رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل نعيش فراغا إعلاميا؟

جريدة الدستور

مما لا شك فيه أن دور الاعلام بكل أنواعه المرئى والمسموع والمقروء هو دور مفصلى فى حياة المجتمع، ولا تقل أهمية هذا الدور عن أهمية الأدوار التى تلعبها أهم المؤسسات المنوط بها الحافظ على كيان الدولة، وإذا اعتبرنا بأن أدوار هذه المؤسسات هى أدوار قومية ومصيرية فإن دور الاعلام ورسالته لهو أيضًا كذلك.

وكان الإعلام المصرى وخاصة المرئى منه متمثلا فى القنوات الفضائية سواء الرسمية أو الخاصة على مر العصور هو الرائد والقائد بين إعلام المنطقة وذلك لما كان يمتلكه من أنشطة وأعمال قيّمة صنعها رواد وقادة عظام علّموا أجيال وأجيال فحُق أن يكون لهم التقدير والاحترام من الجميع فى الداخل والخارج.

ولم يمر حدث أو ظرف مصيرى بالبلاد إلا وكان للإعلام المصرى دوره الفعّال فى التأثير فيه، فتارة كان إعلامنا موجه ومرشد وتارة أخرى حائط صد وخط دفاع أول لذلك كنا نفتخر بأن لنا إعلام نحترمه ونثق فيه ونفتخر به ونقف خلفه ونتابعه، وبكل أسف كان هذا فى الماضى ليس البعيد ولكنه الماضى القريب أما الأن فالجميع يرى بأن حالة الإعلام فى مصر وخاصة القنوات الفضائية هى حالة مرضية مستعصية تزداد سوء يومًا بعد يوم، حالة أدت إلى تخلفنا إعلاميا عن دورنا الرائد والقائد فى المنطقة، فقدنا تأثيرنا وثقة الآخرين وتزيلنا القائمة، وهذا بسبب ما نقدمه من أنشطة وأعمال.

حيث تبدلت الاعمال القومية والمصيرية إلى أعمال تثير الشفقة، وأصبح العمل الواحد على الرغم من تفاهته وهيافته يتنقل بين جميع القنوات الفضائية، وصار مسؤلى البرامج يتسابقون ويتصارعون على تقديم أعمال لا معنى لها ولا قيمة ولا نفع من وراء تقديمها للمُشاهد الذى شعر بالملل والرتابة مما يُقٌدم له من مادة إعلامية أقل ما يُطلق عليها أنها أعمال هابطة وغير هادفة، وانحصرت تلك الأعمال إما فى حوادث مدارس(مُعلم قام بالتعدى على تلميذ فبكى، وولى أمر تعدى على مُعلم فاشتكى أو طالب قام بالقفز من أعلى السور ‘ وإما أخبار الممثلة التى قامت بخلع او ارتداء الحجاب، أو اللاعب الفلانى الذى وصل تعاقده إلى كذا مليون جنيه أو دولار ) هذا إلى جانب برامج أحادية الاتجاه ولا تُغيّر نهجها مهما حدث كل هذا جعل الكثير من المشاهدين الانتقال إلى متابعة قنوات معادية وموجّهة من الخارج تبث سمومها لمتلقى وقع فريسة لها بسبب مالا يجده فى إعلام بلده، لقد ابتعدنا عن الموضوعية وتشدقنا بالمهنية والحيادية وفقدنا الرأى الآخر الذى يبنى ولا يهدم.

هكذا نعيش فى هذا الفراغ الاعلامى الخطير الذى لو لم نلتفت لخطورته لأصابتنا جميعا بل ودمرت أشياء كثيرة تتعلق أولًا بالمبادئ والقيم وثانيًا بأمننا القومى.

والسؤال الذى يطرح نفسه ما سبب هذا الفراغ الاعلامى فى مصر وما يخلفه من مخاطر جسيمة ؟

ونخّمن الإجابة ونقول هل هى طبيعة المرحلة التى يعيش فيها الوطن والتى فرضت حيز ضيق يتحرك فيه الإعلاميين بشكل معين، أم السبب هم الإعلاميين أنفسهم وأيّن كانت الإجابة فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع.