رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أبوعلي القيسي".. داعشي بارز يكشف خطط التنظيم الجديدة بالعراق

ارشيفية
ارشيفية

لا ينفك تنظيم داعش الإرهابي عن تغيير هيكليته وتعيينه قيادات وتغييرها باستمرار بسبب قتلهم أو ‏القبض على أغلبهم، حسب قضاة مختصين، وأبوعلي القيسي أحد أبرز هذه القيادات الجديدة.‏

يشغل القيسي، الإرهابي البارز، منصب أمير الفرع الجنوبي الذي يتكون من ثلاث ولايات مهمة، ‏ويكشف في اعترافاته، التي نشرتها مجلة "القضاء" العراقية، عن هيكلية التنظيم وتقسيم إدارة ما يسمى "ولاية ‏العراق" إلى ثلاثة أفرع، يترأس هو أحدها، فيما تبين التحقيقات أن القيسي تمت تهيئته في معتقل بوكا عام ‏‏2008 بلقائه أغلب قيادات القاعدة وأفرادها في المعتقل.

أدت الخلافات بالقيادي القيسي واليا لولاية الجنوب بعد أن تلقى أوامر بالرجوع من سوريا مع جنوده ‏ومفارزه لإنشاء مضافات في بغداد وحزامها تمهيداً لتنفيذ عمليات كلفوا بها، أبرزها "غزوة رمضان" التي ‏كان من المفترض تنفيذها خلال شهر رمضان الماضي قبل أن يتم إحباطها.‏

‏ وفي معرض اعترافاته، أفصح الإرهابي الذي يكنى بـ"أبوطيبة" (32 عاماً) قبل أن ينال الشهرة ويغير ‏كنيته، عن أن التنظيم كان يتفق مع تجار عراقيين لاستيراد خرائط إلكترونية من الصين تستخدم في تفجير ‏العبوات والعجلات المفخخة.‏

أبوعلي القيسي كان يعمل فلاحاً في مناطق عامرية الفلوجة قبل أن ينخرط في صفوف التنظيمات ‏الإرهابية، وكان قد ترك دراسته كونه لم يفلح فيها، وهو متزوج ولديه من الأطفال ستة، كما تزوج القيسي مرة ‏أخرى من إحدى "المهاجرات" الألمانيات.‏

يقول الإرهابي القيسي: "كنت أنتمي إلى الجيش الإسلامي خلال عامي 2005 و2006، واشتركت خلال ‏تلك الفترة بالعديد من العمليات القتالية، وخلال عام 2007 ظهر تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وبسبب ‏الخلافات والصدامات المسلحة بينه وبين التنظيمات المسلحة الأخرى واعتقادا مني بأن فكر تنظيم القاعدة ‏هو فكر الإسلام الصحيح الخالي من البدع منحته البيعة".‏

ويضيف القيسي: "خلال عام 2008 اعتقلت من قبل القوات الأميركية، وتم وضعي في كامب يتواجد فيه ‏أغلب قادة تنظيم القاعدة، الذي أصبح لاحقاً تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، حيث أكملت دراستي الفقهية ‏هناك على أيدي قادة التنظيم، وأصبحت مقتنعا بأن فكر ومبادئ التنظيم هى الأصح، وما زلت أؤمن بهذا ‏الفكر"، كما يعبّر.‏

ويذكر الإرهابي: "بعد خروجي من المعتقل تواصلت مع أحد أفراد التنظيم الذي كان معتقلاً معي، وطلبت ‏منه أن يربطني ببقية المقاتلين، واعتقلت مرة أخرى، وأفرج عني بموجب قرار العفو رقم 19 لسنة ‏‏2008"، منوها إلى "أن التنظيم كان يتواصل مع معتقليه ويتكفل بتوفير المحامين ودفع أجورهم وتقديم ‏المساعدات".‏

واستطرد: "بعد خروجي من المعتقل في المرة الثانية عام 2016 كان تنظيم داعش قد سيطر على بعض ‏المحافظات والمدن، وانتقلت إلى الفلوجة والتقيت المدعو (أبوزياد) نائب والي الجنوب، وهو ابن عمي"، ‏مؤكداً: "رددت البيعة مرة أخرى، وتم تكليفي من المدعو أبوزياد للعمل في السيطرات العسكرية".‏

