحيًا..يعبد الله وحده لا شريك له..الدين لله والوطن للجميع..والدين معاملة وأخلاق..مش شعارات وسيوف على رقاب العباد.. 
اللى بينى وبينك ميزان.. متسرقش فيه.. واللى بينى وبين ربنا.. ملكش دعوة بيه..
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.. من قتل نفسًا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعًا..صدق الله العظيم (سورة المائدة 32).
ويقول الكتاب المقدس: المحبة لا تسقط أبدًا (1 كو 13: 8).
إذا سقطت المحبة.. سقط التسامح والمغفرة، وتسقط الحياة برمتها..
الحل هو أن نواجه معًا مجتمعين، ونرفض التضييق على أساس دينى أو التصنيف من أصله..
كلنا مواطنون فى بلد واحد.. نمتلك نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات..
أرفض القتل على أساس الهوية.. وهو ما يتفق مع الجمهورية الجديدة..
حادث استشهاد القمص أرسانيوس وديد..
فبأى ذنب قتل؟
القتل فى توقيت الإفطار؟ لماذا لم يذهب القاتل للإفطار بدلًا من ذهابه لارتكاب جريمته الشنعاء؟
ومن أين؟ وإلى أين؟ وهل هو مجذوب؟
الإسكندرية بلد الثقافة..
من المسئول؟
المسئول الذى حرض وزرع الأفكار ونشر الشر..
من القاتل الحقيقي؟
القصاص العادل للقاتل..

من الآخر..
رحم الله حبيب فقراء الإسكندرية.. القمص أرسانيوس وديد..
صالحوا إخواننا المسيحيين.. وطمنوهم وشاركوهم حزنهم..
سنشعل فوانيس رمضان.. رغم أنف المتطرفين..
هم أولى بنا.. ونحن أولى بهم.. ومصر أولى بنا جميعًا..
وكل شيء إلى زوال.. ويبقى الحب..
التاريخ لن يرحم أحدًا.. وتذكروا أنه يكتب بأكثر من قلم.