رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رجال بدولة المؤسسات

حسن كامل
حسن كامل

لا تحدثني عن ارتفاع الأسعار فلن أسوق لكم مصطلح الأزمة العالمية لحرب روسيا على أوكرانيا ولا تحدثني اليوم عن خسائر ومكاسب هذه الحرب على بلد إقليمية مؤثرة مثل مصر التي منها على سبيل المثال ارتفاع قيمة سعر الجنية مقابل الروبل، ومدى تأثر مسألة استيراد القمح وسلع أخرى من روسيا فصانع القرار أولى باتخاذ ما يراه مناسبا في كل ذلك، فليس سعر الصرف المؤشر الوحيد بل هناك علاقات متشابكة مع كل الأطراف الأربع أمريكا وأوروبا من جانب والروس والصين من جانب آخر.

أنا اليوم أتحدث عن بلد تدار بنظام مؤسسي عفي قوي والدليل ثقة المصريين في النظام السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومة الدكتور مصطفى مدبولي وبخاصة بالجانب الاقتصادي. 

«نعم»، ثقة المصريون ظهرت جليا في شراء شهادات الـ١٨% التي بلغ حجم المبالغ المجمعة خلال عدة أيام ما يقارب من نصف تريليون جنيه، ليست كلها أموال كانت «تحت البلاطة» وليست أيضا أموال ساخنة كما يدعى البعض أنها ذات روافد متعددة بحث أصحابها عن استثمار أمن ومضمون وقدرة على استرداده بعد نجاح تجربة تمويل صك قناة السويس.

ليس هذا فقط بل إن الدور الوطني للأجهزة السيادية وفي وسطها أجهزة وزارة الداخلية بقيادة اللواء محمود توفيق ومساعديه من رجال الأمن العام بقيادة اللواء علاء الدين سليم الملقب بصقر الأمن العام أحد أكفأ ضباط الأمـــــن العـــــام في مصر من خلال عمله في صمت بالعــديد مـــن إدارات البحث الجنائي تلك الخبرات المتراكمة كانت سببا في فك لغز العديد من الجرائم وتمكنه من رفع مستوى الأداء الأمني فضلاً عن أنه يجمع بين الحزم وحسن معاملة المواطنين في نفس الوقت.

وفى الجانب الآخر يقف قطاع جهاز الأمن الوطني بقيادة اللواء عادل جعفر «الجنرال الذي يقرأ ما بين السطور والصور»، صاحب الخبرات في مواجهة وكشف إمبرطورية العنف والإرهاب ومعهم باقي الأجهزة التي نجحت في إدارة حركة السيولة للمرة الثانية من خلال رصد وكشف من يحاولون المتاجرة بإيجاد سوق موازية للصرف بجانب البنوك.

أقولها وبصدق «نعم» هناك من رأى أن التحول للاحتفاظ بالدولار على حساب الجنية وسيلة أمانة لكن السيطرة على حركة الدولار خارج البنوك وضبط الملايين ومصادرتها كانت السبب الذي أخاف البعض وأوجد السبيل الأمن والوحيد حاليا من خلال شهادات الـ١٨%.

«نعم» لدينا أجهزة سيادية تتكامل في عملها وتناغم في تنفيذ التكليفات بكل وطنية وفي إطار دولة المؤسسات.

إن ضخ أموال مصرية بهذا الحجم خلال أيام معدودة يدفعني إلى مطالبة الدولة بالبحث عن الأسباب الحقيقية لعودة الثقة للمصرين في قضية الادخار، تلك الثقافة التي يجب أن تسود فعلى الرغم من ارتفاع تكلفة الفائدة المحلية حاليا خاصة شهادات الـ18% فهي في الحقيقة أقل من تكلفة الاقتراض الخارجي وكونها أمن لمصر وشعبها. 

البلاد تبنى بأيدي وتمويل أبنائها ومصر عظيمة بكل مكوناتها كدولة رائدة بداية من نظامها السياسي ومرورا بحركة وثورة البناء والتعمير في شتى المجالات خاصة القطاع الزراعي والبنية التحتية الذكية. 

إن ما يحدث من توجه للاعتماد على الذات بكل القطاعات وتوفير أغلب الاحتياجات من خلال مصر نفسها هو المدخل الحقيقي لحرية القرار وصولا إلى مرحلة الرخاء وجنى عوائد المشروعات القومية وخير دليل محور قناة السويس والتوسعات التي تمت بمجرى القناة فبالرغم من تراجع التجارة العالمية إلا أن الملاحظ وفق للأرقام ارتفاع العائدات وتطور نموها عام بعد الآخر ولو أن حركة التجارة العالمية عادت للانتعاش لأصبحت قناة السويس أهم رافد للناتج القومي والعملة الصعبة.

أما تدافع المصريين على جني الشهادات الجديدة دليلا على استفتاء المصريين ورغبتهم وثقتهم في الدولة واقتصادها، وهنا لا أتحدث عن الرأي العالمي للمؤسسات الدولية في قدرة ونجاح الاقتصاد المصري وتصديه للأزمات العالمية ومنها كورونا والصراع الصيني الأمريكي وصولا للأزمة الحالية حرب روسيا وأوكرانيا.

ومن هنا أرى أن الإعلام الاقتصادي مطالب بالبحث والدراسة في تكلفة ما تم من مشروعات وما التكلفة الحقيقة لو كنا تأخرنا في معركة البناء وهل كان يمكن أن نتخذ القرار الآن.. أفيقوا وتدبروا يا أولى الألباب فما تم إنجازه لا تتخيله العقول ولا تستوعبه العلوم.