رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نقد فكرة الإمارة عند الجماعات المتطرفة(2/2)

جريدة الدستور

تحدثنا في الحلقة الاولي عن حديثي العبد الاسود وطاعة الامير الضارب لظهور رعيته والسالب لاموالهم وهي احاديث جسدتها الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق تجسيدا بشعا فأطاحوا برقاب الناشطين والمعارضين لهم علي مرأي ومسمع من العالم مما شوه الصورة الحقيقية للشوري والديموقراطية في الاسلام وهي الصورة التي استحضرناها في الجزء الاول مع تولية ابي بكر وعمر والتأريخ لأول مناظرة علنية في التاريخ بين مرشحين متنافسين.

لنتوقف مليا عند تولية العبد حتي ندحض هذه الرواية بشكل عقلي ومنطقي...من منا لم يقرأ عن قصة العز بن عبد السلام الذي استنكر علي السلطان نجم الدين ايوب تولية امراء المماليك علي رؤوس الناس وان العبد لا يحكم الحر وطالبه ببيع مماليكه وايداع مردود بيعهم في بيت مال المسلمين..

يا تري كم مرة سمعت الشيوخ يتفاخرون بهذه القصة وموقف العز بن عبد السلام هل سمعت احدا منهم خطيء العز وذكر المستمعين بحديث النبي عن حكم العبد الاسود !!وقد كان المماليك في هذا العصر وعلي الرغم من كونهم عبيد كانوا ايضا حائط الصد ضد هجمات الصليبين اي انهم شاركوا في الجهاد وهو اشرف الاعمال ومع ذلك رفض العز حكمهم..

نأتي لنقطة اخري تتعلق بحقوق الرقيق في الاسلام فالحر لا يقتل بالعبد وكذلك لا يعتد بشهادة العبد خاصة في الحدود والتي من المفترض ان يقيمها ان صار حاكما !!!!!ولا يحد قاذفه.تصور انك تستطيع ان تسب الحاكم العبد دون ان يقام عليك الحد فهنيئا اذن للمتنبي سب كافور الاخشيدي في شعره !!!!هل يعقل ان يجعل الاسلام العبد اقل من الحر في الحقوق والمعاملات ثم يناقض ذلك حينما يتعلق الامر بالحكم...

كثيرا من المجمعين علي صحة الحديثين اللذين نحن بصددهما الان يربطون الحديثين بأن بيعة الامام قائمة حتي وان كان عبدا ما اقام دين الله والسؤال المباشر لهم وهل صحابة النبي واسرته حينما قاموا يدافعون عن حق الناس في الشوري لم يعوا هذين الحديثين وهل اهل المدينة الذين شقوا عصا الطاعة ليزيد فأبيدوا عن اخرهم لم يعوا ايضا هذين الحديثين وهل من قاموا ضدهم بالثورات لم يقيموا دين الله حتي استحقوا الثورة عليهم ؟!!!

فمعاوية بن ابي سفيان اول من انشأ اسطولا بحريا في تاريخ الاسلام وقد ارسل ابنه يزيد لغزو الروم العدو التقليدي المسلمين في عقر دارهم القسطنطينية كما ان في عهد يزيد تمكن عقبة بن نافع من بسط راية الاسلام في افريقيا كما أن الحجاج بن يوسف والذي قتل عبد الله بن الزبير وغيره من الصحابة المناوئين للامويين كان اول من أمر بوضع النقاط علي أحرف القران كما شجع استمرار الفتوحات الاسلامية في الهند والصين فهل هذه الاعمال تخرج اصحابها من طاعة الله!!! 

بالطبع لا..انما القضية اكبر من هذا انها قضية الحرية والشوري وحق الناس في اختيار من يحكمونهم...

لقد آن الاوان ان نتحرر من ربقة الاظلام المتعمد في ديننا وان نري الاسلام كمنهج متكامل يعتمد علي العقل والنقد والحرية وقتها ستنفتح نوافذ الابداع ونطل علي العالم بوجه تنويري يبني حضارة قوية قادرة علي المنافسة والمشاركة واسعاد امة حولها الطغيان الي الشتات.

صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
كاتب وباحث مصري