رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«وسيط لنقل المتطرفين إلى سوريا».. كواليس انضمام داعشى أسترالى إلى التنظيم باسم المساعدات الإنسانية

داعشي أسترالي
داعشي أسترالي

نشرت الصحف الأسترالية تقارير تفيد بعودة متهم أسترالى مطلوب على رأس قوائم الولايات المتحدة وأوروبا لدوره المزعوم مع تنظيم داعش الإرهابى، وألقت السلطات الأسترالية القبض عليه بعد ثمانى سنوات من مغادرته للانخراط فى الحرب الأهلية السورية.

وأشارت التقارير إلى أن الإرهابى محمد الزعبى 30 عاما قد سلم إلى أستراليا بعد ترحيله من تركيا حيث أمضى هناك 18 شهرا فى السجن بسبب صلاته بتنظيم داعش، كما اتهمه مكتب التحقيقات الفيدرالى بتسهيل سفر اثنين من مواطنى أستراليا إلى سوريا حتى يتمكنوا من الانضمام إلى داعش.

وفى محاولات معقدة تسلط الضوء على قضايا عودة المقاتلين الأجانب المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية فى سوريا والعراق، يعد الذهبى أحد هؤلاء، فتم فورا القبض عليه فور وصوله من قبل الشرطة الفيدرالية الأسترالية ونقله إلى شرطة فيكتوريا حيث كان سيبدأ الحجر الصحى لمدة أسبوعين قبل أن يتم تسليمه إلى سيدنى بناءً على مذكرة توقيف من نيو ساوث ويلز.

وقال نائب مفوض الشرطة الأسترالية إيان مكارتنى فى تصريح صحفى إن اعتقال الزعبى جاء تتويجًا لتحقيق استمر ست سنوات، وأنه بمجرد وصوله إلى نيو ساوث ويلز تعتزم الحكومة الأسترالية توجيه ست جرائم تتعلق بالإرهاب، مضيفا: «أستراليا تعمل بشكل وثيق مع شركائنا فى الأمن الدولى وإنفاذ القانون لدعم إدارة التهديدات الإرهابية فى الخارج».

وتتعلق التهم التى من المتوقع أن يواجهها الزعبى بمساعدته أشخاص آخرين على القتال فى سوريا - مما يعنى أنه يشتبه فى أنه وظف كمجند فى تنظيم داعش شجع الغربيين على مغادرة بلادهم والانضمام إلى التنظيم، وفى عام 2016 اتهمت وزارة العدل الأمريكية الزعبى بمساعدة الرجلين الأمريكيين آشر عبيد خان وسيكستو راميرو جارسيا فى التخطيط لدخول سوريا للقتال فى صفوف داعش لكن هذه هى المرة الأولى التى تتهم فيها السلطات الأسترالية الذهبى بلعب مثل هذا الدور

وكان الزعبى قد نفى فى السابق المزاعم الأمريكية وأنه لم يجند أحدًا أو يقتل أحدًا، بل انضم من أجل الحصول على فرص مادية أفضل توفر له حياة هينة بسبب ما كان يعانيه من فقر قبل انضمامه، حسبما صرح لمحاميه.

وذكرت الصحف الأسترالية أن الزعبى هو أيضًا واحد من الأستراليين القلائل الذين عادوا إلى وطنهم من الحرب الدامية فى سوريا: معظم الأستراليين الذين عاشوا فى ظل تنظيم داعش أو حاربوا من أجله فى الشرق الأوسط والذين يزيد عددهم على 200 كانوا قد قتلوا أو يعانون من ظروف مُزرية فى معسكرات الاعتقال والسجون فى سوريا والعراق.


وأشارت التحقيقات الفيدرالية إلى أن اثنين من الأستراليين الذين انضموا عبر الزعبى إلى داعش تم إلغاء جنسيتهم وسحبها منهم وهما نيل براكاش وزوجته زهرة دومان وهى مسجونة الآن فى تركيا بعدما تم إلقاء القبض عليها هناك وترفض إسترالية استلامها وتعتبرها ليست من ضمن مواطنيها.

