رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البوطي».. الإمام الذي غيبه الإرهاب في ذكري رحيله الخامس

جريدة الدستور

لم يترك أرضة ولم يتخفي ومع ذلك قالوا عليه "عالم سلطان" في حين أن القرضاوي ترك ارضة وتخفي عن أعين الناس وأخذ جنسية أخري ويقولون عليه "عالم قرآن"، هكذا قال لي الباحث حسين القاضي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية في أحد حوارتي معه عن الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي المعروف بإمام أهل الشام عن قصة إغتياله المثيرة للجدل.

قال البوطي في أكثر من حديث عن نفسه لو تركت هذا البلد "سوريا" فسأكون مثل الأب الذي له أولاد وأحفاد يتركهم إلي حيث لا يعلم مصيرهم، ولن أكون مثل هذا الأب مطلقا، فلقي حتفه في دمشق في محراب بيت من بيوت الله واثناء درس لتفسير آيات من الذكر الحكيم (فيديو).



تاتي الذكري الخامسة لأغتيال الشيخ العلامة محمد سعيد رمضان البوطي، والذي شرح وحلل الحكم العطائية (لابن عطاء الله السكندري) في 4 مجلدات، وكتب "فقه السيرة النبوية" أعظم كتاب في العصر الحديث يتناول حياة النبي الكريم بشهادة فقهاء عصره، والذي سقط ضحية تفجير قام به انتحاري يوم الخميس 21مارس 2013، وهو أبن 84 سنة بعد مرور دقائق على الانفجار اعلنت محطة تلفزيونية سورية مقتل الشيح وأحد أحفاده، وتردد ان وراء الحادث جبهة النصرة والجولاني، وقال ان المنفذين انضمو إلي تنظيم ما يعرف بالدولة الأغسلامية داعش، والبعض ير ان وزراء العملية النظام السوري في الأساس. 

تفرق دم الرجل بين القبائل، وافاد شهود عيان بالقرب من الجامع الذي وقع فيه الانفجار، بأن الدّوي الذي سمعوه لا يشبه أصوات الإنفجارات الناتجة عن السيارات المفخخة، وقال هؤلاء أنه لدى دخولهم الى الجامع مع عدد من عناصر الإستخبارات احصوا عشرات القتلى والجرحى، وان هذا العدد يبقى اقل من العدد الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام الرسمية، كما لم يستطع احد مشاهدة جثة الشيخ البوطي، ولوحظ ان غالبية الضحايا أصيبوا في رأسهم.

ثمة اشاعات تقول بأن الشيخ البوطي كان يفكر في مغادرة البلاد، وأنه رفض توقيع فتوى أصدرها الشيخ أحمد حسون مفتي سوريا لدعم النظام وجيش بشارالاسد، واعرب عن تحفظة وانتقاداته على بعض تصرفات النظام وانه لم يكن يوما ما من اتابع الاسد (فيديو)، لذلك اقدم النظام علي تسهيل التخلص منه وباغتيال الشيخ البوطي يكون الأسد قد اصاب عصفورين بحجر: وضع حدًا لتحرك البوطي والقى التهمة على الارهابيين والجماعات الإسلامية التي تري في الاساس انه من علماء السلطة.


رحل  الرجل بأيادٍ غادرة  تتهمه بأمام السلطان رغم انه دافع عن نفسة اكثر من مرة وان من يتهمه بهذا الامر لم يكونوا موجودين وهو يدافع عن هذا الدين ، فقد تصدي الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي اكثر من مرة من العدواان عن السنة والفقه و من الاستمرار في بث حلقات مسلسل "ما ملكت أيمانكم"، معتبرا أن القصد من المسلسل "السخرية بالله وبدين الله"، في وقت أوضح فيه مصدر مقرب من البوطي أن "المسلسل يحتوي على أشياء لا تتناسب مع الشريعة الإسلامية"، الأمر الذي رأى فيه مخرج العمل نجدة أنزور اتهاما واضحا يدل على "الاستهداف الشخصي له ومحاولة استعداء الجمهور  السلفي عليه "ً.

فقال البوطي علي الفور في بيان له "إنني لست متنبئاً بغيب، ولست من المتكهنين بأحداث المستقبل، ولكني أحمل إليكم النذير الذي رأته عيني، إنها غضبة إلهية عارمة، تسدّ بسوادها الأفق، هابطة من السماء وليست من تصرفات الخلائق، إنها زمجرة ربانية عاتية تكمن وراء مسلسل السخرية بالله وبدين الله، الفياض بالهزء من المتدينين من عباد الله".

فرد المخرج نجدة أنزور علي الفور قائلا إنه لم  يقصد الإساءة لأحد، وأن المسلسل "يعكس واقع المجتمع"، مضيفا أنه حريص في كل أعماله على إبداء أكبر قدر من التقدير للإسلام ديناً وثقافة ورجالاً، وتجلى ذلك في "صلاح الدين"، "فارس بني مروان" ، "سقف العالم" ، "الحور العين" ،وتوقف عرض المسلسل بعدها .


عرضت عليه عشرات المناصب فرفض؛ مثل رئيس جامعة في الجزائر، وعميد كلية بالإمارات، ومثلها في قطر، وبقي في مسجده الجامع في دمشق حتي وفاته يلقي الدروس ومن خلفة اصوات القنابل والمدافع والغارات .

ومن أبرز مؤلفاته وهي كثيرة جدا ناهزت الخمسين .. الإنسان مسير أم مخير، هذه مشكلاتنا ، وهذه مشكلاتهم ،  هذا والدي ، محاضرات في الفقه المقارن،  الإسلام ملاذ كلّ المجتمعات الإنسانيّة،  الحب في القرآن ودور الحب في حياة الإنسان،  من الفكر والقلب ، يغالطونك إذ يقولون ، منهج الحضارة الإنسانية في القرآن.

الشيخ البوطي من مواليد 1929 يمثل وزنا فقهيا ومعنويا كبيرا في بلاد الشام. والده الملا "الكردي"  رمضان، هاجر به من قرية في جزيرة ابن عمر، أقصى المثلث السوري التركي العراقي، ونشأ  في حارات الشام، ونهل من شيوخها،  يمثل قيمة كبيرة في الفقه والعلم الشرعي ، من يحظى بها يملك قوة دفع كبرى في المجتمع السوري،  لذلك حرص نظام الأسد على مر السنوات علي  تقدير الشيخ، لأنه كان مساندا للنظام ضد خصومه الدينيين، وهذا ما اضر الرجل في  المرحلة الأخيرة من عمرة.

كان يري أن الثورة في سوري مصيرها إلي الضياع والتشرزم والإنقياض إلي الاعودة مما جعل البعض يهيل التراب على رصيده المعنوي لدى كثير من السوريين بعد أن جاهر الشيخ بانحيازه للنظام، وتجاهل ما يحدث من النظام تجاه الآخرين.

الصراع على دم البوطي مازال موجود ويعكس صراعا عميقا، وبين عمق العاطفة وعمق  العقل ومىالات الامور تأتي الذكري الخامسة للحيل الرجل الشهيد الذي حير دمه الكثير وتفرق حووله الكثيرين ايضا .