رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من الإلحاد إلى التصوف.. رحلة نجل المفكر خالد محمد خالد للبحث عن الذات «حوار»

جريدة الدستور

«التصوف» بديل عن العمل بالدين

 الحجاب واللحية مجرد مظاهر والإصلاح يبدأ من الباطن

اللي عايز يعرف التصوف ينظر إلى الرئيس السيسي


«محمد خالد ثابت» مفكر إسلامي أغلب كتاباته عن أهل التصوف وأولياء الله الصالحين واهتم بقضية الإصلاح الديني والفكري، وبحث عن الله في الأعمال الأدبية، بدأ حياته بشطحات قادته من الإلحاد ثم شطح بفكره وانضم لجماعة التبليغ والدعوة، إلى أن استقره بعقله، ووصل إلى التصوف والاستقرار الروحي، يصف حياته بأنها مالت كثيرًا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وظل 20 عاما يشطح بأفكاره ومعتقداته التي استمدها من الكتب الفلسفية إلى أن استقر على التصوف الحقيقي بحسب وصفه، بعد مصاحبة والده في فترة التسعينيات وأصبح يرث أفكار والده «خالد محمد خالد».



«أمان» التقى «ثابت » للتعرف على رحلته وتقلبات حياته من الإلحاد إلي التصوف في الحوار التالي:


 - كيف ترى التصوف في حياة والدك «خالد محمد خالد»؟

 الوالد «خالد محمد خالد»، كان صوفيا يحمل شعار التصوف الحقيقي، ومن المعروف أن التصوف منهج له ظاهر وباطن، الظاهر هو الطرق الصوفية ومشايخ الطرق، أما الباطن فهو منهج التصوف، هو عبارة عن العلم والأخلاق فمن زادَ عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف، فمنهجه لا يهتم بالمظاهر، والوالد كان متصوفا حقيقًا منذ طفولته وعاش بالتصوف إلي أن لقى ربه، ومن يقرأ مذكرات خالد محمد خالد يرى روح التصوف متمثله فيها، ويراه أيضا في مواقف حياته، وكتاب «رحتلي عن التصوف» يكشف التصوف في حياة «خالد محمد خالد»، فالحياة فيها وهب وكسب، الوهب موهبة من عند الله أما الكسب نتيجه تعب ومجهود، فالتصوف بالنسبة للواد كان موهبة، منحه الله إياها منذ طفولته، وكان من أكبر مشايخ الصوفية آنذاك محمود خطاب السبكي، واكتسب منه الوالد المنهج الصوفي، والله جعل قلبه يتفتح لاستقبال أنوار جديدة من العلم، وحاليًا هناك كتاب عن خالد محمد خالد بعنوان «مدخل الكلمة والسر في حياته» هو التصوف، فكل شخصية لها مفتاح ومفتاح شخصية والدي كان التصوف، فقد علمني أن المتصوفة يقومون بدور النبي، يؤدون الرسالة، فالمتصوفة والأولياء لا يخلو منهم زمان ولا مكان.


وما الذي اكتسبته من والدك ؟

 صاحبت والدي من سنة 1990 حتى عام 1996 مصاحبة كاملة، تقربت من أصدقائه، واستفدت كثيرًا في هذه الفترة فكان دائم التردد على آل بيت النبي وأولياء الله الصالحين، قبل هذه الفترة كنت متمردًا فكريًا، ولم تكن أفكارنا متوافقة، وبعد وفاته توسعت في قراءه التصوف.


إلى أي مرحلة وصلت من التمرد؟ 

منذ طفولتي وأنا محب للقراءة والإطلاع، في المرحلة الابتدائية وصلت بأفكاري إلى الإلحاد واستمر معي ذلك إلى مرحلة الجامعة، وكنت أمسك المصحف واكتب به ملاحظاتي على آيات الله، ثم في مرحلة الجامعة اتجهت بفكري نحو البوهمية، ثم أصابني الاكتئاب لفترة استمرت لمدة عام، ثم بعد ذلك شطحت بأفكاري نحو التمسلف وانضممت إلي جماعة التبليغ السلفية إلى أن بدأت مصاحبة والدي في التسعينيات.


