رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حد الردة بين الإثبات والإنكار

جريدة الدستور

نشر تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا فى الثانى من شهر رجب الحالى، وفى حى "الحجر الأسود" بدمشق، صورا لجنوده وهى تنفيذ ما أسموه حد الردة قتلًا على شخصين.
يظهر فى الصورة ما يسمى بالقاضى الشرعى للتنظيم وهو يتلو اسم كل واحد من الشخصين، وتهمته، والحكم فيه، وأمام جمع من الناس أطلقوا الرصاص عليهما وهما فى القيد فأردوهما قتيلين على الفور.

هذا يجعلنا نتوقف أمام مفهوم حد الردة ما هو؟ وهل أمر الشرع الشريف بعقوبة معينة للمترتد فى الدنيا؟ وماذا قال أهل العلم فى ذلك؟.

داعش وحزب البعث والردة

فى موقف كاشف يقول الدكتور "طه جابر العلوانى": فى عام 1963م قرر حزب البعث العراقى إعدام أعضاء الحزب الشيوعى العراقى كله، وكان عدد الشيوعيين آنذاك ثمانية آلاف شيوعى، قرر الحزب بجرة قلم إعدامهم على يد ضابط إسلامى، وجمعوا لأجل ذلك ثلاث فتاوى: فتوى إمام الشيعة السيد "محسن الطباطبائى الحكيم"، والسيد"محمد الخالصى"، ومفتى السنة الشيخ" نجم الدين الواعظ" قال: والثلاثة قد أفتوا بجواز قتل الشيوعيين بل ذهب السيد محمد الخالصى ومفتى السنة الشيخ نجم الدين إلى وجوب قتلهم وليس الجواز فقط، وعهد بتنفيذ هذه المهمة إلى اللواء عبد الغنى الراوى، وكان يصلى الجمعة خلفي فى مسجد صغير كنت أخطب فيه، فأصر على أن يحضر إلٍى قبل الذهاب لتنفيذ حكم الإعدام بـ 5250 شخصًا فى سجن "نقرة السلمان"، ولما جاءنى، فى الساعة الثانية من بعد منتصف الليل، أخبرته بأننى شاب صغير لا أصلح لأن أسلك فى عداد أهل الفتوى الآن "فأنا حديث التخرج"، فقال إذن اسمعنى رأيك لأستنير به شخصًيا؛ فشرحت له أن حزب البعث هو حزب ماركسى فى إطار عربى لا يختلف عن الحزب الشيوعى وأنه ليس هناك حكم إسلامى بأى معنى من المعانى فى العراق فلماذا يزج الإسلام فى صراع سياسى لا ناقة له فيها ولا جمل، وشرحت له - تفصيلًا- بما أقنعه بأنه يجب أن يجب أن لا يلوث يديه بدماء هؤلاء وقرر الرجل أن يعتذر عن المهمة، واستحلفته ألا يذكر اسمى، وذهب من عندى إلى القصر الجمهوري. وأكد عليه الرئيس عبد السلام عارف ورئيس الوزراء أحمد حسن البكر، بضرورة إعدام جميع من جمعوا ما بين الساعة السابعة صباحًا والسابعة مساء خشية تسرب الخبر إلى روسيا فيضغط عليهم العالم الاشتراكى وهو ما قد يحول دون استكمال المهمة، فقال لهم: إنى جئت لأعتذر عن هذه المهمة ولكم أن تكلفوا بها من شئتم وتوقفت المجزرة وكان الأمر كما تنبأت فنشر "ميشل عفلق" مقالة بعد ثلاثة أسابيع دعا فيها الحزب الشيوعى إلى الانضمام فى جبهة واحدة مع حزب البعث، وقال لهم إن رفاقكم البعثيين قد استطاعوا حمياتكم من إبادة جماعية كاد يقوم بها بعض الظلاميين من رجال الجيش والإسلاميين!! فهل تأثرت داعش بالبعثيين؟

الشيخ فوزى الزفزاف

يقول الشيخ فوزى الزفزاف رئيس لجنة الحوار بين الأديان الأسبق تعليقًا على الحكم بالإعدام على أفغاني مسلم اعتنق المسيحية: إن موضوع الردة يستغل الآن ضد الاسلام أسوأ استغلال، وأحسن من كتب في هذا الموضوع استاذنا المرحوم الشيخ عبدالمتعال الصعيدي، وقد انتهى إلى أن من يرتد عن الاسلام لمجرد الارتداد ولا يشكل خطرا فهذا لا نشغل به أنفسنا، ولا يقام عليه حد.

الدكتور قطب سانو

قدم الدكتور "قطب سانو" نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي، ورقة بحث للمؤتمر الذي عقده المجمع بالشارقة بالإمارات العربية المتحدة عام 2009م بعنوان “ موقف الشرع من الحرية الدينية في ضوء الأصول والمقاصد والمآلات “ ذهب فيها إلى القول أن الردة ما لم تقترن بحرابة لا يجب أن تصل عقوبتها للقتل.

ويقول عدد من العلماء المعاصرين إنه ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه لم يقتل بالقتل للمرتد ورى هذا عن النخعى والثورى من السلف الصالح أما المعاصرون فكثير فقد اتفق كل من الإمام محمد عبده وتلميذه رشيد رضا ومحمود شلتوت والأئمة عبدالعزيز جاويش وعبدالمتعال الصعيدي وعيسى منون ويوسف القرضاوي ومحمد البوطي وطه جابر العلواني على أنه لا قتل للمرتد فى الإسلام

مناقشة المثبتين لحد الردة

ناقش الدكتور طه جابر العلوانى أدلة من قال بحد الردة فى كتابه المعنون بعنوان "لا إكراه فى الدين"، وقال: إن حديث ابن عباس الذى رواه البخارى"من بدل دينه فاقتلوه"، رواه عن عكرمة مولاه ومسلم لا يقبل رواية عكرمة ومالك كان لا يأخذ منه حديثأ وكذلك على ابن المدينى شيخ البخارى وقال عنه يحيي ابن معين والإمام أحمد أنه كان خارجيًا من الخوارج.

أما دعوى الإجماع فاعتبرها الدكتور طه جابر علون سيًفا يسل لغلق باب الاجتهاد وليحول بين الناس وبين أقوال من يرون من السلف عدم قتل المرتد، خاصة وأنه لم يثبت أن رسول الله قتل أي مرتد.

وأضاف أن الثابت هو ارتداد بعض الناس على عهده صلى الله عليه وآله وسلم فتركهم ولم يعاقبهم والله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا"،  فهؤلاء آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ولم يرتب الله عليهم عقوبة دنيوية واكتفت الآيات بعقوبة أخروية.