رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شادي المنيعي.. مؤسس الدم في سيناء

شادي المنيعي
شادي المنيعي

ولد بالأردن، ومنذ صغره ترك أسرته، وبعدها ذهب إلي تونس وبني قصرًا هناك، ثم بعد وفاة والده رحل مع أمه إلى فلسطين، ومنها ذهب إلي سيناء، إنه شادي المنيعي، أخطر أفراد التنظيمات التكفيرية التي تواجدت في سيناء ومؤسس تنظيم داعش سيناء، وخلال تواجده في سيناء امتلك ثلاثة منازل بمحافظة شمال سيناء.

* دراسته

تتسم التنظيمات الجهادية، بعدم توافر جميع المعلومات والبيانات الخاصة بحياة قادتهم، وذلك لأن المسئول عن هذه المعلومات هو الجماعات الإرهابية نفسها، أو الأجهزة الأمنية، ولم يظهر أي من الطرفين رواية صحيحة عن مراحل دراسته، فتضاربت الروايات ما بين تعليم متوسط، وما بين أنه لم يتعد المرحلة الإعدادية، والرواية الثالثة ولكن هي الأرجح انتقل المنيعي مع والده إلى سيناء، حيث التحق بمدرسة المهدية الابتدائية جنوبي رفح، ثم درس المرحلة الإعدادية في مدرسة الجورة جنوب رفح أيضًا، ثم التحق بمدرسة الفارابي الثانوية، إلا أنه لم يكمل تلك المرحلة بسبب بيئة التهريب التي كان يعيش فيها .

* أفكاره

لم يكن شادي المنيعي صاحب فكر ورأي، فهو تم استقطابه إلي الجماعات الإرهابية منذ بداية حياته، وانخرط فيها نتيجة تعرضه للحبس لأكثر من مرة، فكان المنيعي حركيًا أكثر منه فكريًا، فمشاركته في العديد من العمليات ضد الجيش المصري في سيناء، كانت لا تعطيه وقتًا في ترجمة هذه الأفكار، فهو كان يري أن النجاة تكون في إقامة الدولة الإسلامية، والجهاد ضد الأنظمة العربية، حتى تتم إقامة ما يحلم به، والجهاد ضد إسرائيل بعد التخلص من الحكماء الطواغيت-علي حد قوله- في الأنظمة العربية.

تربي المنيعي في أسرة متدينة، فكانت أرضًا خصبة لتحويل فكره من الإسلام الوسطي إلي الإرهاب والعنف، لم يكن منذ صغره شابًا حديث العهد بالفكر الجهادي، حيث ابتعد عن أسرته وهو في سن صغيرة، وبني قصرًا كبيرًا في منطقة المهدية بتونس، وبعد عودته إلي مصر قادمًا من فلسطين، تم إلقاء القبض عليه، وأثناء فترة حبسه تعرف علي بعض الأشخاص المتأثرين بفكر تنظيم القاعدة، مما دفعهم بعد خروجه من السجن لتشكيل تنظيم في سيناء باسم أنصار بيت المقدس، ومن ثم مبايعته لتنظيم ما يسمي «الدولة الإسلامية- داعش»، وبعدها أصبح المنيعي من أخطر العناصر الإرهابية بمصر، والذي قام بعدة عمليات إرهابية على رأسها عمليتا رفح الأولى والثانية، وسلسلة الاغتيالات التي شهدتها مدينة العريش، لكن كانت بدايته الحقيقية عقب خلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

ملابسه الرسمية لا تتغير، فالشكل البدوي أصبح طبعًا فيه، ورحيله عن أهله وهو في سن صغيرة جعل استقطابه للجماعات الإرهابية سهلًا، ليصبح بدون مقدمات زعيمًا لجماعة أنصار بيت المقدس التي تقاتل أجهزة الأمن المصرية في سيناء، وعمل في تهريب البضائع لقطاع غزة بفلسطين سنوات عديدة، وانتقل للعيش في فلسطين بجوار والدته لمدة عامين متصلين، وعاد بعدها إلى سيناء عبر الأنفاق، لكن سرعان ما طُلب للتحقيق من قبل مسئول الأمن الوطني في سيناء حينها.

غادر بعدها للسكن في مدينة العريش، لكن المخابرات العامة قبضت عليه عام 2005 ونُقل إلى القاهرة، لاستكمال التحقيقات للاشتباه بمشاركته في هجمات شنتها حركة التوحيد والجهاد على إسرائيل من داخل سيناء، أثناء حبسه لمدة عام ونصف إلى جانب موقوفين بقضايا سياسية تعرف على مجموعة تنتمي إلى جند الله المتأثرة بفكر تنظيم القاعدة، وشكل له ذلك دافعًا بعد خروجه لتكوين جماعته الخاصة فشارك مع آخرين في تأسيس تنظيم أنصار بيت المقدس.

