رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: الرسول يخاطب أصحابه بلغة عصرهم..مصر تفكر«3»

جريدة الدستور

بعض أحاديث الرسول لا تصلح للتطبيق الآن وهذا لا يعنى استبعادها من تراثنا أو التعامل معها على أنها ليست موجودة

لا يجب الجمود عند ظاهر النص دون فهم أبعاده ومراميه ومقاصده وحمل الناس على الأخذ بالظاهر نوع من التزمت والتضييق

هوامش جديدة على الفهم المقاصدى للسنة النبوية

النبى نفسه غيّر حكمه بما يتناسب مع الظرف فما بالنا بتغير العصور وتبدل القرون والأحوال

هناك أحاديث للنبى قيلت فى ظروف عصره وهى محدودة بمكانه وزمانه ولا يمكن أن تكون مطلقة لكل زمان ومكان

الرسول ترك للناس حرية التصرف بما يناسب عصرهم وظروفهم وهذه هى عبقرية الدعوة المحمدية


يمكن أن يستفزك السؤال، تستنكره، ترفضه، ولن أقف فى طريقك وأنت تلعن من طرحه أو فكر فيه، لكننى لن أطلب منك هنا فهمك فقط، ولكن أريد صبرك أيضًا، لأن الأمر يتجاوز مجرد السؤال إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. 

لقد عاش النبى «صلى الله عليه وسلم» فى القرن السادس الميلادى، كان حظه منه ٦٣ عامًا، كان فيها نبيًا شرع للناس دينهم، أعاد للعقيدة اعتبارها، ووضع للعبادات حدودها، وهذه لا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يناقشها أو يجتهد فيها، فهى ليست محل اجتهاد، وإن كان البعض لا يمانع من التفكير فيها، والتفكير على ما أعتقد ليس حرامًا. 

لكنه كان أيضًا قائدًا عسكريًا أسس دولة، ولأن الظروف تغيرت وتبدلت، وما يحسن فى القرن السادس الميلادى لا يصلح لا بالعقل أو المنطق للقرن الحادى والعشرين، فإننا نسأل هذا السؤال، ورغم أن الإجابة عنه تستدعى تنظيرًا فلسفيًا محكمًا، إلا أننى سأجيب عنه بأمثلة تطبيقية من واقع السنة النبوية. 

سأفتح معكم مرة أخرى كتاب وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، «الفهم المقاصدى للسنة النبوية»، وسأذهب بكم إلى المبحث السابع مباشرة، وهو المبحث الذى يقدم فيه عدة نماذج من أحاديث النبى «صلى الله عليه وسلم»، شارحًا السياق الزمانى والمكانى لها، ثم يأتى على أنها لا تصلح للتطبيق الآن، وهذا لا يعنى استبعادها من تراثنا أو التعامل معها على أنها ليست موجودة. 

لنبدأ بمسألة السواك، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتى- أو على الناس- لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، وعن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»، وعن حذيفة رضى الله عنه قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك».
يثبت جمعة هذه الأحاديث ثم يقول: «بيّن النبى صلى الله عليه وسلم الحكمة من استخدام السواك والمواظبة عليه، حيث قال: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب». 

وإذا كان القصد من السواك طهارة الفم والحفاظ على صحته، وعلى رائحته الطيبة، وإزالة أى آثار لأى رائحة كريهة مع حماية الأسنان وتقوية اللثة، فإن هذا المقصد كما يتحقق بعود السواك المأخوذ من شجر الأراك يتحقق بكل ما يحقق هذه الغاية. 

