رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فضل شاكر.. قاتل «لديه أقوال أخرى»

فضل شاكر
فضل شاكر

في تسجيل بثه، فبراير عام 2013، وقف فضل شاكر متفاخرًا، يعلن توبته عن الفن نهائيًا «الفن ما بيعنيني شيء.. وسرت ما بطيق أسمع موسيقى»، بينما كانت العودة بعدها بخمس سنوات في مايو 2018 مغايرة تمامًا عما قاله في الماضي، بأنه «لديه أقوال أخرى»، ولما لا، فقد بقى لخمس سنوات مطاردًا، خائفًا، مطلوبًا لدى العدالة بتهمة التحريض على القتل ودعم الإرهاب.

لم يكن فضل شاكر «ملك الإحساس»- كما لقبه محبوه في الغناء- يدرك أن مسيرته ستنتهي إلى هذه النتيجة، بل بات يرمي كل همه على الزمان، ويتهم من حوله بأنهم ظلموه، وينكر علاقته بكل من كانوا سببًا في انحرافه عن ذلك الطريق، «الذي اختاره هو بنفسه»، حينما فضل النزول من أعلى مسارح الطرب في العالم العربي، واعتلاء منصات الاعتصامات والتظاهرات الجماهيرية مرددًا كلمة «الجهاد».


وسط بيروت، كان المكان، ومنتصف مارس 2013، كان الزمان.. بينما كانت الأجواء يملؤها الضجيج والصياح والهتافات الإسلامية، وفي الأعلى ترفرف أعلام تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي بسوريا، وتعلو الابتسامة وجه القيادي السلفي أحمد الأسير، أخذ فضل شاكر- حينها- ينشد «سوف نحيا هنا سوف يحلو النغم، سوف نبقى هنا كي يزيل الألم.. اشهدوا هذا المساء أنني قُلت القسم».. ليكتب لنفسه صفحة جديدة، ويسطر لنفسه تاريخًا مغايرًا، وينطق بلسانه بيعة مختلفة تمامًا عما عاشه في الماضي.. فهل يحق لفضل شاكر العودة من جديد بعد كل هذا؟


الثورة السورية
بينما كانت الساحات السورية تندد ببشار الأسد، وتدعو جميعها للخروج عليه، وقف فضل شاكر على مسرح مهرجان موازين في المغرب، مايو 2012، يدعو: «الله يدمر بشار الأسد.. الله يهد بشار الأسد، الله يحفظكم».

كان وقع تلك الكلمات كالصاعقة، وسرعان ما تداولتها وسائل الإعلام في الوطن العربي، واعتبرها البعض مجرد دعاء، ورآها الآخرون تحولًا كبيرًا في سلوك وشخصية وعقل وقلب الفنان المشهور، ليعلن بعدها أن المهرجان كان آخر علاقته بالفن.

يقول فضل شاكر، في لقاء مارس الماضي 2018، لقناة الجديد اللبنانية: «بعد مهرجان موازين، وصلتني رسائل تهديد لأسرتي ولأبنائي بالقتل وأصبحت مطاردًا، عشت في مصر شهرين، والأردن شهرين، والمغرب شهرين.. وحين عودتي لصيدا قمت بعمل تصريح حمل سلاح (حماية موكب) من وزارة الدفاع، للدفاع عن نفسي وأسرتي، خاصة أن التهديدات كانت تقف وراءها سفارات سورية».


حكايته مع الأسير 
أصبحت علاقة فضل شاكر، بإمام مسجد بلال بن رباح، في مدينة صيدا اللبنانية، «أحمد الأسير»، قوية للغاية منذ منتصف 2012، خاصة بعدما أعلن الفنان اللبناني اعتزاله المجال والعمل تحت راية القيادي السلفي، الذي ربطته علاقة قوية بجبهة النصرة الإرهابية.

أخذ «الأسير» في تلك الأوقات، يشكل ما يسمى بـ«كتائب المقاومة الحرة»، فاتحًا باب التطوع أمام الشباب، وهدّد باللجوء إلى الخيار العسكري ضد «حزب الله»، ما لم يتم إخلاء شقق يقطنها مسلحون تابعون له من الحزب بالقرب من مسجده الذي يؤم فيه الصلاة بصيدا جنوب لبنان.

يقول «شاكر» إن سر تقاربه مع الأسير، هو اتفاقهما في الآراء، لا سيما التصدي لبشار الأسد.. كما قدم «الأسير» في تلك الفترة مساعدات كبرى للفنان المشهور، بعدما تعرض منزله لحريق وهجمات مختلفة، فبات يعمل تحت راية الأخير.

ضباط المخابرات
تواصل فضل شاكر- حسبما روى- بضباط مخابرات كبار بالجيش اللبناني، من أجل تسليم السلاح الذي امتلكه طاقم حراسته، مقابل توفير ملاذ آمن لهم، وضمان عدم إلحاق أي تهم بهم.

وحسب تصريحات «شاكر»، فقد ربطته علاقة قوية بـ«علي شحرور»، رئيس مكتب مخابرات الجنوب اللبناني، ومحمد الحسيني، مدير مكتب قائد الجيش، موضحًا: «على شحرور بعت لي حد من عنده وسلمته دفعة من السلاح وبعتله إياه وطلبت منه يخلصلي الشباب اللي معي، وكانوا هيقدموا تقرير لقائد الجيش إن فضل شاكر سلم السلاح اللي معه، وهما الاثنين طلبوا مني أخرج من عبرا، وبعدها بأسبوع صارت المعركة».


