رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يكره السوريون المسلحين المهاجرين؟

جريدة الدستور

لماذا تستهدف الفصائل السورية المسلحة "المهاجرين" من المنضمين إلى كل منها؟، سؤال تردد بقوة خلال الفترة الأخيرة.. بعدما شهدت الحواجز الأمنية مؤخرا، مقتل عدد من المهاجرين، وكان على رأس المستهدفين "المصريين".

قبل الإجابة علي السؤال الدائر، نرصد عدد المهاجرين داخل الأراضي السورية، والذي يتراوح من 30 إلى 50 ألف مهاجر، حضروا من 80 دولة. في الوقت الذي أكدت فيه الاستخبارات الأمريكية، أن عددهم من 20 ألف إلى 30 ألف شخص.

انضم المهاجرون، إلى عدة فصائل إسلامية، ورفضوا تشكيل فصائل يقودوها بأنفسهم، لكنهم اختاروا، الفصائل المسلحة السورية للعمل تحت جناحيها. كانت أحرار الشام "جبهة تحرير سوريا" فيما بعد، و"هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقًا، أبرز تلك الفصائل التي انخرط فيها المهاجرين، وتولوا فيها أكبر المناصب الشرعية.

بدأ مسلسل قتل "المهاجرين" منتصف عام 2015، وهو ما دعا "أحرار سوريا" إلى إصدار بيانات ترفض قتل المهاجر أو ترحيله، ثم هدأت العاصفة قليلاً، حتى عادت مرة آخرى أكثر شدة مما سبق.

شهدت الأسابيع القليلة الماضية تصفية بعضهم، وهو ما فتح الباب مجددًا.. لطرح السؤال مرة أخرى، خاصة بعدما شهدت "الحواجز" الأمنية تصفية عدد من القيادات المهاجرة، كان القيادي "القاعدي" إبراهيم البنا، الملقب بـ"أبوأيمن المصري"، وزير مخابرات تنظيم "القاعدة"، الذي قتلته عناصر"الزنكي"، قبل عدة أيام أبرزهم، لتنطوي صفحته نهائيا رغم احتوائها على أسرار أهم التنظيمات الإرهابية في العالم "القاعدة".

جاء مقتل محمود عبدالحميد والملقب بـ"أبو تراب المصري"، على أيدي "هيئة تحرير سوريا"، ليزيد الأمور تعقيدًا فيما يخص "المهاجر"، لأن "أبي تراب" كان مسئولاً شرعيًا، ورفض الانضمام إلى "النصرة" وعمل تحت قيادة "أحرار الشام"، وأخيرا تمت تصفية المهاجر المغربي "أبو بلال"، لتؤكد أن مسلسل إهدار دم المهاجر، أصبح مطلبًا ثوريا لكل الفصائل السورية التي سبق لها المطالبة بأبعادهم عن الساحة السورية.

أدى قتل القيادات "المهاجرة"، إلى تبادل فصيلي النزاع في "هيئة تحريرالشام"، وجبهة تحرير سوريا" الاتهامات، فيما بينهما بمسئولية كل فصيل عن عمليات القتل التي تمت بحق "المهاجرين".

"المهاجرون المصريون"، عناصر أُدين بعضهم في عمليات إرهابية وقعت بمصر، وآخرون لم تتم إدانتهم أو محاكماتهم أمام القضاء المصري، والكثير منهم غير مدرج على القوائم الإرهابية، وهي الفئة التي تمثل غموضا حول شخصياتها، وأدى نقص المعلومات حولها إلى المجهول، وبالتالي يصعب مراقبتها أو وضعها تحت السيطرة، كان أبرز مثال لذلك، مقتل أبو أيمن المصري "إبراهيم البنا" التي أدعت الولايات المتحدة الأمريكية مقتله في إحدى غاراتها في اليمن 2015.

جاء الحاجز الأمني التابع لـ"الزنكي" ليكشف هويته الحقيقية والتي ربما كانت غير مدرجة على قوائم أجهزة أمنية بالمنطقة، كما كان مقتله تكذيب لتحريات أجهزة الاستخبارات الأمريكية، ذات الأمكانيات الجبارة في ملاحقة الإرهابيين، بأن "أبو أيمن المصري" هو محمد الظواهري الشقيق الأصغر لزعيم "القاعدة"، هي المعلومة الخاطئة، التي سارت عليها وسائل إعلام دولية لوقت طويل قبل أن تدرجه على قوائم الإرهاب وتضع على رأسه 5 ملايين دولار مطلع عام 2017.

بدأ دخول "المهاجرين" إلى حلبة الصراع السوري، بعد انضمامهم لفصائل إسلامية علي حساب أخرى، وهو ما كان سببا رئيسيا، في ترجيح تلك الفئة التي ضمت المهاجرين، وتعود أسباب "غلبة" المهاجرين، إلى التدريبات القتالية "المميزة" التي تلاقوها داخل الأراضي المصرية أو خارجها، سواء كان في معسكرات أفغانستان، أو اليمن أو حتى الصومال مرورا بالجزائر والسودان، فهي محطات توقف الكثير منهم عندها، وتلقى فيها التدريب علي شن العمليات الإرهابية.

سرعة استيعابهم للآليات والأسلحة بكافة أنواعها، بعضهم خاض حروبًا في أفغانستان "الحرب الروسي"، وهي المجموعة الجهادية التي انضمت إلى "القاعدة"، أخطر العناصر التي لصفوف الفصائل الإسلامية السورية، وهو ما جعل التنافس بين تلك الفصائل لضم "المصريين" هى الفئية "المنتصرة" دائما "نظرا للخبرة القتالية، وكيفية استخدام الأسلحة، والقدرة علي الكر والفر، ونصب الكمائن".

كان انضمام "الحزب التركستاني"، إلى "هيئة تحرير الشام"  بمثابة إعادة للتوازن الأخير، في صراعها مع "جبهة تحرير سوريا" في الشمال السوري، لكن في نفس الوقت، كشف دور المهاجرين، في الصراع الدائر بين فصائل "محلية" سورية، على الرغم من اتخاذ "المصريين" قرار بتجنب المشاركة في الحرب بين الهيئة والجبهة، بالالتزام بالحياد العسكري بينهما، بعد أن تباينت فيه مواقف قادة وجماعات "المهاجرين" بالانضمام لفصيل دون آخر"الحزب التركستاني في سوريا بالابتعاد عن المواجهة.

المعارك التي دارت بين "الجبهة"، و"الهيئة"، كانت هي السبب وراء قضية المقاتلين غير السوريين في صفوف الجماعات الإسلامية المحسوبة على المعارضة، بعد أن "حلت" قضية المهاجرين،علي رأس اهتمامات الفصائل الإسلامية السورية "المحلية" المتقاتلة هناك.

بعد انحسار تنظيم داعش، أصبحت في مقدمة هذه الجماعات "هيئة تحرير الشام"، التي بقيت التنظيم الجهادي الأكبر في سوريا حاليًا. وتعدّ المئات من المقاتلين القادمين من خارج الحدود، برغم خسارتها، العام الماضي، جزءًا كبيرًا من المهاجرين الذين انشقوا عنها لأسباب عديدة، على رأسها الخلاف مع قيادة "تنظيم القاعدة".