رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل نجحت تجارب المصالحات مع الجماعات الإسلامية؟

جريدة الدستور

شغل الدكتور "كمال الهلباوى" القيادى السابق فى جماعة الإخوان المسلمين، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان خلال الأيام الماضية الرأى العام فى مصر بعدما دعا إلى ضرورة الوصول لمصالحة تشمل جماعة الإخوان المسلمين إذ دعا الهلباوى لتشكيل ما أطلق عليه "مجلس حكماء"، يضم هذا المجلس، شخصيات عربية، ودولية مشهود لها بالنزاهة حسب تعبيره، بغرض قيادة وساطة تاريخية فى مصر، تنهى حالة الصراع القائمة بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان، بزعم أن هذه دعوة لمصالحة وطنية شاملة لا تستثنى أحدا إلا أهل العنف والإرهاب، وكأن جماعة الإخوان لم ترتكب عنفا أو تصدر فتاوى بالتفجير والتكفير.

ليست هذه هى المبادرة الأولى التى طرحت المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين إذ سبقها سبعة عشرة مبادرة من شخصيات مختلفة أبرزهم الدكتور "أحمد كمال أبو المجد"، والمستشار "طارق البشرى"، والدكتور "سليم العوا"، و"محمد حسان" لكن مبادرة الهلباوى لاقت ردود فعل كبيرة رافضة فى الأغلب الأعم رغم موافقة بعض الشخصيات التى لها تجارب سابقة مع هذه المصالحات، مثل الدكتور ناجح إبراهيم القيادي التاريخي بالجماعة الإسلامية، والذى عبر عن ذلك من خلال عدة مقالات فى كبرى الجرائد المصرية بالاضافة لظهوره على بعض القنوات الفضائية مؤيدا لهذا الطرح بحجج ووقائع تاريخية متعددة منها على سبيل المثال، نجاح تجربة اللواء فؤاد علام مع جماعة الإخوان المسلمين والتى أسفرت عن كتاب دعاة لا قضاة للهضيبي وتجربة اللواء حسن أبو باشا والتي انتجت برنامج ندوة للرأى بالإضافة للتجربة التى شارك فيها ناجح إبراهيم نفسه وهى تجربة الجماعة الإسلامية ثم تجربة جماعة الجهاد المصرية والتى قادها سيد إمام من داخل السجون المصرية.

الوقائع التاريخية التى استشهد بها الدكتور ناجح إبراهيم تحتاج لوقفة للنظر فى مدى صحة الإستشهاد بها كتجارب ناجحة فى مواجهة الإرهاب، فتجربة الإخوان التى قادها اللواء فؤاد علام والتى أنتجت كتاب " دعاة لا قضاه"، كتبت الحياة لجماعة الإخوان التى كانت قد ماتت بالفعل، خرجت للحياة بلا تنظيم ثم نجحت فى تكوين تنظيم داخل مصر والوطن العربى وتنظيم دولى لم يكن له وجود من قبل واليوم نرى جماعة الإخوان فى قلب مشهد العنف والإرهاب فى مصر فهل كانت تجربة ناجحة؟

واعتبر عدد من الباحثين أن هذا غير صحيح وأن هذه التجارب كانت تكتيكا مرحليا فقط.

وأشار هشام النجار أن "هذه الجماعات تمارسون العنف حينما تضعف قبضة الدول والحكومات عليهم، ثم يتظاهرون بالاعتدال والوسطية مع الحكومات القوية، والمسارات تتكرر، الإخوان تتحالف ثم تنفصل بداية من التحالف مع الرئيس جمال عبد الناصر ثم الخلاف ثم الصراع ثم الرئيس السادات تحالف ثم تراجع ورغم ثبوت تورطهم فى حادث الفنية العسكرية تجاوز عنهم ثم يختلفون معه حتى ندم السادات على إخراجهم من السجون والمعتقلات ثم يفرحون بقتله، ثم يأتى نظام مبارك لتكرار نفس ذلك.

وأضاف سامح عيد: أن "عبد الناصر" مات وكان فى السجن "80 " إخوانيا فقط، ثم خرجوا ليقودوا ما يسمى بالتيار الإسلامى كما أن كتاب دعاة لا قضاة لم يكتبه الهضيبى بل كتبه "عبد العزيز كامل" الرجل المنشق عن جماعة الإخوان والذى تولى منصب وزير الأوقاف المصرية، ومعه مجموعة من شيوخ الأزهر، و"الهضيبى" وقع فقط فى خطوة تكتيكية واضحة.

الملاحظ أيضا أن تجربة اللواء "حسن أبو باشا"، وحوارته داخل السجون لم تشفع له، بل انتهت بتنظيم "الناجون من النار" الذى قام بمحاولة اغتيال اللواء "أبو باشا"، والذى عاد للحياة من ثقب إبرة كما قال الطبيب المعالج له فى "المانيا"، بعدما ابلى بلاء حسنًا فى محاولة إنقاذ مريضه، الذى تلقى فى كل أنحاء جسده حشدًا من الرصاص المدمر القاتل.

أما عن تجربة الجماعة الإسلامية فيقول "هشام النجار": إن القلة النادرة منهم الذين استفادوا من تجربة الجماعة وتركت هذا المنهج بشكل نهائى، لكن من الناحية الإستراتيجية وهى الأهم فهى تمثل خطر الاستسلام لهذا المخدر المسمى بالمصالحات، فى حين تستخدمها هذه الجماعات مجرد مناورة تمتص بها هذه الضربة الأمنية، وهذا تكرر أكثر من مرة، والجماعة الإسلامية بشكل عام والجهاديين داخل الجماعة بشكل خاص مثل "طارق الزمر" و"عبود" و"رفاعى طه" الذى قتل فى سوريا استغلوا هذا الأمر كثغرة للخروج من السجون، وللعودة من جديد وترتيب الصفوف والتحالفات مع "القاعدة"، و"الإخوان"، وقد نجحوا فى خداع الشعب المصرى، وذلك واضح من خلال مراجعة مواقفهم العملية، ومن خلال تصريحاتهم فقد قتلوا فى سبيل هذه القناعات مثل "أبو العلا عبد ربه" قاتل "فرج فودة"، وكذلك "رفاعه طه"، و"مصطفى حمزة" الذى كان يدير اعتصامات رابعة والنهضة وهو فى السجن الآن، ومثل "اسلام الغمرى" الهارب فى تركيا افغانستان و"عزت السلامونى" وغيرهم كثير فالجماعة بشكل عملى لم تتخل عن الإخوان برغم ثبوت تكوينها خلايا مسلحة وأعمال العنف والإرهاب ضد الدولة، ومع ذلك مازالوا لم يتراجعوا عن فكرة التحالف معهم.