رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخواني منشق: الإلحاد والإرهاب نتيجة طبيعية لتأثير أفكار الجماعة على شبابها

عمر الحداد
عمر الحداد

الشعب المصري أسقط حكومة مرسي لأنها فاشلة
الإخوان لجأوا للعنف بعد أن فقدوا حلمهم في الرئاسة

هو واحد ضمن الآلاف الذين انشقوا عن جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن اكتشف حقيقتها، وأفكارها المنحرفة، خلافه مع الجماعة لم يكن شخصيا بقدر ما كان بسبب أفكارها التي وجد أنها غير مناسبة وأنها تحيد عن الطريق المستقيم.

استفاقة الدكتور عمر الحداد جاءت بعد أن اكتشف خداع الجماعة، وتفريقهم في التعامل بين منتسبيها، لم ينكر الحداد أن أفكارها تسببت في الدفع بالمنضمين إليها لخطين كلاهما أسوأ من الآخر، وهما الإلحاد أو الانضمام لداعش.. السطور التالية تكشف لنا كيف انضم إليها وكيف انشق عنها.

كيف بدأت علاقتك بالجماعة؟

انضممت للجماعة بالوارثة، مثل كل الأطفال يطبع بداخلهم ما تربوا عليه في بيوتهم، والدي مدحت الحداد كان عضوا بالإخوان لفترة طويلة، وقد كان يصطحبني معه في طفولتي لأحد مساجد الإسكندرية، حيث كانت هناك دروس لتحفيظ القرآن للأطفال، ومن خلال هذه الدروس والأنشطة نشأت في مساجد الإخوان، ثم لاحقا في المرحلة الثانوية وفي بداية سنوات الجامعة كنت نشطا مع طلبة الإخوان.

وهل استمرت علاقتك بالجماعة؟

الجماعة الإرهابية تجري عمليات التربية بصورة تجعل الشخص الأكثر ميلا للسمع والطاعة هو من يحظى بالاهتمام والرعاية، بينما أصحاب الفكر المختلف غالبا ما يصبح بقاؤهم في الجماعة مسألة شاقة، فهم لا يفضلون من يفكر ويناقش ويجادل، عليك أن تسمع وتطيع وتنفذ، وبهذه الطريقة تخرج شخصيات نمطية تماما، وبالتالي فأي فكر مختلف أو نقد للأوضاع والأخطاء الداخلية يوضع على الرف، ويتم تهميشه، وهذا تحديدا كان السبب المباشر في إدراكي أن هذا الكيان من الصعب أن يطور نفسه، أو يسمح لأعضائه بتطوير أنفسهم خارج نطاق خطوطه الفكرية، وبالتالي نهايته حتمية وقريبة جدا، وهو ما حدث بالفعل.

الدولة تلعب دورا كبيرا في المراجعات الفكرية لشباب الإخوان داخل السجون.. كيف تراها؟

المراجعات الفكرية أمر جيد، وهؤلاء الشباب الذين يراجعون أفكارهم، ويتبرأون من أفكار الإرهابية، هم بدأوا العودة للطريق القويم، بعد أن اكتشفوا الخداع والويلات التي سقطوا فيها، وكيف غرر بهم ليتورطوا مع هذه الجماعة الإرهابية من خلال الشعارات الجوفاء والخطب الرنانة.

وهناك من رفضوا فكر الجماعة بالكلية وأعلنوا الخروج عليها، إما على طريق التشدد كالحالة الداعشية وإما على طريق التفسخ والانحلال وحتى الإلحاد، وهذا كله بسبب أفكار الجماعة الغريبة التي أدت في النهاية، إما لتشدد مفرط أو انحلال مفرط، لكن المراجعات في السجون تعي تماما ذلك، وهو ما يتم توضيحه للشباب لحمايتهم من الوقوع في أحد هذين الطريقين.