وتابعت التقارير أن الزعبى ادعى فى عام 2013 إلى عام 2015 أنه عامل إغاثة يعمل فى مناطق قريبة من الحدود التركية السورية يقدم الخبز وغيره من المساعدات إلى لاجئى الحرب السوريين.

وذكرت التحقيقات أن الزعبى أثناء حكم محكمة تركية اعترف بأنه سافر فى عام 2015 إلى الرقة عاصمة تنظيم داعش حسبما أعلنوها، وأنه بعد انضمامه للتنظيم خضع لأسابيع من التدريبات الدينية والعسكرية.

وأوضحت التقارير أنه قال للسلطات التركية إنه «خدم فى الخطوط الأمامية» ثم تم تكليفه بدور فى مكتب تابع لتنظيم داعش مرتبط بالنقل والاتصالات وعمل أيضًا مترجمًا للغة الإنجليزية.

واعترف الزعبى بأنه لم يبق مع تنظيم داعش وحاول الهرب منهم فانقلبوا عليه وفى منتصف عام 2017 عندما سقطت الرقة فى هجوم كردى بدلًا من الانسحاب مع مقاتلى داعش، ما جعله يدفع للمهربين الأموال التى جمعها ولاذ بالفرار إلى شمال غرب سوريا.

ووذكرت المحكمة التركية أن الزعبى هرب من داعش لمدة عامين وأنه تزوج من نساء محليات وافتتح مركزًا لرعاية الأطفال قبل أن يتم القبض عليه عند نقطة تفتيش من قبل ميليشيا مسلحة بالقرب من تركيا.

وهناك تم إرساله إلى تركيا حيث احتُجز فى مركز هجرة تركى وحُكم عليه فى النهاية بالسجن 18 شهرًا لانضمامه إلى تنظيم داعش وفقًا للوثائق.

ويذكر أنه فى عام 2015 وجه مكتب التحقيقات الفيدرالى رجل هيوستن آشر عابد خان له تهمة بالتآمر لقتل أشخاص فى الخارج وتقديم دعم مادى لتنظيم داعش بمساعدة الزعبى.

وتتعلق التهم بخطة مزعومة عام 2014 وضعها خان ومواطن أمريكى آخر يدعى سيكستو راميرو جارسيا للسفر إلى سوريا للانضمام إلى المجموعة.

وادعى عبر الصحف المحلية الأسترالية أن التهم الموجهة إلى نجلة ملفقة وأنه سافر ليقوم بعمل إنسانى فى سوريا، وأنه كان دائمًا على اتصال بابنه حتى تم اعتقاله فى تركيا وانقطع الاتصال.

وأشار براء الزعبى، والد المتهم، إلى أن التهم التى وجهتها أمريكا كاذبة ومبالغ فيها وأن نجله كان يعمل فى منطقة سيطرت عليها داعش لكنه لم يعمل مع التنظيم الإرهابى بل كان له دور إنسانى بتوفير التعليم والترجمة والغذاء بالتعاون مع مؤسسات إنسانية دولية.

وأكمل والد الزعبى قائلا: لو كان ضمن التنظيم لماذا سعى للهرب كثيرا ودفع للمهربين لإنقاذه واستسلم لرجال الأمن التركى ليعيدوه إلى بلده؟!

وتقول الحكومة الأسترالية إن الزعبى ليس أول مواطن أسترالى تتم إعادته من الشرق الأوسط حيث إنه منذ 2019 قامت أسترالية باستلام ما يقرب من 1000 شخص متهمين بالانضمام لداعش أو مرتبطين بهم أو أقرباء لهم كالأطفال والزوجات والأشقاء وعناصر داعشية عملت وتدربت بذاتها.

وذكرت الحكومة الأسترالية أن أول أسترالى عاد من تركيا كجزء من عمليات الترحيل هذه كان رجل من كوينزلاند يبلغ من العمر 30 عاما يدعى اجيم اجازى ووصل فى أواخر 2019.


وتوجه إلى هؤلا عادة خمس جرائم إرهابية فيدرالية بسبب نقص الأدلة تتضمن دخولهم إلى سوريا بنية القتال والانتماء إلى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة فى سوريا.

