رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حادثة الأحواز.. أسباب ودوافع الحرب بين داعش وإيران

جريدة الدستور

صبيحة السبت الماضي، وقعت الحرب الأشرس بين تنظيم داعش الإرهابي وإيران، داخل الأراضي الإيرانية، وذلك من خلال تنفيذ عملية إرهابية، تستهدف العرض العسكري في مدينة الأهواز وسقط على إثرها أكثر من 29 قتيلا و57 جريحا، وذلك بعد سنوات من الحرب المتبادلة عبر وسائل الإعلام التابعة للتنظيم الإرهابي.

ورغم مرور أسبوع على تنفيذ العملية، مازالت الاحتفالات مستمرة لدى أنصار التنظيم والتنظيم نفسه على مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام التابعة للتنظيم، هذا ما ظهر جليًا المجلة الأسبوعية التي تصدر عن التنظيم أسبوعيًا، بتخصيصهم أربع صفحات للحديث عن العملية ونشر صور المنفذين، ودعوات لاستكمال العملية.

ومن الغريب أيضًا أن يخرج المتحدث باسم التنظيم أبوحسن المهاجر للحديث عن عملية قام بها التنظيم، إلا أن هذه المرة خرج، ودع عناصره لتنفيذ عمليات جديدة في إيران، متوعدًا طهران بقوله "القادم أدهى وأمر".



البداية كانت مع الحشد الإعلامي الذي قام به التنظيم عبر وسائله المختلفة، لعناصره ضد إيران تتعدى المواجهة في العراق والشام واليمن، وغيرها من أماكن تواجد الشيعة، وكان أبرز ما في هذه التعبئة هو ما جاء في افتتاحية العدد الأسبوعي لصحيفة النبأ التي يصدرها التنظيم من خلال مقالها المعنون بـ"إيران وشجرة الرفض الخبيثة"، قائله: "إن ما سماهم أهل الرفض لا يظهر دينهم إلا عندما تظهر لهم دولة تنشر باطلهم….. كما كان من قبل في عهد دولة (بنى عبد الله القداح) المسماة بالفاطمية.... ودولة الخميني وأتباعه في إيران، إذ إن علو الروافض في الأرض اليوم وإظهارهم شركهم ونزعهم التقية، ما هو إلا نتيجة من نتائج قيام دولة الطاغوت الخميني وأتباعه في إيران، وأن لاقتلاعهم لابد من إسقاط دولتهم دولة الرافضة".

وفي مقال آخر داخل العدد قبل الأخير، أي قبل العملية بأسبوع واحد حمل عنوان "معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة"، عن الخطة التي وضعها التنظيم تجاه الدول وكان من بينهم إيران "أراد الضالون أن يكون القتال محصورًا بأمريكا وحدها، وأن تترك طوائف الشرك وشأنها، وهي التي جعلت صدورها دون صدور الصليبيين، وأعملت سيوفها في ظهور المجاهدين، وسامت المسلمين سوء العذاب، أسرًا وتقتيلا، وهو ما يُخالف الواقع وضرورات المرحلة".

للمرة الثانية يتم استهداف الدولة الإيرانية، منذ عام 2017، حيث وقع أول عملية إرهابية من قبل تنظيم داعش الإرهابي، يونيو 2017، استهدف من خلاله مسلحون وانتحاريون مجمع مجلس الشورى الإيراني في طهران ومرقد قائد الثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني الواقع على بعد عشرين كيلومترا من العاصمة في وقت متزامن تقريبا.

وكان ذلك بعد غياب لأكثر من 17 عاما، على العملية النوعية الأولى في عام 2000، وهو الهجوم النوعي الأول في تاريخ الحركات الجهادية "السنية" الذي يستهدف العمق الإيراني وتحديدًا العاصمة طهران، ولعل الجديد في حادث طهران يأتي ابتداءً من هذه النقطة؛ نظرًا لنجاح تنظيم داعش، وقدرته على اختراق أسوار العاصمة المنيعة؛ اذ طالما عرفت الدولة الإيرانية بقدرة أجهزتها الأمنية الفائقة على الحؤول دون قيام مثل هذه الأعمال، نظرًا لحجم التواجد القوى للأجهزة الأمنية الشرطية والعسكرية، وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام إيرانية مؤخرًا من خلال نجاحها في تفكيك العشرات من هذه الخلايا في الفترة الأخيرة. 



 خلال الفترة الماضية، حول تنظيم داعش الإرهابي، نقل المعركة من عمق سوريا والعراق إلى الخارج، خاصة في ظل الخسائر الكبرى التي تلقاها التنظيم في معاقله، مما دفعه إلى البحث عن أكثر الدول محاربة له هناك، فوقع الاختيار على إيران،لكونها في مخيالهم تمثل حامية للطائفة والمذهبية الشيعية بتنوعاتها وتفريعاتها المختلفة، ليس في إيران وحسب وإنما في العالم أجمع، وهو ما بررته في تواجدها العسكري بالعراق وسوريا؛ لتأمين مراقد آل البيت حسب وصفهم، وبدت إيرانية للمرة الأولى وكأنها عاجزة عن حماية أماكن دينية على أراضيها تحظى بقداسة كبيرة لدى عموم الشيعة.


في دراسة بحثية مصغرة، لمعهد العالم للدراسات، للباحث المتخصص في شئون الحركات المسلحة مصطفى زهران، قال: إن هذه العملية أسهمت في إرباك تنظيم القاعدة، ودفعتها إلى مزيد من العزلة في تشكيله الحالي بزعامة الشيخ أيمن الظواهري بعد أن نجح تنظيم داعش من خلال عمل نوعي في الوصول إلى عمق الدولة الإيرانية، ما سيكون له عظيم الأثر على الكيانات الجهادية الراديكالية التي ما زالت تدين بالولاء والتبعية للقاعدة والظواهري، في ظل ما بدا عليه أبو بكر البغدادي كرمزٍ جهادي وقيادي جدير بالتبعية والولائية، بعد أن نجح في ما لم يقدر عليه أحد من رجالات الجهاد في نسخته المعولمة، بالإضافة إلى أن هذه العملية جاءت في وقت يعاني فيه تنظيم الدولة من انحسارٍ في أهم معاقله ومراكزه داخل العراق وسوريا، واقتراب معركة الرقة الأهم في المواجهة مع التنظيم والاستعدادات القائمة من قبله، وهو من شأنه أن يرفع معنويات أفراد التنظيم ومقاتليه لتحقيق مقاومة أكبر مما أبدتها في نظيرته بالجانب العراقي بالموصل.