رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدين فى مفردات الحارة المصرية

«مين جاور الحداد يتكوى بناره».. مثل مقتبس من حديث الرسول

الحارة المصرية
الحارة المصرية

هو واحد من الأمثال الشعبية الشهيرة فى الحارة المصرية، وهو مثل مكون من شقتين:  أما الأول منه فيخص الصاحب الطيب الذى ينال الشخص قسطا من السعادة إذا صاحبه.. أما الشق  الثانى فيخص الصاحب السيئ الذي يصيب من يصاحبه باللعنة والمصائب، وفى القسم الثانى أو الشق الثانى يشبه المثل الشعبى هذا الرفيق بالحداد الذى يصيب من يجاوره أو بصاحبه  أو حتى يجلس معه بالشظايا. 

ونلاحظ هنا أن المثل قال "الجار" غير أن المقصود من المثل هو الصاحب وليس الجار، وإن كان هذا المثل يستدل به أحيانا فى حالة الجوار السئ وفى هذه الحال يأتى الشطر الثانى من المثل، على سبيل المثال إذا أقام شخص خارج على القانون بجوارك تأتية الشرطة فتصيبك بالذعر دون جريرة منك أو خطأ وكأنك تعاقب فقط لأن هذا الشخص يجاورك.

 
علاقة المثل بالدين  
يرتبط هذا المثل الشعبى الدارج "من جاور السعيد يسعد ومين جاور الحداد يتكوى بناره" بالحديث النبوى الشريف، الذى رواه أبو موسى الأشعري عن النبى صلى الله عليه وسلم . حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فنافخ المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما تشم منه ريحا منتنة"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


وإذا ربطنا بين المثل الشعبى "مين جاور السعيد يسعد ومن جاور الحديد يتكوى بناره" سنجد ثمة تطابق فى التشبية والمعنى وأن كان الحديث النبوى أكثر فصاحة وأجمل تبيانا، وهذا المثل يعد من الأمثلة التى أخذتها الحارة الشعبية فى مصر من الأحاديث النبوية وصياغتها بالطريقة العامية، كما أنه يوضع مدى الوفاق والارتباط بين الموروث الشعبى فى مصر وبين الدين سواء كان هذا الوفاق متمثلا فى القرٱن الكريم أو فى السنة النبوية الشريفة، كما أن المثل يوضح أن الحارة المصرية بطبيعتها تميل إلى الحكمة من خلال مفرداتها البسيطة التى تنم عن عمق شديد.