يذكر أن الزعبى غادر من أستراليا فى عام 2013 عندما كام فى أوائل العشرينيات من عمره وأطلق عليه اسم محمد ابن البراء بسبب اسم والده براء وكان قد لفت انتباه السلطات الأسترالية والجمهور عندما نشر مقاطع فيديو تظهره وهو يقدم مساعدات للسوريين فى محافظة اللاذقية التى تقع شمال غرب تركيا على حدود التركيا.

وكتب محمد الزعبى عبر صفحته سابقًا فى عام 2014 ردًا على أحد الأشخاص الذين سألوه: كيف دخلت إلى سوريا قال سافرت إلى تركيا وحاول الدخول عبر طرق شرعية مع منظمات إنسانية لكنهم أعادوه فدخل بطريقة غير شرعية مع مهربين وفى التعليق قال لذلك الشخص إذا أردت المساعده راسلنى أصلك بهم.


وفى مقابلة سابقة للزعبى أجرتها قناة إ بى سى الأمريكية فى عام 2014 قال فيها إنه تلقى 30 ألف دولار من التبرعات لحسابه قبل أن تغلق الحكومة الأسترالية حسابه.

وأشار فى تلك المقابله إلى أنه يعتنى بالجرحى والأيتام والأرامل ويوفر الخبز ومعدات سيارات الإسعاف لنقل الجرحى من المدنيين.

وأوضح فيها أنه لم يقم بحمل أى سلاح أو يرتكب أى أعمال قتل أو عنف بل فقط إنه هناك للمساعدة بسبب استيائه من موت وجوع الأبرياء بسبب الحروب، متابعا أنه عندما طالب الناس بالتبرع له من أجل إطعام الفقراء لم يتلق سوى 20 و50 دولارًا كحد أقصى ولكن عندما ذكر أنه تمويل للجهاد تلقى مبالغ تصل إلى 100،000، 50،000، 200،000 دولار.

وأوضح فى مقابلته للقناة الأمريكية فى عام 2014 أنه كان يعمل كوسيط لمساعدة الناس على الدخول الى سوريا وأنه الشىء الوحيد الذى أراده هو العمل الخيرى وليس الإرهاب أو العنف، وقال ما دليل الحكومات التى تتهمنى بأننى إرهابى وأنا لم أفعل أى شىء كهذا.

ويعد محمد الزعبى أحد الأشخاص المعروفين نظرا لأنه ظهر فى عدة لقاءات متلفزة فبجانب القناة الأمريكية، جذب الزعبى اهتمام الكثيرين عندما ظهر على إحدى القنوات التركية إس بى إس عبر برنامج انسايت على الهواء مباشرة وقال خلاله «انظروا إلى أنا لست جزءا من أى مجموعة معينة لكننى اصرح بصوت عال وأدعم داعش فى أنهم يريدون تطبيق ولاية إسلامية موحدة أنه حلم كل المسلمين»، وأضاف: أعتقد أنهم مستقبل سوريا وأعتقد أنهم مستقبل الإمبراطورية الإسلامية القادمة.

وتابع فى لقائه قائلًا: «لدى قناعة تامة أنه بالمعدل الذى يذهبون إليه، فإنهم سيقيمون حقًا العدل ويقيمون القرآن فى الأرض».

وذكرت الصحف الأسترالية أنه فى أغسطس 2016 كانت قد داهمت الشرطة الفيدرالية منزلًا مرتبطًا بعائلة الزعبى فى جنوب غرب سيدنى بسبب مزاعم بتمويل الإرهاب فى الخارج.

وفى مايو 2018 ألقت القوات الكردية القبض على الزعبى واحتجزته لمدة ستة أشهر قبل إطلاق سراحه حسبما قال والده لـ موقع إى بى سى الأمريكى العام الماضى.

ثم فى يونيو 2019 تم اعتقاله للمرة الثانية من قبل قوات فرقة السلطان مراد عند نقطة تفتيش فى مدينة عفرين شمال سوريا أو بالقرب منها حيث كان قد ذهب لشراء معدات الطبخ بحسب والده.