- كيف كان يتعامل والدك مع تمردك؟ 

الوالد كان هينًا لينًا، لم ينزعج مني في أي من فترات حياتي لم يوجهني نحو فكره، فحدث وتزوجت دون علمه ولم يعنفني حينها


- كيف بدأت رحلة بحثك عن الله ؟ 

عام 1971 كنت أدرس في الجامعة الأمريكية، وكان يدرس فيها أساتذه مستشرقون، كان هناك دورات تدريبية ودراسات في القرآن وكنت أدرس مع الدكتور محمد النويهي أستاذ الأدب، وكان مقتنعا بمنهج المستشرقين وكان الهدف من التدريب التشكيك في القرآن وكان عنده نظرية أن القرآن يجب أن يعاد ترتيب آياته، وله أفكار كثيرة غريبة وشاذة، درست معه في عدة دورات تدريبة، التدريب في الجامعة الأمريكية هو الذي ردني إلي الإيمان، وأنا مررت بمختلف التقلبات الفكرية في مراحل عمري، وقرأت كتبا فلسفية ومن بينها كتب «ماركس وسارتر ولينين»، فالفكر لا خوف منه، ولكن الخوف يكمن في العقلية المتوقفة عن الفكر، وتعامل معي بحرية شديدة، لم يعاقبني ولكن من حين للآخر يتحدث معي عن الصلاة دون إلحاح، من ثم خرجت من تلك المرحلة عن طريق محاضرات دراسات في القرآن الكريم بالجامعة الأمريكية؛ والغريب أن الهدف من هذه الدراسات التشكيك في القرآن الكريم كما ذكرنا.

وكذلك قابلت العديد من شخصيات الجماعات الإسلامية في بداية حياتي مثل عبد الله السماوي، وتعاملت معه في المرحلة الثانوية بمدرسة الإبراهيمية، وكذلك أسامة عبد العظيم شيخ السلفية، وتأثرت بأفكار السلفيين فى تلك الفترة وبدأت أعارض الوالد فيها وذلك في أواخر الثمانينات، وكان الوالد يمتلك صبرًا يتسع العالم بأكمله، بالإضافة إلى حكمته وهدوئه. وفي فترة خرجت مع جماعة التبليغ؛ فاعتبرت مطمعا لكل التيارات، من خلالها قابلت أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق وكان ذلك في جبال باكستان اثناء خروجي في سبيل الله مع التبليغ، فأنا درست الفكر ولم أقنع به« الفكر ميخوفش».


كيف رأيت التصوف في بدايته؟

 رأيت أن التصوف يجعل الإنسان يبحث عن النموذج وهذا هو أساس التربية أن يكون أحد الصالحين هو المثل الأعلى أو القدوة فوالدي كان قدوة إلى جانب القراءة عن الأولياء والصالحين وليس التصوف كعلم أو فلسفة بل قرأت في سير الأنبياء، ومن القراءة وجدت المحبة لأن القراءة عن هؤلاء تجلب المحبة، فلا يوجد من شخص يكره الأولياء بأخلاقهم وسيرتهم الصالحة، فأحببت أهل التصوف محبة بالغة ووجهتني المحبة إلى أن أكتب عنهم وكتبهم كثيرا عن الأولياء سواء مصريين أو من خارج مصر.


كيف بحثت عن الدين في الأعمال الأدبية ؟ 

كتبت عدة أبحاث عن الله، «شوقي شاعر الخلافة الإسلامية»، و«العقاد وموقفه من المرأة» و«المستشرقين وطريقتهم في دراسة التاريخ الإسلامي»، وبحث «الله في أدب نجيب محفوظ» ونجيب محفوظ بعد أن قرأت كل إصداراته كان في رأيي حائرا بين الحق والباطل في مؤلفاته، -لا نعلم كيف كانت حياته نتحدث فقط عن كتبه-، ونجيب محفوظ كان لديه في نفسه وأعماق قلبه بذره للصوفية وهو تأثر بحياة الصوفية، وكان صديقا لوالدي وكان ينقصه روح التصوف التي كانت عنده، لأن معلوماته كانت منقوصة عن التصوف الذي هو أساسه الصلة بالله، التصوف روح الإسلام.. والإسلام بلا تصوف كالجسد بلا روح.

-

كيف تقرأ مهاجمة السلفيين للصوفية؟ 

السلفيون حولوا الإسلام إلى شكل بلا مضمون ولا روح، التصوف هو بديل عن العمل بالدين، الصوفية لم يهتموا بالمظاهر مطلقًا، ولا بالحجاب ولا اللحية، لم يكن الحجاب مشروطًا في المنهج الصوفي ومن يهتم بإصلاح المظاهر فاسد فالإصلاح الحقيقي يبدأ من الباطن، فالصوفية تهتم بالبواطن، مشايخ الصوفية قديمًا دائما يدعمون حدود التصوف الحقيقي وليس الظواهر فقط، لذلك أصبح التصوف هو العدو الحقيقي للوهابية، الوهابية أنفقت على مهاجمة التصوف في العالم أموالا كان من الممكن أن تغني فقراء العالم أجمع، فتأثر كثيرا من الناس بهذا الفكر الوهابي ضد التصوف.


