رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأديبة الفلسطينية كفاح عواد تكشف أكبر أخطاء مواجهة التطرف فى العالم العربى

جريدة الدستور

التطرف هو مرض عقلى وقلبى بعيد عن الدين وليد بيئة مجتمعية وظروف تراكمية
المثقف العربي بات مشغولًا بقضاياه الداخلية عن الهم القومى العربى
لم تكن الأوطان يومًا أبوابًا وجدرانًا لكنها دوما هي الإنسان
إضعاف دول المواجهة مع إسرائيل هو الخطر


كفاح صبري عواد، روائية فلسطينية وعضو اتحاد الكتاب الفلسطيني، عاصرت الكثير من الأحداث التي جعلت لكتاباتها نكهة الحزن فيما آلت إليه الأوطان، بسب نزعات الغلو والتطرف والإرهاب، فكان وجعًا إضافيًا فوق وجع الاحتلال لوطنها.

دراست عواد اللاهوت العربي، وقضايا العنف والتطرف والإرهاب، فهي تمتاز بثقافتها العميقة وسعة اطلاعها، وحبها وعشقها للكتابة، التقت "أمان " مؤخرًا  وكان معها هذا الحوار :  

كيف ترين الواقع العربى الآن ؟

الواقع العربي الآن يمر بأسوأ وأخطر منعطف تاريخي.. فالقضية الفلسطينية تم تهميشها لصالح قضايا العرب التي نشأت نتيجة ظروف تراكمية من جهة ونتيجة مخطط استراتيجي قديم ومدروس لإضعاف الدول العربية وجعلها تتحارب بسبب اختلاف المصالح، وذلك من أجل إضعاف دول الطوق التي كانت قبل ذلك تشكل خطرًا على الاحتلال الإسرائيلي.

واعتقد أن السياسة الإسرائيلية استطاعت استقطاب العديد من الدول العربية لدرجة بتنا نسمع في الإعلام جهرًا وبإعلام دول الولاء لليهود والحقد والنقمة على الفلسطينيين.. ما يعني أن قضية الكسر التي كنا نخشاها دوما قد حصلت... وتوجت بزيارات رسمية معلنة بين بعض الدول وإسرائيل وبشكل طبيعي دون أي حرج.

 لو عقدت مقارنة بين مواجهة التطرف بالفكر ومواجهة التطرف بالثقافة والآداب والفنون من سيفوز ؟

اعتقد أن مواجهة التطرف بالأدب والثقافة والفنون تحتاج إلى بنية أساسية، والحقيقة أننا نفتقدها في نشأتنا وثقافتنا.. لذا حتى حين حاولنا ذلك فشلنا لأننا أخذنا ثوبًا معدًا لجسم آخر له مواصفات بنيوية تختلف عنا وحاولنا أن نرتديه.. ولكن رغم ذاك أنا مع مواجهة التطرف بالتوعية والأدب والفنون وهذا يكون إجراءً وقائيًا للحد منه ومحاولة منع انتشاره أكثر.

وفي نفس الوقت مع الضرب بيد من حديد، لمن لم يرتدع وظن أنه المؤمن الوحيد في الأرض ونزع الإيمان من غيره، واستباح دم الناس بحجج واهية.. مع الانتباه أن التطرف ليس بالضرورة أن يكون إسلاميًا كما بات يجول بذهن كل من يسمع بكلمة تطرف فيربطها مباشرة بالإسلام.

التطرف هو مرض عقلي وقلبي بعيد عن كل دين لكنه وليد بيئة مجتمعية وظروف تراكمية.


المصالحة الفلسطينية وأجواء الصراع العربى الإسرائيلى كيف تؤثر فى الأديب والمبدع العربى؟

المصالحة والصراع العربي الإسرائيلي حاليًا، لا أعتقد أن لها تأثيرًا علي المثقف والمبدع العربي كما كان قبل عشرين عامًا مثلًا.. فقد أصبح لكل مواطن عربي قضاياه الخاصة والداخلية التي تثقل كاهله " أنا لا أعمم لكن أقول إن المعظم بات كذلك ". 

لن نكذب على أنفسنا لندعي أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى لجميع العرب...نعم ما زال النفس القومي موجودًا لكنه استنزف لشدة المتاهات،  أما الفلسطيني فاعتقد أن المصالحة التي لم تتم وأدخلت الجميع بدهاليزها أفرزت اللغة الغاضبة المشككة التي كانت حكرًا على مخاطبه الاحتلال. 

لقد دخلت المصالحة لغه لم نألفها في قاموس المثقف الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام، مما جعل البوصلة تتأرجح بين لغة المقاومة ضد المحتل من جهة ولغة الرفض لما آلت إليه الأوضاع الداخلية من جهة أخرى، وهذا له سلبياته على قوة اللغة واختلاف الأسلوب. 

يرى البعض أن التطرف الإسرائيلى يدفع للتطرف العربى ما قولك فى هذه القضية ؟

أتفق معك بلا شك أن التطرف الإسرائيلي يدفع نحو التطرف العربي.. فلكل فعل ردة فعل... ولكن ما يحزنني حقا أن التطرف اليهودي موجه ومدروس لجني الثمار منه ومن جهة بعينها دون التشتيت ليخدم قضية الإسرائيليين، في حين أن التطرف العربي عشوائي.. لدرجة أننا أحيانا نحار هل مصدره العرب فعلا أم هو صناعة" صهيو أمريكية" تبناها البعض لمصالح ومكتسبات خاصة، والبعض يري التطرف سبببه الفهم الخاطئ لمفهوم ولب الديانات والبعض يراها تصورات ساذجة. 

الفنون والثقافة والإعلام مقوم لظواهر مجتمعية كثيرة كيف نطوعها لتربية جيل جديد يعمل على ترسيخ القيم والمبادئ ؟ 

الفنون والثقافة والإعلام كي نطوعها لصناعة جيل لا بد أن بكون لها خطاب واضح ومنطقي وعقلاني.. خطاب يحترم عقل المشاهد أو السامع ويجعل منه شريكًا في هذا البناء الإنساني التوعوي. 

لم تكن الأوطان يومًا أبوابًا وجدرانًا كانت دومًا هي الإنسان الذي يعيش فيها..وخلال كل ما مر بالعالم العربي من استعمارات مختلفة كان الرهان على الإنسان، الآن سأعترف بأن يدي على قلبي أننا نخسر الرهان. 

ما هي آخر أعمالك الأدبية ؟ 

آخر أعمالي الأدبية رواية "رجل بين قلبين" التي أحاول من خلالها أن أصور الإنسان كما أراد الله له...وأخرجه من دائرة القداسة المبالغ بها أو الشيطانية...فكلاهما لا تصلح له حتى لا يرتدي ثوبًا ليس له. 

بالإضافة لمشاركتي في عدة مهرجانادولية، والحمد لله حاولت أن أوصل رسالتي وصوت قضيتي وأتمنى أن أكون قد نجحت وسط هذا الكم غير المعقول من القضايا الموجعة.