رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أمان" يعيد نشر آخر حوار مع المؤرخ الراحل حمادة إسماعيل

جريدة الدستور

تعد رسالة الدكتور حمادة محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة بنها والتي عنوانها " جماعة الإخوان المسلمين ودورها في تاريخ مصر من 28إلى 49" الأولى من نوعها في الجامعات المصرية، والتي نشرت فيما بعد في كتاب بعنوان "حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين بين الدين والسياسية من 28 إلى 49".

رسالة الدكتور حمادة مهمة وكاشفة، مهمة لأنها الأولى من نوعها من الناحية الأكاديمية، وكاشفة لأنها بينت زيف بعض الوثائق الخاصة بالجماعة، وكشفت نفوذ الجماعة في الأربعينات في التجنيد والانتشار وعلاقتها بالدول الغربية.. لذلك كان لنا هذا الحوار مع مؤلف الرسالة وإلى تفاصيل اللقاء:

كيف أعددت رسالتك عن الإخوان المسلمين؟ 

كان أستاذي الدكتور جمال الدين المسدي هو المشرف علي فى جامعة القاهرة، وكان حينها فى الخارج، وعندما جاء الدكتور رؤوف عباس لرئاسة قسم التاريخ في جامعة القاهرة تولى هو مناقشتي، وعلى الفور تم تشكيل لجنة وكان الدكتور رؤوف عباس حامد عضو في لجنتي ثم الدكتور عمر عبد العزيز من جامعة الإسكندرية. 

وكان تصور الدكتور رؤوف عباس في البداية عني أنني من الإخوان وناقشني في بعض المسائل مثل تاريخ التأسيس وصرعات الجماعة الداخلية بقوة شديدة.

كانت أول رسالة في مصر عن " جماعة الإخوان المسلمين ودورها في تاريخ مصر من 28 إلى 49" وتم تعييني بعدها والحمد الله.

لماذا اخترت الإخوان للدراسة التاريخية؟


لانني رأيتهم عبر تاريخهم منذ التأسيس إلى الآن يصطدمون بالدولة على طول الخط، وهذا في حد ذاته إشكالية دراسة بحثية مهمة جدا، ومن هنا حاولت أن أعرف حقيقة ذلك الأمر، وكان صدام الإخوان دائمًا مع الدولة لأنهم ببساطة شديدة يطرحون فكر مضاد لها.

ومنذ الموافقه علي تسجيل الرسالة وأنا أعمل على الموضوع من خلال الوثائق البريطانية والمقابلات الشخصية والمراجع، وكلما اقرأ وأتمعن أكتشف أنهم أسواء ما يمكن فكريًا وتنظيمًا واعلاميًا ودينيًا ومن خلال ثنايا السطور تكتشف الكارثة التي يخرج بها اي باحث علمي موضوعي، اننا امام مشكلة تاريخية حقيقية يحاول ان يزورها البعض لصالح هذه الجماعة.

ما الذي عانيته بسبب هذه الرسالة؟

عانيت الكثير بسب هذه الرسالة، وحاولت نشرها وتقدمت بها لبعض دور النشر، البعض رفض وكانت علته انها رسالة محايدة والبعض الآخر رفض وقال لأنها تهاجم الإخوان المسلمين، وهنا علمت انني أسير في الطريق الصحيح، وتم نشرها بعد 22 سنة من تأليفها، فقد أخذت الرسالة في عام 1982م وتم نشرها في عام 2009.

وتم تغيير العنوان من " جماعة الإخوان المسلمين ودورها في تاريخ مصر من 28 إلى 49" إلي "حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين بين الدين والسياسية من 28 إلى 49 " ومن أجل التسويق تم وضع حسن البنا ودوره في تاريخ مصر اولًا.