يروي القيسي: "بعد هجوم القوات العراقية صدر أمر من والي الجنوب ووالي الفلوجة بانتقال جميع افراد ‏تنظيم داعش وانسحابهم الى القائم (ارض التمكين)، وخرجنا برتل كبير يضم آلاف العجلات، ‏فضلاً عن 4000 شخص، وسلكنا طريقا صحراويا، وعند تجمعنا عند بحيرة الرزازة تعرضنا للقصف من ‏قبل الطيران العراقي، وقتل وأصيب العديد من المقاتلين بمن فيهم أنا".‏
وبيّن: "انتقلت للقائم للعلاج ومن ثم إلى الميادين السورية التابعة لولاية الخير، ومن ثم التقيت ابن عمي ‏المكنى بـ(أبوزياد)، والذي أصبح يشغل منصب أمير لواء الفاروق، ومن ثم والي فرع الولايات الجنوبية ‏‏(الفلوجة والانبار والجنوب)".‏

وعن إعادة هيكلة داعش والتغيير في قياداته، يوضح القيسي: "تمت إعادة هيكلة تنظيم الدولة الاسلامية، إذ تم ‏تقسيم ادارتها الى ولاية العراق وولاية الشام، وتم تكليف المكنى (حجي تيسير) من قبل الخليفة أبوبكر ‏البغدادي كأمير لولاية العراق، في حين تكليف المكنى (عبدالغني) بمنصب ولاية الشام من قبل الخليفة ‏ايضاً"، مضيفاً أن "ولاية العراق جرى تقسيمها الى ثلاثة فروع، كل فرع يمثل ثلاث ولايات، عدا فرع ‏واحد يمثل ست ولايات، وتم تنصيب ابن عمي المكنى (أبوزياد) بمنصب أمير الفرع الجنوبي المتمثل ‏بثلاث ولايات، هي: (الانبار والفلوجة والجنوب)".‏

ويشير إلى "تكليف المكنى (أبوياسر) بمنصب امير الفرع الشمالي، والذي يشمل ست ولايات،هي: (نينوى ‏وكركوك وصلاح الدين ودجلة والبادية والجزيرة)، وبالنسبة لفرع الوسط فهو يشمل (ولاية بغداد وولاية ‏شمال بغداد وولاية ديالى)".‏

ويكمل الإرهابي: "جرى تكليف ابن عمي (أبوزياد) بمنصب الإداري العام لولاية العراق بعد مقتل ‏الإداري السابق مع والي الجنوب، وكلفت من قبل أبوزياد بمهام الإشراف على الفرع الجنوبي، ومن ثم دمج ‏الفرع الجنوبي مع فرع الوسط وأصبحت مشرفاً ومسئولاً على ذلك الفرع"، موضحاً: "توليت مسئولية ‏إدارة ومتابعة ست ولايات، وهي: (بغداد وشمال بغداد وديالى والجنوب والفلوجة والانبار)، وكنت أصدر ‏الاوامر لتنفيذ العمليات ضمن تلك القواطع، وكذلك كان البريد يرفع من قبلي إلى المشرف على ولاية ‏العراق"، حسب ما يروي (أبوطيبة)، الذي غيّر هذه الكنية إلى أبوعلي القيسي بعد أن أصبح مطلوباً لدى ‏القوات الأمنية.

يقول أبوعلي القيسي: "بسبب الخلافات أصبحت والي الجنوب فقط دون الإشراف على بقية الولايات، ‏وكلفت مطلع العام 2019 بالانتقال من سوريا والدخول الى الأرضي العراقية، وتكوين مضافات في المدن ‏والعاصمة بغداد لتنفيذ عمليات والاستعداد لغزوة رمضان".‏

وعن هذه "الغزوة" يقول الإرهابي: "دخلنا الاراضي العراقية عن طريق مهربين بالاتفاق مع قوات سوريا ‏الديمقراطية التي كانت تحاصر الباغوز التي كنا متواجدين فيها مقابل المال، وجرى تهريبنا الى صحراء ‏الحضر في نينوى، حيث انتقل الإداري العام لولاية الجنوب رفقة عدد من المقاتلين للصحراء المذكورة، ‏وتم تكوين مضافات هناك بناء على الاوامر الصادرة مني، ومن ثم انتقلت الى تلك المضافات، والتقيت العديد ‏من الولاة وجرى تزويد مقاتلين لولاية الجنوب بالسلاح".‏

