رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سمى باسمه رغم دفنه بالعراق.. حكاية مسجد «الرفاعى» الذى أمرت «خوشيار» هانم بتشييده

مسجد الرفاعي
مسجد الرفاعي

على مقربة من قلعة صلاح الدين، وبالقرب من ميدان الرميلة، والذي أصبح فيما بعد ميدان صلاح الدين، يطل مسجدان متجاوران أحدهما بني في عهد الدولة المملوكية وهو مسجد السلطان حسن، والآخر بني في عهد الخديو إسماعيل أحد حكام أسرة محمد علي، وهو مسجد الرفاعي، وقد أمرت ببنائه والدة الخديو، الملكة خوشيار هانم، لكنها لم ترى المسجد بعد أتمام البناء الذي توقف 25 عامًا، وقد اكتمل عقب وفاتها.

 سمي المسجد بهذا الاسم نسبة إلى الإمام أحمد بن علي الحسيني الرفاعي، والذي ينسب إليه الطريقة الرفاعية في مصر، فهو أحد أهم أقطاب الصوفية في مصر والوطن العربي، وأصوله عراقية، ولقب بـ"أبوالعلمين" وشيخ الطرائق، ورغم تسمية المسجد باسمه إلا أن الرفاعي لم تطأ قدماه أرض مصر، إلا أن طريقته انتشرت في شوارع وربوع المحروسة من خلال حفيده السيد أحمد عزالدين الصياد، ومن بعده ولده الذي أنجبه من زوجته المصرية، ويلقب بـ"على أبوشباك".

كانت زاوية "أبوشباك" أو الزاوية البيضاء، من بين مئات الزوايا المنتشرة في مصر، لكن وجه الاختلاف الوحيد هو مكان الزاوية الذي ظل لعشرات السنين بالقرب من مسجد السلطان حسن، وكذلك مسجد ذخيرة الملك وهو مسجد من العصر الفاطمي كان مجاورًا لزاوية "أبوشباك"، تحولت الزاوية من مسجد إلى مقام للشيخ على أبوشباك، حتى اشترت خوشيار هانم الأراضي المحيطة بالمقام والمسجد الفاطمي، من الجهات الأربع، فقد أرادت إنشاء بناء يخلد ذكرها يكون مسجدًا كبيرًا وفي ذات الوقت يحتوي جناحًا منه مدافن أسرة محمد علي.

أوكلت “خوشيار” إلى المهندس حسين باشا فهمي إنشاء الجامع عام 1286 هجرية/ 1869 ميلادية، على أن يلحق به مدافن العائلة المالكة، وأمرت باستيراد مواد البناء من أوروبا وخاصة الرخام الإيطالي، وقد حدثت مشكلة كبيرة بينها وبين أبناء الطرق الصوفية خلال البناء، فقد أمرت “خوشيار” بنقل رفات مشايخ الطريقة الرفاعية المدفونين بالزاوية، وتدخل نقيب الأشراف في ذلك الوقت السيد علي البكري والذي التقى الخديوي إسماعيل لوقف نقل رفات مشايخ الزاوية، إلا أن إصرار الملكة كان أقوى، واحتسب أبناء الطريقة الرفاعية مرضها كرامة لمشايخ الطريقة المدفونين في الزاوية، ليتوقف بناء المسجد 25عامًا، وعقب وفاة خوشيار هانم 1885، أمر الخديو عباس حلمي الثاني استئناف العمل ببناء المسجد، وكلف المهندس الإيطالي ماريو روسي "هرتس باشا" وافتتح المسجد للصلاة في غرة شهر المحرم سنة 1330 هجرية /1912 ميلادية.

وقد دفن في الجزء المخصص مقابر أسرة محمد على، الخديو إسماعيل ووالدته خوشيار قادن، والملك فؤاد الأول والملك فاروق، كما دفن آخر شاه لإيران وهو الشاه رضا بهلوي والذي جاء إلى مصر في أعقاب الثورة الإيرانية وظل فيها حتى توفي عام 1980.