هل ترى أن الجماعة كانت تزور بعض التاريخ لصالحه؟ 

عملت على الفترة من 28 إلى 49 فعلى سبيل المثال قضية الاغتيالات وجدت فيها ثغرات كثيرة غير مفهومة ووجدت أن فكر البنا يحث على عمل التنظيمات السرية وعمل الاغتيالات السياسية التغيير بالقوة منهج أساسي عند الإخوان فبقول علي سبيل المثال " استعدوا يا جنود.. خذوا هذه الأمة برفق وصفوا لها الدواء، فإذا الأمة أبت أوثقوا يديها بالقيود، وأثقلوا ظهرها بالحديد؟، وجرعوها الدواء بالقوة؟، وإن وجدتم فى جسمها عضوا خبيثا فاقطعوه، استعدوا يا جنود فكثير من أبناء هذه الأمة فى آذانهم وقر وفى عيونهم عمى.!! الخطورة إذا المريض لا يريد ان يتجرع الدواء فيجب أن نعطية بالقوة ومصر مريضة ويجب ان تتجرع الدواء بالقوة وهذا ما حدث عبر تاريخهم. 

فى الفترة من 28 إلى 49 كانت القبضة الحديدية من القصر والدولة والغرب على الحركات السياسية والحزبية ومع ذلك انتشر الإخوان بما تفسر ذلك؟ 

كان ذلك محل تساؤل بالنسبة لي في الرسالة لماذا انتشر الإخوان من 28 إلى 49، رغم وجود القبضة الحديدية ووزارة محمد محمود، عندما تم الضغط على البنا بعد اغتيال النقراشي باشا أخرج بيان "ليسو إخوانا وليسو مسلمين " المشهور، ولذلك كتبت أن من قتل البنا هي الجماعة نفسها، وقلت إن تكفير البنا لمن شارك فى قتل النقراشي واغتياله جعلهم يتحولون ضده ويقومون بتصفيته بالتالي وكان الدافع هو الانتقام منه، فى الاعترافات التي اطلعت عليها أشياء من هذا القبيل غير طبيعية كثيرة. 

وهل هذا معقول؟

اعترافات المتهمين فى التحقيقات كانت تحت ضغوط شديدة والمشرف الدكتور جمال المسد حينها رفض تخريجي لعملية إغتيال البنا بهذه الطريقة. 


حسن البنا كان شخصية غير طبعية بالمرة، ولها قدرة على التأثير والتنظيم وكان شيئا غير مسبوق فى هذه الفترة. 



هل كان تجربة الإخوان الاجتماعية والاعلامية في الاربعينيات محل نقد لك؟ 

تجربة الإخوان الصحفية كانت غير طبيعية، فلو اطلعت علي نسبة المبيعات فى صحف وجرائد الإخوان سنجدها كبيرة جدا في ذلك الوقت بالمقارنة باي صحيفة او جريدة أخرى، والسؤال من الذي كان يمول هذه الصحف. 

كان مستغربا أن يصل الإخوان إلى هذه الدقة في العمل الصحفي وهذا التبويب وهم ليسو لهم سابق معرفة بهذه الأمور علي الإطلاق من الناحية المهنية وظهورهم بهذه القوة كان مفاجأة وبغير حسابات واضحة.

ما هو انطبعاك البحثي عند اللقاءات الشخصية مع الإخوان؟ 

الإخوان لم يكونوا صادقين معي عند المقابلات الشخصية، كانو يراوغونني قابلت كثيرا منهم واشهرهم سيف الإسلام حسن البنا، عمر التلمساني، وأنور الجندي. 

جميع الأسئلة لا يردون عليها بحياد ويتهربون منها فالاصل عندهم الكذب على الأعداء وهذا ما علمهم اياه حسن البنا. 

لماذا لجأ الإخوان للتنظيم السري ؟ 

نشأ التنظيم السري بعد الحرب العالمية الثانية واستغل الإخوان ظروف البلاد وصنعت هذا التنظيم لصالح السيطرة على الحياة السياسية، وأعلن البنا عن هوية الجماعة في رسالة المؤتمر الخامس، وللأسف كان هذا على عين الدولة والقصر لضرب حزب الوفد والنيل من شعبيته وجاء حادث 4 فبراير وازيح الوفد ورجع مرة أخرى بأمر بريطياينا بعد حصار القصر، تجربة الإخوان فى السياسة كانت سيئة وتم استغلال الدين أسواء استغلال. 

