رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

للهروب من شبح الحل.. إخوان الأردن تعد وثيقة مطولة لـ"المناورة"

جريدة الدستور

عكفت جماعة الإخوان بالأردن، على إعداد وثيقة سياسية للمناورة بعد القرار الذي أعلنت عنه المحكمة بحل الجماعة نهائيًا، ودأبت على فرد العديد من البنود المطوّلة داخل تلك الوثيقة التي أسمتها بـ"الوثيقة السياسية"، مدعيةً أنها توضح موقفها داخل تلك الوثيقة حيال كثير من القضايا والملفات.

ودشنّت الجماعة مؤتمرًا، عقد بمقر حزب جبهة العمل الإسلامي بالعاصمة عمّان، أعلنت من خلاله عن الوثيقة في اجتماعها، بحضور عبدالحميد الذنيبات المراقب العام للجماعة، ومراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، حيث تضمنت خمس بنود مطولة، تخللها العديد من التوجهات التي ادعت الجماعة أنها تسير عليها من منطلق منظومتها الفكرية والقيمية وممارستها السياسية، حسب قولها.

وتطرقت الجماعة في وثيقتها المطولة، إلى الحديث عن التطرف والعنف وموقفها من الإرهاب، معلنة أنها –حسب ادعائها- أنها ترفضه جملةً وتفصيلًا وسلوك مرفوض بكل أشكاله، سواء صدر عن أفراد أو مجموعات أو مؤسسات أو حكومات، بالإضافة إلى الموقف من حرية الرأي والتعبير والإصلاحات السياسية والاقتصادية في الأردن، حسب قولها.

وادعا إخوان الأردن، أن الوثيقة تعبر عن السلوك والفكر السياسي لمختلف الأطر التنظيمية لديها، بعد سلسلة طويلة من الحوارات الداخلية وعشرات اللقاءات والورش النقاشية التي امتدت على مدار ما يزيد عن عام كامل حتى تم إنضاجها والتوافق الداخلي على مضامينها عبر مختلف المستويات التنظيمية.

وواصلت الحركة الإسلامية بالأردن، ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للجماعة، ادعائها قبولها بالتعددية وانفتاحها على الآخر، بالإضافة إلى كون الوثيقة تعبر عن التوجهات السياسية للحركة بعيدة المدى، وتبرز البعد الوطني للحركة وأولوياتها بصورة واضحة غير ملتبسة.

فيما عقّب الدكتور طه علي، الباحث والمحلل السياسي، علي الوثقية التي أصدرتها جماعة الإخوان في الأردن، قائلًا:أن الوثيقة الأخيرة تأتي في ظل وضع متردي يعاني منه إخوان الأردن وبخاصة في ظل تنامي الضغوط على الجماعة، والتي كان آخرها حكما صادرا عن محكمة التمييز منذ أيام بحل الجماعة.

وأضاف في تصريحات لـ"الدستور": أنه تأتي الوثيقة أيضا في ظل انهيار التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، حيث تتوالى الأزمات التي يعاني واحدٍ من أقوى فروع التنظيم الدولي للإخوان يؤكد فكرة اتجاه التنظيم إلى الانشطار ليزداد ضعفًا وصولًا إلى ما يمكن وصفه بمرحلة "الخسوف".

وأكد علي، أن الوثيقة الأخيرة التي يحاول "اخوان الأردن" من خلالها ممارسة عادة إخوانية أصيلة وهي المناورة لتفادي ضغوط الواقع، لكن ذلك يصعب أن يتحقق في هذه المرة، حيث يتسع نطاق الأزمة ما بين السياسي والاجتماعي، يتسع أيضا ما بين المحلي والإقليمي بل والدولي حيث يعاني الإسلام السياسي في مأزق واضح على المستوى العالمي.

وفيما يتعلق بأزمات الجماعة في الأردن، أشار طه علي، إلى أن الأزمة ليست داخلية فقط، بل إنها تعود إلى اتساع الفجوة بينها وبين الشارع الأردني خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة حينما غابت عن مشهد الحراك الشعبي الذي أطاح بحكومة رئيس الحكومة الأردنية السابق هاني الملقي، في يونيو من العام الماضي؛ فلطالما اندفع اخوان الأردن لركوب موجة الفاعليات الشعبية التي كانت تشهدها الأردن في السابق من خلال حشد الشارع مستخدمين "مكبرات الصوت" والسيارات التي التي تجوب الشوارع.

وأردف قائلًا: لكن حضور الجماعة تراجع خلال تلك الأحداث غابت بشكلٍ ملحوظٍ ما يمكن أن نرجعه إلى تفادي أية تبعات كارثية كانت من الممكن أن تلحقها في حال اصطدمت بالسلطة آنذاك، في وقت يتعرض فيها الإخوان في كافة دول المنطقة العربية لضغوط أوصلتهم إلى الهاوية، ما يعني أن أية صدام للإخوان مع السلطات الأردنية التي تعترف بحزب الإخوان "حزب جبهة العمل الإسلامي" من شأنه يعرض الإخوان لمزيد من الخطر.

وأشار الباحث السياسي إلي أنه منذ الانتخابات الداخلية التي وصل من خلالها همام سعيد لمنصب المراقب العام لإخوان الأردن خلفا لسلفه "سالم الفلاحات" يعيش اخوان الاردن انقساما وبخاصة أن نتيجة الانتخابات انتهت بفارق صوتين فقط لصالح همام سعيد، ورغم تجاوز الوقت لتلك الأحداث وبخاصة مع وجود المراقب الحالي عبد الكريم الذنبيات، إلا أن تلك الأزمة عكسب تباينات حادة واختلافات عميقة في الرؤي داخل الجماعة وبخاصة مع مناداة البعض بالتركيز على القضايا الوطنية، بينما دعا فريق آخر للانخراط في المواقف الاقليمية للجماعة الأمر الذي وصل إلى ذروته إلى الموقف مع اشتداد حدة "الربيع العربي" وتباعه.

ويري علي أن أمام كل ما سبق، لم يعد إخوان الأردن بمأمن عن المخاطر، وهو ما يعود لفشل قادة إخوان الأردن في إدارة شئون الجماعة، الأمر الذي أسفر عن انشقاق فصيلين عنه ليكون كلاهما حزبي "المؤتمر الوطني ـ زمزم" وحزب "الشراكة والإنقاذ".

وأوضح أن كل ذلك يعزز يدوره الهوة بين صفوف الجماعة، حيث صاحب ذلك صدامات بين المنشقين وصولا إلى ساحات المحاكم. كما انعكس كل ذلك مع تراجع الجماعة على المستوى الشعبي تراجع الإخوان في النقابات التي كانت لديهم عليها سيطرة تاريخية كنقابة المهندسين، ما يعني دخول إخوان الأردن في نفق مظلم، في وقت يتهاوى فيها كافة فروع التنظيم الدولي للإخوان.