كيف ترى تجربة عمرو عبدالحفيظ تحديدا باعتباره قائد أهم هذه المراجعات في السجون؟

تجربة عمرو عبدالحفيظ، متميزة وثرية، والرجل له بالفعل فكر مختلف، وما قاله صحيح تماما، مثل ضرورة مراجعة الأفكار التي تأسست عليها الجماعة الإرهابية، حيث إنه مر وقت طويل وتغيرت ظروف كثيرة وكل هذا يستدعي تغييرا كبيرا في كثير من الأفكار والوسائل، كما أن هذه الأفكار خداعة وبراقة في ظاهرها لكن في داخلها يكمن الشيطان.

باختصار ما هي مآخذك على الجماعة الإرهابية؟

المآخذ كثيرة وعديدة ولا مجال لحصرها، يكفي خداعها لمن ينتمون إليها، وما تسمعه في البداية عكس ما يحدث داخل الجماعة بأن تتورط في الانتماء إليها.. شعارات القادة المزيفة أهلكت الجماعة، أساليب التربية وإدارة الجماعة كلها سيئة، المسئوليات الإدارية والتنظيمية كلها بحاجة إلى مراجعة.

والأهم أن الجماعة تعجلت دخول اللعبة السياسية بعد ثورة يناير 2011، وأهلكت نفسها بنفسها وكشفت مطامعها أمام الشعب المصري، الذي رأي الوجه الحقيقي لها، ورغبتهم في السيطرة على مفاصل البلد، لمصلحة الجماعة وليس لمصلحة الوطن.


أخطر شيء في فكر الجماعة هو فهمهم مبدأ شمولية الإسلام، فالجماعة تتعامل بمبدأ أنه يجب أن يكون لها نشاط في كل المجالات، وقد أدى هذا بالضرورة إلى دخولهم لعبة السياسة بغير استعداد، وأرى أن على الجماعة أن تعود للدعوة، ومن أراد من أبناء الجماعة أن يعمل بالسياسة فيمكنه أن يعمل فيما يراه الأفضل بين الأحزاب الموجودة دون أن يكون ملزما باتباع فكر سياسي معين، وفي النهاية تكتشف أنهم لا يصلحون دعاة ولا يصلحون ساسة، هم أي شيء غير ذلك.

لماذا استخدمت الجماعة العنف ضد الدولة؟

حكومة محمد مرسي كانت فاشلة، ولهذا أسقطها الشعب المصري، فهو لم يكن رئيسا لمصر؛ بل رئيسا لجماعته، وعزله كان واجبا، عندما استشعر الشعب المصري الخطر، المصيبة الأكبر أن مصر لم تكن تدار من قصر الاتحادية، بل كانت تدار من المقطم من مكتب الإرشاد وكانت هذه الطامة الكبرى، وبعد أن فقد الإخوان حلمهم الذين زحفوا خلفه لمدة عقود كاملة لم ينعموا به وفلت من أيديهم في لحظات، فلم يكن أمامهم سوى العنف لتخويف المصريين، وإثنائهم عن ثورتهم في 30 يونيو، ولكنهم فشلوا في ذلك في ظل تكاتف فئات الشعب، ومؤسسات الدولة التي صمدت في وجه التدخل الإخواني.

من الذي تراه سببا في انهيار الجماعة من القيادات؟

هناك عدد من أعضاء الشورى ومكتب الإرشاد الذين دفعوا باتجاه دخول اللعبة السياسية، هؤلاء في رأيي هم من يتحملون مسئولية هذا الانهيار كاملة، الكثير من الاسماء، الغرور وعدم القدرة على قراءة المشهد، والرغبة في الاستحواذ، والتعالي على الشعب المصري كلها أمور عجلت بسقوط الجماعة.

لماذا تحول عدد كبير من شباب الإخوان إلى الإلحاد تارة وإلى داعش تارة أخرى؟

هذه نتيجة طبيعية ترجع لعدة أمور، أهمها التربية المنعزلة المنفصلة عن المجتمع، التي تجعل العضو يعيش في بيئة مثالية تماما يرفض ما سواها، فإذا تعرض لصدمة تغيرت قناعاته من أثرها.