ما هي أكثر الأشياء التي تعمد الإخوان تزويرها ؟ 

تشويه دور الجيش المصري، الإخوان فى حرب فلسطين أكثر ناس تعمدوا النيل من الجيش المصري، وكانوا يرفضون الانضمام تحت لواء الجيش المصري في أي من جبهاته القتالية، فعبد الناصر اصاب الحقيقة عندما طارد هؤلاء لأنهم يعملون دائما خارج السياق. 

كيف ترى الدراما والتاريخ الآن ؟ 

هناك فجوة كبيرة بين الدراسة العلمية والدراما وعلى سبيل المثال عند صناعة مسلسل الملك فاروق احضروا الدكتورة لميس جابر ولم يحضروا الدكتورة لطيفة محمد سالم والتي لها كتاب عن فاروق وسقوط الملكية في مصر( 1936 - 1952 ) فهم يأتون بأناس غير متخصصين لعمل الدراما التليفزيونية.


كيف نواجه سطوة التطرف والإرهاب الآن؟

 

نظام التعليم يجب أن يتغير، يجب ان نملك ملكة النقد، يجب ان نعتمد على الفكر والعقل وليس التلقين والحفظ وهو المدخل التربوي السليم، أرى أيضا ان هناك خطورة في بعض الفتاوى الدينية التي لا تتوافق مع العصر وبعض الناس في المؤسسات الدينية تعمل علي زعزعة الاستقرار الفكري من خلال عدم فهم آليات الواقع المعاش.

 

كيف ترى رساتلتك بعد هذه الاعوام؟

 

كتاباتي علمية فأنا باحث في التاريخ وأرى خدمة تاريخ هذا الوطن وعندما تم رفض نشر رسالتي من الاتجاهات الإيديولوجية المختلفة عرفت حينها انني على صواب لانني لم اجامل احدا على الإطلاق فى عملي.

واستاذي جمال الدين المسد ترك لي حرية الباحث العلمي السليم وقال لي انت سيد البحث وعند اللجنة ناقش اللجة بقوة، فانا لست متعصبا لما اكتب ومن الأمور التي لا انساها موقف الدكتور يونان لبيب رزق من رسالتي والتي قال لي انها عالجت موقف الإخوان من الاقباط معالجة جيدة جدا.

 

ما هي آخر مصنفاتك البحثية والتاريخية؟

 

مذكرات عبد الرحمن فهمي وأعمل على تحرير محاضر دستور 23 وكذلك مذكرات الصحفي المصري محمود حسني العرابي، وأشرف على بعض الرسائل في جامعة بنها وجامعة الزقازيق، مثل الملك فاروق والحياة النيابية في مصر قبل الثورة ورسالة عن نواب منطقة القنال.

ما هي انطبعاتك على محاضر دستور 23؟

 

وجود الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية آنذاك في اللجنة وكان مستنيرا وعضو فاعل جدا وكان يتناول بموضوعية شديدة سلطة الملك وسلطة النواب، رجالات هذا العصر كان لهم نضج كير عالي المستوي، وكانت مناقشاته تدور حول الدستور وسلطة النائب ومسؤولية الوزارت امام البرلمان والمجتمع.

 

ما هو الجديد في دراسات التاريخ المعاصر؟

 

"الاطراف" وتأثيرها على "المركز"، هي الدراسات الجديدة، فالعاصمة ليست هي صانعة الأحداث في كل الاحوال، ودرست "دور الاقاليم في تاريخ مصر الحديثة نموذج مديرية القليوبية".



حمادة إسماعيل لـ «أمان»: الإخوان وراء اغتيال حسن البنا- حوار