وعليه فلا حرج من فعل ذلك بعود الأراك أو بغيره، كالمعجون وفرشاة الأسنان ونحوهما، أما أن نتمسك بظاهر النص ونحصر الأمر حصرًا ونقصره على عود السواك دون سواه، ونجعل من هذا العود علامة للتقى والصلاح بوضع عود أو عودين أو ثلاثة فى الجيب الأصغر الأعلى للثوب، مع احتمال تعرضه للغبار والأتربة والتأثيرات الجوية، ونظن أننا بذلك فقط دون سواه إنما نصيب عين السنة، ومن يقوم بغير ذلك غير مستنٍ بها، فهذا عين الجمود والتحجر وضيق الأفق لمن يجمد عند ظاهر النص دون فهم أبعاده ومراميه ومقاصده. 

عندما ننظر إلى ما جرى، سنكتشف أن الرسول «صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم» استخدموا ما كان متيسرًا فى زمانهم، ولو عاشوا إلى زماننا لاستخدموا أفضل وأنفع وأحدث ما توصل إليه العلم فى سائر المجالات. 

نظافة الأسنان تسلمنا إلى نظافة الفراش، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه، وليسم الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده فى فراشه، فإذا أراد أن يضطجع، فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: سبحانك اللهم ربى بك وضعت جنبى وبك أرفعه، إن أمسكت نفسى فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين». 

الحديث بهذه الصيغة فى صحيح البخارى كتاب الدعوات باب التعوذ والقراءة عند المنام، وفى مسند البزار يأتى بنص مختلف قليلًا، ويرويه أبوهريرة رضى الله عنه أيضا، فعنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم من الليل عن فراشه، ثم رجع إليه فإنه لا يدرى ما خلف فيه بعده فلينفضه بإزاره، أو ببعض إزاره، فإذا اضطجع فليقل باسمك وضعت جنبى وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسى فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين».
يتوقف مختار جمعة عند هذه الأحاديث قليلًا، ويقول: لو وقفنا عند ظاهر النص فماذا يصنع من يلبس ثوبًا يصعب الأخذ بطرفه وإماطة الأذى عن مكان النوم به كأن يرتدى لباسًا عصريًا لا يمكنه من ذلك؟. 

يجيب جمعة عن السؤال، فإننا لو نظرنا إلى المقصد الأسمى وهو تنظيف مكان النوم والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب للإنسان أى أذى من حشرة أو نحوها، لأدركنا أن الإنسان يمكن أن يفعل ذلك بأى آلة عصرية تحقق المقصد وتفى بالغرض من منفضة أو مكنسة أو نحوهما.
العبرة إذن- كما يقول جمعة- ليست بإمساك طرف الثوب، وإنما بما يتحقق به نظافة المكان والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب الأذى للإنسان، بل إن ذلك قد يتحقق بمنفضة أو نحوها أكثر مما يتحقق بطرف الثوب، لكن النبى «صلى الله عليه وسلم» خاطب قومه بما هو عاداتهم وما هو متيسر فى أيامهم حتى لا يشق عليهم فى ضوء معطيات ومقومات حياتهم البسيطة، وكأنه «صلى الله عليه وسلم» يقول لهم: نظفوا أماكن نومكم قبل أن تأووا إليها بما تيسر ولو بطرف ثيابكم. 

يثبت جمعة حقيقة لا مهرب منها، فمن شابهت حياته حياة النبى وأصحابه فلا حرج عليه إن أخذ بظاهر النص فنظف مكان نومه بطرف ثوبه، غير أن محاولة حمل الناس جميعًا على الأخذ بظاهر النص دون سواه تعد من باب ضيق الأفق فى فهم مقصد النص والتعسير على الناس فى شئون حياتهم. 

وهنا أيضًا فإننا يمكن أن نثبت أن اعتبار من يريد حمل الناس على ظاهر النص بأن فهمه وحده هو الفهم الموافق لسنة الحبيب «صلى الله عليه وسلم» وما سواه غير موافق لها مع كل تطورات حياتنا العصرية، فهو ظلم بين لسنة النبى وفهم خاطئ لا يتسق والمقاصد العليا للتشريع من الحرص على أعلى درجات النظافة والجمال والأخذ بكل سبل التحضر والرقى، ما دامت فى إطار المباح الذى لا حرمة فيه، من منطلق قاعدة أن الأصل فى الأمور الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم. 

