رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الغضب الجماهيري ومو صلاح

في إثر مباراة السنغال الأخيرة التي كانت المؤهلة لكأس العالم والتي فاز بها الفريق السنغالي بقيادة نجمه مانيه بعد اللجوء لضربات الجزاء الترجيحية؛ وجهت جماهير الكرة المصرية انتقادها لنجمها الكبير محمد صلاح، وهو الأمر الطبيعي لأن التعويل كان عليه، هو اللاعب العالمي العظيم الفارق، ولأنه كان أول من أهدر ضربته فأحبط من وراءه.. ربما جاوز بعضهم الانتقاد المقبول إلى التجريح المهين، وهذا مرفوض طبعا، غير أن عدم الوصول إلى كأس العالم خبر قاس حول حماسة عشاق الكرة إلى غضب هائل، بل إن الناس الذين لا يتابعونها أصلا، وكانوا في حاجة إلى فرحة تمحو همومهم، ولو مؤقتا، ولا يمانعون أن تأتي من جهتها، غضبوا بشدة أيضا!
بدت الأمور، عقب المباراة، كأنها مبارزة ساخنة بين المؤمنين بصلاح على طول الخط وبين المؤمنين به بمقدار ما يكافح في الملاعب وينجز من البطولات، والصنفان موجودان في نطاق التشجيع الكروي، بالمناسبة، وليسا بغريبين عن المضمار، المشكلة أنهما لم ينفصلا انفصالا يناسب اختلافهما؛ فقررا التعارك، ودخلا في مشادات كلامية بائسة، ووصل الموضوع، ضمن ما وصل، إلى حد حذف الصفحات وتبليكها في السوشيال ميديا، وإلى إمعان الجهة التي لديها شروطها للإيمان باللاعب في الكفر به، وصناعة هاشتاجات تدافع عن لاعبها المفضل مطلقا في الجهة المقابلة..  
نسي الجميع أن التحميل الزائد على شخص واحد، بالانحياز أو المجافاة، ليس من الوعي بمكان، وأن الشخص بذاته، مهما تكن قدراته في مجاله وسمعته الطيبة فيه، يظل دون الوفاء بتحقيق حلم بلاده ومواطنيه، في إطار لعبته الجماعية لا الفردية، فتحقيق مثله يحتاج إلى مجموعة متكاملة عزيمتها قوية، وخطة محكمة، وإدارة بالغة الذكاء والحكمة، وتعاون صادق مثمر بين كل المتشاركين في المنافسة من أجل نوال الرفعة.. على كل حال فإن الفئة المستغربة لم تكن في رأيي أنصار صلاح أو خصومه؛ إنما كانت فئة مريبة من المصريين آزرت الفريق الآخر مؤازرة فاجرة من الأول؛ فأظهرت مرضها النفسي المتفاقم، بدعوى أنها تتسم بالموضوعية، وتناصر الفريق الأقوى والأجدر بالترقي!
لا نريد أن نغزل من خيوط كل حدث مأساة ما، هذا أهم ما يمكن الإشارة إليه هنا،
والأكيد أن في منتخبنا الوطني عيوبا شتى تتطلب إصلاحا جادا وسريعا، أظن أدنى ما فيها حكاية لاعب أيا كان.. ولا يفوتني التذكير بأن الجمهور السنغالي كان متنمرا ومؤذيا ومبالغا في العدائية لصلاح بالذات (لأنه رفيق نجمهم السنغالي في ليفربول الإنجليزي غالبا، وهم يريدون التفوق لنجمهم وقائدهم الرياضي طبعا) كما أن حكم المباراة المهمة لم يكن على قدر أهميتها بمنتهى الأمانة!
لن يدرك بعض هذا الجيل دورات قادمة لكأس العالم، ومن رحمه يجب خلق جيل جديد عبقري قادر على كتابة الأمجاد.