ويضيف: "انتقلنا بعدها الى مضافات خاصة بولاية الجنوب في صحراء الرطبة، والتقيت المكنى (أبو‏زينب) وهو مسئول التجهيز في ولاية العراق، وطلبت منه تزويدي بخرائط إلكترونية تستخدم في ربط ‏أجهزة الهواتف النقالة والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة لتنفيذ العمليات المخطط لها".‏
ويؤكد القيسي أن "التنظيم كان يتعامل ويتفق مع تجار عراقيين لاستيراد خرائط إلكترونية من دولة الصين ‏لاستخدامها في ربط الهواتف النقالة بالعبوات والعجلات المفخخة، وكان التجار يقومون باستيرادها".‏

ويتحدث الإرهابي أنه "بعد أسابيع من التحضيرات من والي الفرع الجنوبي الذي عين بدلاً مني، وتضمنت ‏الدخول إلى قواطع ولاية الجنوب وولاية بغداد لغرض تنفيذ العمليات المخطط لها، وأبرزها غزوة رمضان، ‏وهي العملية الجهادية التي يتم تنفيذها كل سنة في شهر رمضان"، منوهاً "قمت بإصدار الأمر إلى ‏المقاتلين وتوزيعهم على وجبات والدخول الى العاصمة بغداد وكذلك الى قاطع جرف الصخر وفتح ‏مضافات هناك وجلب الاسلحة والمعدات". ‏

وبين الارهابي: "طلبت من مجهز ولاية الجنوب تحضير الاسلحة والمواد المتفجرة والعبوات لغرض ‏الشروع بتنفيذ غزوة رمضان، وفي هذه الاثناء قمت بإرسال المقاتلين على شكل وجبات، ارسلت الوجبة ‏الاولى الى جرف الصخر حيث كان يتواجد المقاتلون هناك في مضافات تحت الأرض".‏

أما في العاصمة بغداد فيروي الإرهابي: "تم إنشاء مضافة، وهي عبارة عن شقة في منطقة الدورة جنوب ‏العاصمة، وبعد إخباري بتجهيز المضافات انتقلت الى بغداد تمهيداً للشروع بالعمليات"، مؤكداً أن "القوات ‏الامنية ألقت القبض علينا داخل المضافة قي بغداد أثناء التحضير للعمليات التي من المزمع تنفيذها".‏

من جانبه، أفاد القاضي المختص بنظر قضايا جهاز الأمن الوطني، وهو الذي تولى الإشراف والمتابعة على ‏عملية الإطاحة بالقيسي، وكذلك التحقيق معه، بأن "غزوة رمضان التي كان من المفترض تنفيذها خلال ‏شهر رمضان الماضي تم إحباطها، وكانت تتضمن القيام بأعمال اجرامية تستهدف مناطق داخل العاصمة ‏بغداد بالعبوات والعجلات المفخخة، وكذلك الهجوم المسلح". ‏

ويروي القاضي المختص أن المتهم "ضبطت معه أسلحة ومواد متفجرة وجهاز كاتم، فضلاً عن مستمسكات ‏مزورة وأختام مزورة تعود لضباط وكارتات تابعة لدوائر الاحوال المدنية بغية ملئها بمعلومات مزورة ‏لمتهمين آخرين يعملون ضمن الولاية نفسها وكذلك مبالغ مالية".‏

كما بين قاضي التحقيق أن "ولاية الجنوب مقسمة الى ثلاثة قواطع، وهي: قاطع الفاروق، ويشمل المناطق ‏‏(العويسات البوعيسى والجرف والمسيب ومحافظة بابل والاسكندرية فضلا عن مناطق أخرى)، وقاطع ‏البراء ويشمل (المحافظات الجنوبية والمدائن وعرب جبور)، بالإضافة إلى قاطع الحمزة، ويشمل مناطق ‏‏(القره غول والكرطان واليوسفية وصدر اليوسفية والكوام والرضوانية والمحمودية وناحية الرشيد)".‏‏