رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ظهر في «جزيرة غمام».. حكايات وأصل الوشم في صعيد مصر

وشم
وشم

ظهرت العديد من الوشوم في مسلسل جزيرة غمام تأليف السيناريست عبد الرحيم كمال الذي أبرزها في قصة المسلسل، فقد كانت تستخدمها السيدات في صعيد مصر حتى وقت متأخر، وإن تراجعت قليلا في الأعوام الأخيرة، ويبقى الوشم في النهاية دلالة للعديد من الأشياء، وفي هذا التقرير نستعرض تاريخ الوشم عبر العصور والوشم الجنوبي وما الذي يعنيه؟

غمام 4

الوشم

لم يكن الوشم وليد عصر من العصور الحديثة، ولكنه قديم قدم المكان ويرجع تاريخه حسبما ذكرت الباحثة سوسن عامر في مقال لها بمجلة عالم الفكر للتاريخ القديم عندما كان الناس يعيشون حياة بدائية يقدسون فيها الحيوانات ويخشون فيها بعض مظاهر الطبيعة كالموج والرياح والمطر والرعد، ومن هنا كان الوشم على الشفاه والأيدي والصدور والذقون ليس عبثا وإنما لكل شئ دلالته.

في المجتمعات التي تتألف من قبائل وعشائر صغيرة لكل منها طوطمها الخاص، وهو عبارة عن نواع حيواني أو نباتي أو أحد مظاهر الطبيعة التي ترتبط بها هذه العشيرة وتتخذها رمزا لها.

وأحيانا يكون الرمز عبارة عن أشكال هندسية أو مجموعة خطوط ليس فيها شئ من صورة الطوطم وإنما يصطلح اصطلاحا على اتخاذها رمزا لها، ويكثر هذا النوع من الرموز في العشائر المتأخرة في ميادين الرسم والتصوير كعشائر السكان الأصليين في استراليا مثلا.

كما يمكن أن يستخدم الحيوان أو النبات كطوطم، ويشير إلى القبيلة أو العشيرة نفسها كما ترمز في عصرنا الحاضر صورة الدب في روسيا، والديك في فرنساوغيرها.

كيف يتم الوشم؟

كان الوشامون المصريون يستخدمون الطرق اليدوية في الوشم، وهي دق الوشم بالإبر والمواد الطبيعية كالهباب والفحم والقرميد، ويتميز الوشم المصري بدرجة الاخضرار التي تدل على خصوصية الخلطة التي يقوم بعملها الوشام المصري.

الوشم في مصر

بدأ الوشم في مصر منذ عصر المصريين القدماء، وظهرت آثارة كما أكد الباحثين في مومياوات راقصات فرعونيات، وفي صعيد مصر لازالت بعض النساء تضع بعض الوشوم التي يرجع تاريخها للمصريين القدماء وبنفس الطريقة، ومن هنا اكتسب الرمز الجنوبي صبغة مغايرة لما يتم في كل مكان، ومن صور الوشم أن شفة الفتاة السفلى تكون باللون الاخضر، أما الذقن فيرسم عليها حتى اسفلها ارتباطا بالشفة السفلى.

رموز هيروغليفية

بعض الوشوم التي كانت تجري في صعيد مصر تعني في الأساس عبارات فرعونية مستقاة من التاريخ القديم بدون أن يدرك الموشوم هذا، فهناك دق أو نقر بعلامة مميزة كانت تعني كلمة "جميل" باللغة المصرية القديمة، وكانت الدقة المفضلة لدى فتيات الصعيد في أوائل القرن الماضي، وكانت هناك علامة دق النخلة والسمكتين هي علامة للإخصاب في مصر القديمة .

كما أن العصفور وهو من أشهر الوشوم كان فيرجع لأسطورة إيزيس وأوزوريس ويعد فألا حسنا للنصر والخير.

غمام 5

وشم ماري جرجس

وفي صعيد مصر هناك وشم شهير وهو وشم القديس ماري جرجس، وكان ماري جرجس فارسا من فرسان الحبش، كان جميلا وذا مكانة ثم انفتح قلبه للدين الجديد وصار واحدا من أشد الدعاة للمسيحية متحديا جبروت الرومان حتى استشهد على أيديهم، فتأثر الفنانا لشعبي ليعبر عن حبه له بإيجاز بليغ، فرسم الوشم على هيئة فارس نبيل يمتطي جواده أما قوى الشر فرسمها على هيئة ثعبان ضخم.

العصر الإسلامي

حلت الزخارف لتشكل ملمحا من ملامح الوشم في مصر بعد الفتح الإسلامي، فظهرت وشوم الهلال والزهرية والقمر والنجوم، وجاء عصر الملاحم الشعبية فكان ابو زيد الهلالي والسيف المعقوف وعنترة والزير سالم وسيف بن ذي يزن.

غمام 3

دق العصافير للصداع

في صعيد مصر كان هناك عدد من الطرق لعلاج الصداع، فمن الرجال من تجمع له الشمس من ظهرة بطريقة معينة يعرفها بعض الرجال، ويكون المعالج الشمس في جبهة الرجل ثم يأتي بخرقة نظيفة يضعها على الجبهة ويقرص الجلد باسنانه حتى يسمع صوت يدل على أن الشمس زالت تماما، أما عن النساء فلا يمكن استخدام هذه الطرق معها لذلك كان الوشم وسيلة للتخفيف من حدة الصداع كرسم عصافير صغيرة أو دق الذقن بطرق مغايرة، ولان الوشم كان منتشرا وبقوة فكان أحيانا للتجمل ولشد النظر إليه ليقي من الحسد وغيرها.

في عرف النجوع والقرى في ريف مصر فإن الوشم كان يمنح الموشوم طابعا جماليا خاصة وأن اللون الأخضر هو لون الزرع والحياة، واختلف الوشم من الرجال للنساء فوشم الرجال كان على الذراع مثل السيوف والسكاكين وبعض ابطال التراث الشعبي، والصليب عند الأقباط، أما الصدر فتخصص للمحبوبة احيانا برسم صور واحيانا برسم رموز وخصصت هذه المساحة للحبيبة دلالة على قربها من القلب، كما كانت بعض الوشوم للنساء كي تنجب بسهولة، ولثقتها في أن الوشم يقاوم العمولات والسحر وغيرها.