 - كيف كانت تجربتك مع جماعة التبليغ التي ذكرتها من قبل ؟

 حياتي كلها تقلبات وكانت تأتي وتذهب من أقصى اليمين إلي أقصى اليسار، في فترة قبل صحبة الوالد "تمسلفت" وانضممت لجماعة التبليغ جماعة سلفية وهابية - كما ذكرت من قبل- لمدة 9 سنوات من عام 1987 حتى عام 1990 وكنت مخلصا في أن انفق مالي ووقتي وجهدي لخدمة الدعوة السلفية وتجولت معهم في كل أرجاء العالم وكان الوالد يعلم ذلك لم يكن يوما يعارضني، اكتشفت أنها ليست جماعة حق، في هذه الفترة قابلت كل التيارات الإسلامية المتشدة ووقتها كانت الجماعات المتشددة تنظر إلينا على أننا أطفال ونحن ننظر لهم على أنهم متهورون سبب ابتعادي عنهم رؤية بالمنام حياتي غيرت حياتي التي كانت عبارة عن شطحات، وكانت مرحلة التسيعينات بدأت الاستقرار الفكري.


 - هل ترى أن الخطاب الصوفي يحتاج للتجديد؟ 

الخطاب الديني كله يحتاج للتجديد.. نحن نحتاج إلى التجديد في الكتب والفهم والتناول، الحاضر والمستقبل يحتاج إلى رؤية صالحة لأحوال الناس، لم يكن الخطأ في المنهج لأنه دائما يدرس، أما الخطأ في آليات التدريس، لذلك العلم يعتمد على المدرس


رؤيتك للمجتمع في ظل احتضانه لجميع المذاهب؟ 

الحقيقة أن الوهابية قسمت ظهر الإسلام في العصر الحديث، ولولا التصوف في العالم كان الإسلام اختفى، لكن ربنا حفظ الإسلام ومن أسباب حفظه التصوف، وذلك هو سبب العداء التي تكنه للوهابية للتصوف.


 - هل يمكن أن يصل الصوفية للحكم؟

 لا لن يحدث، لان التصوف سلوك بين العبد وربه، ورغم وجود شيخ مشايخ الطرق الصوفية في البرلمان، إلا أنه يعبر عن نفسه وليس باسم الصوفية واتحداه ان يظهر ويقول أنه ممثل الصوفية في البرلمان، فالتصوف لا يشغل نفسه بالدنيا، ولكن شغله كله الأخلاق، من خلال معاونة الضعيف احسان إلى الجار وحتى الرفق بالحيوان والرفق بالحياة فالتصوف معرفة لله فالذي يحب الله يحب كل ما خلقه الله.


 - كيف ترى الصراع بين الجماعات والتنظيمات داخل مصر على رأسها الإخوان؟ 

السيسي ذبح التيارات المتشددة، فقد أرسله الله لينقذ مصر، وسلوكه صوفي، لو عايز توصف التصوف بكلمة واحدة فهو الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنه أخلاقة أخلاق متصوفة. فالتصوف لا يعني الانضمام إلى الطرق الصوفية، فأنا ووالدي لم ننضم إلى الطرق الصوفية ولكن نحن في الأساس صوفيّ الهوية والمذهب، كذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي.


 - بعض مشايخ الطرق الصوفية يستغلون الكرامات فما رأيك؟

 التجارة بالدين من أفظع الكبائر، فمن يسرق أو ينصب أو ينهب لا يصل إلى أقل درجة من التجارة بالدين. - كيف ترى علاج التشدد والإرهاب؟ مصر أنجح بلد على وجه الأرض في مواجهة الإرهاب، والبلد الوحيد الذي واجه الإرهاب بأمانة وشرف، ومصر ستظل بلد الأمن والأمان.. نتيجة الصدق مع الله

فالوحيد الذي يواجه الإرهاب بوجه واحد هو الرئيس السيسي، فرغم الحرب الضروس التي تواجهها مصر من دول الغرب.


 - كيف يحارب التصوف الإرهاب؟

 التصوف هو الوجه الحقيقي للإسلام، لما السيسي يزور الكنيسة فهذا هو التصوف، وهذا هو حقيقة الدين، والتعامل بوجه واحد دا حقيقة الدين، «مش معنى إني اشتغل سياسة إني ابقى اراجوز أو كذاب»، ووالدي اشتغل سياسة كان بالوجه النظيف لها وليس المتلون، فالمتصوفة هم أهل الاستقامة، وهم العمل بالعلم، وإذا عملت بالعلم أصبح متصوفا.


- هل مشايخ الطرق مقصرون؟

 لا نستطيع أن نحملهم فوق طاقتهم، فهذه هي طاقتهم.