في عام 2004، كان أول نشاط له في تلك المرحلة تلخص في محاولة الإفراج عن المسجونين المدانين في قضايا تفجيرات شرم الشيخ وطابا، قد نظم في البداية لأجل ذلك عدة اعتصامات على الحدود المصرية، لكنه غير لاحقا أسلوبه وقام في أواخر يناير 2012، باحتجاز نحو عشرين فنيًا صينيًا يعملون في مصنع أسمنت تشغله القوات المسلحة، في مسعى للضغط على الدولة.

ووضعت قبيلة الترابين السيناوية، مكافأة قدرها مليون جنيه لمن يقتله أو يجلب رأسه، عند تشويه سمعة القبيلة أمام الشعب المصري والقوات المسلحة المصرية.

عام 2005 كان فارقًا في حياة المنيعي فقد أقدم خلاله على إحدى العمليات الإرهابية التي زلزلت الدولة، وهي تفجيرات طابا التي أودت بحياة 304 أشخاص، وإصابة أكثر من 150، وتم على إثرها القبض على المنيعي بعد محاولات عديدة فاشلة.

وفي عام 2007، اتهم المنيعي وصديقه سلمان حرب، المعروف باسم أبومريم، بتهريب الأفارقة إلى إسرائيل، فاستطاعت الأجهزة الأمنية تصفية صديقه والقبض على المنيعي وسجنه لمدة عام كامل.

كانت له واقعة في عام 2013، أثبتت أنه لم يكن مجرد عنصر إرهابي في تنظيم، وأنه أيد جماعة الإخوان المسلمين، أثناء ترشح الرئيس الأسبق محمد مرسي، حين قام بمنع المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من إقامة مؤتمر جماهيري بهدف الدعاية في شمال سيناء، وبث مقطع مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي يُعلن فيه أنه لن يسمح بدخول صباحي شمال سيناء باعتباره يحمل فكرًا شاذًا لا تقبله أي شريعة سماوية، وهو ما يُعد أحد صور التطرف اللفظي الذي تلاه تطرفًا جنائيًا فيما بعد.



وبعد ثورة 25 يناير كثفت جماعة أنصار بيت المقدس هجماتها على خط الغاز المصري الذي يزود إسرائيل والأردن، وكان المنيعي يشارك في هذه العمليات بنفسه، وبعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر، وشن حملة أمنية في سيناء، انخرط المنيعي وأنصار بيت المقدس في محاربة الجيش المصري، كما كان من بين مبايعي زعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي، وأصبح أحد قياديي التنظيم الذي بات يحمل اسم ولاية سيناء.



* مقتله

يكتنف الغموض واللغط الحديث عن مقتل شادي المنيعي أخطر عناصر "داعش سيناء"، والذي ترددت أنباء كثيرة عن مقتله خلال الفترة الماضية.

وخلال السنوات القليلة الماضية، تردد مقتل المنيعي أكثر من مرة، ولكنه تعمد نفي هذه الأخبار بالظهور في أحد الإصدارات أو في صور لعناصر التنظيم.

خلال عام 2014، وفي رد سريع على الأخبار التي انتشرت عن مقتله في قصف للجيش المصري، خرج التنظيم بعدة صور لشادي وسط عدد من العناصر المسلحة، كنوع من تكذيب تلك الأخبار.

ولكن في يناير 2018، تجددت الأنباء عن مقتل شادي المنيعي في الأوساط السيناوية، ولكن هذه المرة خلال تواجده في قطاع غزة.

مصادر قبلية أكدت صحة الأنباء التي ترددت عن وفاة شادي المنيعي أخطر عناصر "داعش سيناء".

وقالت المصادر التي تحدثت لـ"أمان" إن المنيعي توفى متأثرًا بإصابته بعد قصف المكان الذي كان يتواجد فيه.

وأضافت أنه أصيب في قصف للجيش المصري على منطقة بمدينة رفح، وكانت الإصابة بالغة وخطيرة، ولكن توفى بعد نحو 6 أشهر من توقيت الإصابة.

وحول توقيت هذا الاستهداف، أوضحت أنه غير معروف توقيت استهداف المنيعي ووفاته بالضبط، ولكن الوفاة كانت قبل بضعة أشهر.

ولفتت إلى أن المنيعي توفى في سيناء وليس في غزة، ردًا على الأنباء التي ترددت عن وفاته في قطاع غزة، بعد أن تسلل له سرًا لتلقي العلاج بعد عملية القصف.

وأفادت المصادر ذاتها أن "داعش سيناء" ربما يخفي وفاة المنيعي، نظرًا لأنه من أبناء سيناء، وأحد أبرز العناصر المطلوبة للجيش والأجهزة الأمنية، ولا يرغب في إظهار خسائره.

الغريب أن "مبايعي داعش" لم يتحدثوا عن مقتل المنيعي، إذ لم تخرج عنهم أي صور لشادي تثبت أنه لا يزال حيا، أو بث أي نعي لمقتله، كما كانت عادة التنظيم الإرهابي، وتحديدًا مع العناصر التي يستقدمها من قطاع غزة.