رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حد الردة».. هل من الإسلام أم اجتهادات من الدعاة؟

حد الردة
حد الردة

خلال الشهور الماضية، أثيرت مسألة إلغاء حد الردة، وذلك بعد التدوينة التي نشرها مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية، وقال فيها إن "النبي محمد لم يثبت أنه قتل المرتدين"، وإن "الإرهابيين" يتوسعون في تأويل هذه المسألة.

- حقيقة الردة
وقبل سنوات طويلة، وفي كتاب "تنفيد حد الردة"، تحدث المفكر الإسلامي جمال البنا عن أن القرآن قرر حرية العقيدة بصفة مطلقة، وجعلها قضية شخصية بين الإنسان وربه، لا دخل للنظام العام فيها، واستشهد بعدد من الآيات، منها: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، "فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسهِ"، "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".

- الإفتاء توضح
وفي فتوى قديمة لدار الإفتاء المصرية، ردت على شبهة القول بقتل المرتد، حيث جاء نص الشبهة: حرية الاعتقاد مناط احترام الدين الإسلامى وهى حق مكفول للجميع ومتفق عليه، فكيف نفهم ذلك فى ضوء شبهة قتل المرتد؟

ويمكن النظر إلى قضية "قتل المرتد" من زاويتين: الزاوية الأولى: هى النص الشرعى النظرى الذى يبيح دم المسلم إذا ترك دينه وفارق الجماعة، والثانية: هى التطبيق التشريعى ومنهج التعامل فى قضية المرتد فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك خلفائه رضوان الله عليهم.

- لا يوجد ردة في الإسلام
ومن وقتها وحتى الآن، ما زال الأمر يحمل جدالًا واسعًا بين علماء الدين، حيث أيد المركز الفكري في مطالب إسقاط حد الردة، الدكتور عبدالحليم منصور عميد كلية الشريعة والقانون بالمنصورة، بقوله: إن هناك رأيين في التعامل مع المرتد في الإسلام، الأول والمتفق عليه بين جمهور المذاهب الإسلامية أنه يقتل، مستندين إلى حديث النبي "من بدل دينه فقتلوه".

"أما الرأي الثاني وأنا أدعمه واجتمع عليه كثير من المعاصرين أنه لا يوجد حد الردة في الإسلام مستندين إلى أن الإسلام ما جاء لقتل الناس وإنما جاء ليحيي من قيمة الحياة"، حسبما أضاف في تصريحات خاصة.

وأوضح أن "عموم النصوص القرآنية ترى أن الإنسان له الحق في اختيار العقيدة والقرآن يقول لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، وقال أيضًا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والنبي -صلي الله عليه وسلم-، رسالته لم يكن فيها القتل وإنما البلاغ والإنذار وتوضيح الحقائق للناس، في آية "إن عليك إلا البلاغ" و"لست عليهم بمسيطر" كل هذه الآيات تبين أن رسالة النبي ما هي للبلاغ والإنذار وأن القران الكريم أعطى كل المواطنين والأفراد في الاختيار ما يشاء من الأمور".

وأكد أن حساب الناس جميعا على الله سبحانه وتعالى فليس أحد من البشر أن يسيطر على الحدود فالجميع عند الله، وكل إنسان في النهاية يتحمل نتيجة اختياره.

- يجب تغييره لقانون ازدراء الأديان
بينما اختلف معه الشيخ سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف: "حد الردة ثابت بالسنة النبوية الشريفة، لكن الخلاف بين العلماء هو على من يقام عليه هذا الحد؟، واتفقوا على أن يكون فعلا ظهر كفره وأعلنه وصار خطرا على المجتمع".

وأضاف عبد الجليل في تصريح خاص، أن المطلب يجب أن يكون في تغيير المسمى فقط من خلال إلغاء المصطلح فقط من حد الردة ووضع قانون ازدراء الأديان، ويصبح الأمر أمام القضاء والقانون وهم من يحكمون على المرتد وتنفيذ العقوبة، مؤكدًا أن الإلغاء المطلق غير صحيح ولا يجب أن يحدث.
وتابع: "مرة أخرى أقول إن حد الردة ثابت بالسنة البنوية الشريفة، لكن العلماء مختلفون فيمن يقام عليه هذا الحد، والاختلاف أيضًا على الاستتابة فهل هي ثلاثة أيام أم أنها طول العمر كما قال بعض الفقهاء؟".

وأوضح عبد الجليل، الحكم الشرعي فيمن ينفذ عليه، بقوله: "لا يلغى ولكن يقام على من يجاهر بردته وصار خطرًا على المجتمع وأحدث فتنة في الدين عملا بقوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران "وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، فإذا وصل الإنسان بأنه يعمل فتنة بين المسلمين يقام عليه الحد إذا لم يتب ولم يتراجع عن موقفه على الأقل ولم ينته عن فتنة المسلمين".