رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعادة تشكيل العالم

مصر دائماً تنتصر للسلام.. وليس للحروب.

ونحن فى قلب الأحداث شئنا أم أبينا. وهو ما يحتاج أن يكون هناك وعى شعبى ومتابعة لما يحدث من حولنا.

الحكاية بدأت من ووهان فى الصين من خلال أزمة جائحة كورونا التى أربكت العالم، ثم  الآن حرب أوكرانيا وروسيا.. التى تشير إلى أن العالم يتشكل من جديد. وقطعاً مصر جزء من تشكيل هذا العالم الجديد. 

روسيا تعيد النظر فى هيكل النظام العالمى، وتؤكد موسكو أنها تدشن لعصر جديد، والحرب تقترب من نهايتها.. ولكن لا يوجد سلام دون ثمن. وهناك إدراك أمريكى أن ما قامت به روسيا سبب لها مأزق أمام حلفائها.. للدرجة التى جعلت الرئيس الأمريكى بايدن يصرح بأنه "على بوتن التنحى عن السلطة". وما تم تفسيره وتبريره بعد ذلك.

أنه مأزق البيت الأبيض والكرملين.

وقال الكاتب فراس مقصد "المستشار السياسى لشؤون الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن" أن هناك أزمة فى العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وأنه على الولايات المتحدة أن تنسحب من الشرق الأوسط مع التركيز على استنزاف الثروات العربية.

وهنا نطرح سؤال: إذا كان العرب أقوياء.. فلابد أن يخطون مواقفهم بعقل.. حتى يكون للدول العربية المشاركة فى صناعة القرار والتأثير السياسى فى المنطقة العربية..

 

ماذا وراء عقد قمة النقب السداسية؟

الإجابة: بسبب تكثيف الغارات الحوثية بدعم إيرانى.. يدفع دول الخليج للبحث عن الدعم السياسى.. فالولايات المتحدة الأمريكية لا تساعد دول الخليج بشكل مناسب فى مواجهة الهجمات على المنشآت النفطية السعودية والإماراتية، والمسودة المسربة لاجتماعات فيينا.. لن تكون قادرة على كبح جماح إيران.

ترى دول الخليج وإسرائيل أن قرب الاتفاق الإيرانى الأمريكى الغربى.. هو مكافأة لطهران بالسماح لها بالهيمنة على المنطقة. لذا ركز أطراف القمة السداسية على السعى لتأمين نفسها من شبح إيران فى المنطقة. أمريكا تريد من السعودية والخليج زيادة ضخ النفط، والسعودية ترى أن مصلحتها الأولى حل المشكلة اليمنية ووقف الهجمات الحوثية. وهو ما جاء فى مذكرات هيلارى كلينتون، والتى تؤكد انطباع تقدير قيادة أمريكا فى تعاملها مع إيران..

انتهكت أمريكا كل حقوق الإنسان، بل وتتاجر بها، وتتبنى أجندة الإخوان فى الضغط على العرب بملف حقوق الإنسان.

 

أكبر جرثومة اقتصادية فى التاريخ هى أن يكون الدولار هو مقياس الاقتصاد العالمى..

اتفاقية برتون ودر" Bretton Woods التى وقعت فى شهر يوليو عام 1944، تلك الاتفاقية التى جعلت الدولار هو المعيار النقدى الدولى لكل عملات العالم. والذى تعهدت أمريكا بموجبها أمام دول العالم بامتلاكها غطاء من الذهب يوازى ما تطرحه من دولارات.

تنص الاتفاقية على أن من يسلم امريكا 35 دولاراً تسلمه أمريكا أونصة من الذهب أو إذا ذهبت إلى البنك الأمريكى بإمكانك استبدال 35 دولاراً بأونصة من الذهب، والولايات المتحدة الأمريكية تضمن لك ذلك. وحينها صار الدولار يسمى "عملة صعبة" و"عملة مرجعية" لعملات العالم والعملة الاحتياطية للبنوك المركزية فى العالم. واكتسب الدولار ثقة دولية، وذلك لطمأنة دول العالم بوجود تغطية للدولار من الذهب.

قامت الدول بجمع أكبر قدر من الدولارات فى خزانتها.. على أمل تحويل قيمتها إلى الذهب فى أى وقت. واستمر الوضع على هذا الحال زمناً حتى خرج الرئيس نيكسون فى السبعينات على العالم فجأة فى مشهد "خيال علمي" لا يتصوره أحد فى العالم.. ليصدم كل سكان الكرة الأرضية بإعلانه أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسلم حاملى الدولار ما يقابله من الذهب، وليكتشف العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات.. دون وجود غطاء من الذهب، وأنها اشترت ثروات الشعوب وامتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبى لها.

أعلن نيكسون حينها أن الدولار سيتم تعويمه أى سيخضع للمضاربة فى السوق، وأن سعر الصرف سيحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوى بسمعة أمريكا واقتصادها.. رغم أن القوة الاقتصادية الأمريكية المزعومة.. مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التى استغفلوا بها العالم. ولم تتمكن أى دولة من الاعتراض أو اعلان رفض هذا النظام النقدى الجديد.. لأن الاعتراض سيعنى حينها أن كل ما جمعته هذه الدول من مليارات الدولارات فى بنوكها.. سيصبح ورقاً بلا قيمة، وهى نتيجة ستكون أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون. وقد سميت هذه الحادثة الكبيرة عالمياً بصدمة نيكسون، ويكفى أن تكتب Nixon Shock  فى محركات البحث لتكتشف أنها حادثة كتب عنها آلاف الصفحات والدراسات، ولكنها ظلت مغيبة عن الشعوب.

ذهب الثعلب الأمريكى هنرى كيسنجر "أحد اشهر وزراء الخارجية الأمريكية" إلى السعودية، وطلب منهم أن من يريد أن يشترى النفط عليه أن يشتريه بالدولار. وهذا ما فعلته السعودية لنيكسون الذى قال حينها كلمته الشهيرة "ويجب أن يلعبوها كما وضعناها". ولا يزال هذا النظام قائماً حتى اليوم، ولا زالت أمريكا تتطبع ما تشاء من الورق الأخضر، وتشترى بضائع جميع الشعوب.. لذلك قال الرئيس الروسى فلادمير بوتن "أمريكا تسرق العالم".

هذا هو الوجه الأمريكى القبيح..

 ولا تنسوا معمر القذافى وصدام حسين حينما طالبوا بتغيير عملة التعامل فى شراء النفط. وهو ما تسعى إليه الصين قريباً.. بتغيير شكل كافة التعاملات بمنطق القدرة على الاستغناء والاكتفاء.

من الآخر..

على القادة العرب اليوم، اعتماد العملة العربية الموحدة للتعامل بها فى بيع البترول والغاز، وليتم التداول عليها.. بدلاً من عملات أى دول أخرى سواء كانت صديقة الآن أم لا.