رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ارحمونا يامن تعلمونا

جريدة الدستور

هناك جريمة كبرى ترتكب بإسم القيم والدين، ويترك المجني عليه يلقى مصيره المحتوم، ودائما تقيد الجريمة ضدد مجهول.

إن أكثر المفاهيم ارباكا لنفسية الإنسان العربي، هومفهوم الرضا بالمقسوم والاستسلام للواقع من ناحية،ومن ناحية أخرى مفهوم التطلع والريادة والطموح للأفضل، فتجعل منه إنسان مطرب الدوافع مزدوج الشخصية.

وعودة لتك الجريمة، فبعد معرفة المجني عليه، لنتعرف على الجانى، ودوافعه وهل متعمدة أم خاطئة وغير مقصودة.

وبعد البحث والتحري والتدقيق في ملابسات القضية، وجد ان الجاني من أهل المجني عليه بل هو المنوط به التربية والتثقيف، كما تأكد من البحث عدم تعمده الإساءة.. ولكن الجريمة قد وقعت وتسببت بعاهات مستديمة للمجتمع العربي بأثره.

وتتمثل وقائع الجريمة فى بث تعاليم وقيم مع اطفاء الطابع الدينى عليها فى أعماق النفسية العربية، فحواها انه عليك أيتها الشخصية العربية الرضا بالمقسوم والاستسلام للواقع وان ليس فى الإمكان أبدع مما كان، لتحظى برضا ربك المنان وتنعم فى الأخرة بالجنان، هذا من جانب بينما على الجانب الاخر، يقوم نفس الجاني بالجلد المبرح لنفس الشخصية المجني عليها، بأنها شخصية كسولة هدمت مجد الأجداد من الريادة والقيادة فى شتى المجالات، والتى استفاد منا كل العالم وطورها فأصبحنا نتسول منهم المعارف وكل شيء.

فيا من تعملون في مجال التربية للناس وخاصة النشئ منهم، عليكم ان تبينوا لهم الفرق الشاسع بين الرضا والاستلام بالواقع وبين التطلع والطموح وايهما يسبق ويقود الأخر وايهما التابع للأخر.

فمن حيث الترتيب يجب أن تبدأ بالسعي لتحقيق الطموح، فالسعي تخطيط وعمل ووسائل، والطموح هدف، والرضا نتيجة تابعة.

إن الواقع الذي يعيشه الإنسان إذا كان سيئًا متخلفًا، فإنه لا يشكل حتمية ثابتة، ولا قدرًا مفروضًا، بل هو نتاج أسباب وعوامل قابلة للتغير والتبدل، وفي طليعتها التطلع والطموح فالفرصة متاحة للإنسان لكي يتخلص من ذلك الواقع السيئ، حينما يرفض الاستسلام له ويتطلع لتجاوزه، والتاريخ حافل بالتغيرات الاجتماعية، فكم من مجتمع مستضعف أصبح قويًا، وكم من حضارة سادت ثم بادت وإذا كان الواقع المعاش حسنًا جيدًا، فلا يستولي عليه الغرور والإعجاب، فيتوقف عن التقدم، وإذا لم يتقدم فإنه يتخلف، يقول الإمام علي عليه السلام: من جهل اغتر بنفسه وكان يومه شرًا من أمسه، من اغتر بحاله قصر عن احتياله، الإعجاب يمنع الازدياد.

إن التطلع إلى الأفضل، والطموح إلى الأحسن، هو الشرارة الأولى التي تنقدح بها حركة التجديد والتغيير.

وعودة إلى المفاهيم.

مفهوم الطموح هو ان تحاول الوصول الى قمة ما تصبو اليه نفسك.

ومفهوم الرضا هو قناعتك انك ستظل على هذه القمة، كما أن الرضا شعورك بأنك مخلوق من رب عظيم وانك كفء لما وصلت اليه وتشكر ربك لأنه سبحانه وتعالى الهمك ان تصل الى ما وصلت اليه.

كما حثنا الله تعالى على التفوق الحضاري فى القرآن الكريم.

فسورة النمل هي سورة ملهمة للتفوق الحضاري لتثبت أن الدين ليس دين عبادة فقط وأنما هو دين علم وعبادة ويجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم ومتفوقة حضاريًا لأن هذا التفوق هو سبب لتميّز أمة الأمة كما حصل في العصر الذهبي للإسلام الذي انتشر من الشرق إلى الأندلس بالعلم والدين وقد تميّز فيه العلماء المسلمون في شتى مجالات العلوم.

ففي سورة النمل خطة محكمة لبناء مؤسسة أو شركة أو مجتمع أو أمة غاية في الرقي والتفوق من خلال آيات قصة سيدنا سليمان مع بلقيس ونستعرض عناصر قوة هذه المملكة الراقية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم:

أهمية العلم:(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) وأهمية وجود الإمكانيات والموارد والعمل على زيادتها (وأوتينا من كل شيء)

كما جاءت السنة النبوية بالحث على معالى الامور(عن الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله- تعالى- يحبّ معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها.

ومن الماثورات الملهمة عن التطلع والطموح.

ابدأ صغيرًا، فكر كبيرًا، لا تقلق على أشياء كثيرة في نفس الوقت، أبد بالأشياء البسيطة أولا ثم تقدم إلى ألأشياء الأكثر تعقيدًا.

ينتمي المستقبل لأولائك الاشخاص الذين يرون الفرص قبل ان تصبح واقعًا أو واضحة للجميع.
طموحي أن أموت من الإرهاق لا من الملل. توماس كارليل

أن كنت لا تستيقظ كل صباح باشواق لفعل بعض الامور. فأنت لا تملك اهداف كافية.

الوقت لم يتأخر أبدًا لكي تضع هدفاُ اخرًا. أو أن تحلم حلمًا جديدًا

أعطنى مكانًا لأقف عليه وسوف أحرك العالم.

معظم الناس يرون الأشياء الموجودة ويسألون "لماذا ؟"، لكن الشخص الحالم يرى الأشياء غير الموجودة ويسأل "لماذا لا؟"

الأمر الذى تتخيله يمكنك أن تناله ـ والأمر الذى تحلم به يمكنك أن تحققه ـ والأمر الذى تراه تستطيع أن تصل إليه ـ والأمر الذى تتصوره تستطيع أن تنجزه.

الإنسان يكون حقيرًا جدًا إن تملكت فيه شهواته وعظيمًا جدًا إذا سيطرت عليه طموحاته.
كفاءة بلا طموح: سيارة بلا موتور.

من لا يحب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفـر.

الطموح كالحب، لا يطيق الصبر أو المنافسة.

رفعت الجلسة وللمتضرر الإستئناف….