وهنا تأتى الأحاديث النبوية نفسها لتثبت هذه القاعدة. 

فعن أبى ثعلبة الخشنى رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها». 

وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرًا، فبعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه، وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا هذه الآية: قل لا أجد فى ما أوحى إلىّ محرمًا على طاعم». 

نخرج من أحاديث النظافة إلى أحاديث إسبال الثوب، فعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء»، وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه مخيلة لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقلت لمحارب: أذكر إزاره؟، قال: ما خص إزارًا ولا قميصًا»، وعن أبى ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبوذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟، قال: السبال والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». 

وعندما ينظر محمد مختار جمعة فى هذه الأحاديث نجده يقول إن العلة التى بنى عليها النهى عن طول الثياب هى الخيلاء، التى تعنى الكبر والبطر والاستعلاء والتكبر على خلق الله، مباهاة ومفاخرة بطول الثياب الذى كان يعد آنذاك مظهرًا من مظاهر الثراء والسعة، بل إن رواية لا يريد بذلك إلا المخيلة، قد حصرت النهى فى الكبر والبطر، فمتى وجدت الخيلاء كان النهى والتحريم، ومتى زالت الخيلاء زالت النهى والتحريم. 

ولأن أمر اللباس من قبيل العادات وليس من قبيل العبادات، فالعلة فى النهى مبنية على الكبر والبطر والخيلاء، فمتى وجد أى منها كان النهى منصبًا عليها، ومتى زالت هذه العلل زال النهى، مع التأكيد على ضرورة مراعاة ما يقتضيه الذوق العام والحفاظ على نظافة الثوب من أن يؤدى جره إلى حمل النجاسات ونحوها. 

نصل بكم إلى أحاديث صدقة الفطر، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بأن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة». 

وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: «كنا نعطيها- صدقة الفطر- فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم صاعًا من الطعام أو صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السمراء، قال: أرى مدا من هذا يعدل مدين.. والسمراء هى الحنطة. 

يرى جمعة أن الأصل فى الصدقة، هو إغناء الفقير وتحقيق صالحه، وإذا كان أهل العلم يؤكدون أنه حيث تكون المصلحة فثمة شرع الله، فقياسًا عليه حيث تكون مصلحة الفقير فى صدقة الفطر تكون الأفضلية، فلو كان حال الآخذ وظروف الزمان تجعل الأولوية للطعام فذاك، وإن كان حال الفقير وظروف الزمان تجعل المصلحة فى القيمة والنقد فذلك. 

الدليل على ذلك يأتينا من حديث أبى سعيد الخدرى، فهذا هو معاوية بن أبى سفيان يجعل نصف صاع «مدين» من الحنطة عدل صاع من التمر، فيجعل القيمة أساسًا فى إخراج الصدقة، ولو لم تكن القيمة معتبرة عنده لما جعل نصف صاع الحنطة عدل صاع التمر ومقابلًا له وكافيًا عنه. 

هل نأتى إلى ما لدى الفقهاء من اجتهاد؟.. 

أعتقد أن هذا واجب، فالفقهاء يرون أن إخراج زكاة الفطر يجب أن يكون من غالب قوت البلد من غير الأصناف المنصوص عليها فى الحديث، فبعض البلاد غالب قوتها القمح، وبعضها غالب قوتها الذرة، وبعضها غالب قوتها الأرز، فإقرار الفقهاء لغالب قوت البلد إنما هو للتيسير على مخرج الزكاة، ومراعاة مصلحة الفقير فى آن واحد. 