معركة عبرا والفطيستين
في منتصف عام 2013، انتشر فيديو «خطير» لفضل شاكر، يتباهى فيه بقتل شخصين، وصفهما بـ«الفطيستين»، تزامن ذلك مع معركة «عبرا» التي وقعت بين أنصار أحمد الأسير، وضباط الجيش اللبناني، الذين طالبوا الإرهابيين بأوراق ثبوتية على حاجز للقوات، إلا أنهم رفضوا إطلاع الجيش على هويتهم، وأطلقوا عليهم الرصاص في 23 يونيو. 

استمرت الاشتباكات عدة ساعات، وأدت إلى مقتل 18 عسكريا، و11 مسلحا، إلا أن الأسير وعددا من مرافقيه، أبرزهم فضل شاكر، تمكنوا من الفرار وتواروا عن الأنظار منذ ذلك الحين.

ظل فضل شاكر مطاردًا على خلفية الأحداث، حتى صدر في حقه حكم عسكري غيابي، سبتمبر 2017، بالسجن 15 عاما، مع تجريده من حقوقه المدنية، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث عبرا».

في ذلك الحين، كان «فضل» رافضًا وبشكل قاطع التواصل مع أحد من الإعلاميين الذين حاولوا الوصول إليه عبر مقربين له يعرفون طريقه، إلا أنه وافق على الظهور بعد الحكم عليه، وكتب عبر صفحته على «تويتر»: «الذي فجّر مساجد طرابلس حر طليق، لكن من وقف بوجه بشار وقال كفى يتم حكمه ظلمًا 15 عاما من الأعمال الشاقة، شكرا لعدالتكم».

يُبرئ فضل نفسه من «فيديو الفطيستين»، بأنه وصف لقتيلين من «حزب الله»، هاجما عناصر الأسير بالسلاح، في اشتباكات وقعت بمنطقة عبرا، قبل المعركة التي وقعت مع الجيش بعدة أسابيع.

التبرؤ من الأسير 
حاول الأسير الهروب إلى مصر، في منتصف عام 2015، فتم القبض عليه في مطار رفيق الحريري الدولي، بجواز سفر مزور، وكان مغيرًا شكله الخارجي.. في حين كان فضل شاكر- وقتها- يختبئ داخل أحد المنازل في مخيم عين الحلوة الذي نشأ فيه، واعتبره البعض فلسطينيًا لكثرة اختلاطه بهم، فضلًا عن بداياته الغنائية التي عشقت القدس وأهل غزة، رغم كونه لبناني الأصل، حاصلا على الجنسية الفلسطينية، «الرئيس محمود عباس أهداني الجنسية»- يقولها فضل.

تبرأ فضل شاكر، من الأسير بعدها، وقال إنه لم يكن أحد عناصره أو أتباعه، وكل ما ربطهما هو التوافق الفكري حول ثورة سوريا، كما نفى علاقته بمعركة «عبرا»، حينما قال: «مين بده يحارب الجيش، لا الأسير ولا غير الأسير، مجنون بيكون اللي عنده 50 عنصر أو 100 عنصر إنه يحارب الجيش، وهي الصور اللي منتشره وأنا حامل سلاح ما كل الناس بتتصور وهي معها سلاح، أنا مش مع أحمد الأسير أنا مع الناس، لو جه أحد بيعمل مظاهرة ضد بشار الأسد راح أنزل معه».

كما تحدث عن خلافاته مع «الأسير» قبل معركة «عبرا»، بقوله: «مكنتش وياه في معركة عبرا، وما كنت بصلي عنده كنت بصلي في المكتب، وكنت على خلاف معه قبلها بشهرين، وكنت نايم قبل المعركة، كان الخلاف على أساس إنه طلب من الناس اللي معي يمشوا من المنطقة وأكون معه فقط، وأنا رفضت ذلك».


هل يحق له العودة؟
فضل شاكر لا يرى نفسه مذنبًا، بل يعتبر أن كل كلامه وأفعاله رد فعل على ما حدث من اعتداءات ضده، آملًا في الحصول على عفو رئاسي قريبًا.. كما أنه يصمم على عدم إلمامه بالشأن السياسي، ويعتبر أن لبنان في حاجة إلى رفيق حريري جديد، كونه أنقذ لبنان وعاش الجميع في عهده بسلام، ولم تشهد لبنان أي اعتداءات في ذلك الوقت.

يقول في آخر حديث تليفزيوني معه، قبل شهر: «أنا على استعداد للمحاكمة على كل شيء إذا حُوكم خصومي أيضًا، وأتمنى إنهم يعملوا عفو عام، الإرهاب هو ممارسة الظلم على الناس»، وهو ما دفع سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني للتعليق بأن القضاء اللبناني نزيه ويضمن للجميع محاكمة عادلة. 

حاول «فضل شاكر» العودة مجددًا عبر العالم الذي لفظه بقراره، قبل 6 سنوات، بغناء تتر المسلسل الجديد للفنانة يسرا «لدينا أقوال أخرى»، المقرر عرضه في رمضان المقبل، إلا أن تلك العودة قد أثارت جدلًا كبيرًا، ورفضًا من البعض.. فهل ستكون هناك أقوال أخرى بالفعل في تلك القضية؟