يلخص مختار جمعة رؤيته فى ذلك بقوله: من يتأمل الواقع فى زماننا ومكاننا وعصرنا يرى أن إخراج القيمة فى الغالب الأعم هو الأكثر نفعًا للفقير من حيث سعة التصرف فى النقد، وهو أدرى الناس باحتياجه ومتطلباته، كما أن الزكاة إذا جمعها الفقير حَبًا- أرزًا أو شعيرًا- غالبًا ما يلجأ إلى بيع هذه السلع بنصف ثمنها أو أقل أحيانًا، وهو ما ينعكس سلبًا على مصلحة الفقير، ورؤيتنا أن القيمة أنفع للفقير فى زماننا هذا، وعلى ذلك فإننا لا ننكر على من أخرج زكاة فطره من الأصناف المنصوص عليها فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم، وعلى من أخرج أنواعًا أخرى من الطعام أو الحبوب، ولا على من أخرج القيمة، فلا إنكار فى المختلف فيه بين أهل العلم المعتبرين، والقاعدة تقول: إنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف عليه. 

الأمر نفسه يتكرر مع أحاديث الأضحية ومنها، عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال: «قال النبى صلى الله عليه وسلم: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقى فى بيته شىء، فلما كان العام المقبل، قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضى؟، قال: كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك كان بالناس جهدًا فأردت أن تعينوا الناس فيها». 

يقرأ مختار جمعة هذا الحديث جيدًا، ويقول: من خلال قراءتنا سياق هذا الحديث يتضح لنا أن «كلوا وتصدقوا وادخروا» و«لا تأكلوا لحوم الأضاحى فوق ثلاث» لم ينسخ أى منهما الآخر، إنما كان كل منهما فى حال معين، فحيث يكون الرخاء والسعة يكون العمل بقول النبى: «كلوا وتصدقوا وادخروا»، وحيث يكون بالناس جهد وحاجة أو شدة وفاقة يكون العمل بقوله: «لا يأكل أحدكم من أضحيته فوق ثلاث»، ذلك أنه لما نهاهم عن الأكل فوق ثلاث سألوه فى العام الذى يليه، يا رسول الله كنت نهيتنا أن نأكل من الأضحية فوق ثلاث، فقال صلى الله ليه وسلم: كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن يعينوا فيهم. 

وما لم يقله مختار جمعة فى دراسته الراقية والمتحضرة جدًا، أن النبى صلى الله عليه وسلم نفسه غيّر حكمه، بما يتناسب مع الظرف، وهو تغير من عام إلى عام فى حياته وعلى عينه، فما بالنا بتغير العصور وتبدل القرون والأحوال. 

نأتى إلى الحديث الخامس، أو مجموعة الأحاديث التى تتناول شأن القيام، فعن معاوية رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب أن يمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار»، وعنه رضى الله عنه قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يمثل له عباد الله قيامًا، فليتبوأ بيتًا من النار»، وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا». 

يفهم مختار جمعة من هذه الأحاديث أن النهى عن القيام ليس مطلقًا، وإنما هو مقيد بالقيام تعظيمًا كما كانت تفعل الأعاجم، فالمنع حيث ورد يحمل على القيام تعظيمًا، وهو ما صرحت به رواية «لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا». 

ومما يؤكد أن القيام المنهى عنه هو قيام التعظيم وليس مطلق القيام، قول النبى صلى الله عليه وسلم «قوموا إلى سيدكم»، يعنى سعد بن معاذ رضى الله عنه، فلو كان القيام منهيًا عنه على إطلاقه لما قال النبى ذلك.

خلاصة القول مما ذهب إليه مختار جمعة فى «الفهم المقاصدى للسنة النبوية»، أن هناك أحاديث للنبى «صلى الله عليه وسلم» قيلت فى ظروف عصره، محدودة هى بمكانه وزمانه، ولا يمكن أن تكون مطلقة لكل زمان ومكان، بل ترك صلى الله عليه وسلم للناس حرية التصرف بما يناسب عصرهم وظروفهم، وهذه فى حد ذاتها عبقرية الدعوة المحمدية وصاحبها النبى صلى الله عليه وسلم.