رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا تستهدف العملية الشاملة «سيناء 2018» دلتا مصر؟

القوات المسلحة
القوات المسلحة

تحولت أنظار الإرهابيين إلى "دلتا مصر"، ومحافظاتها في الفترة الأخيرة عقب اشتداد الضربات الأمنية عليهم من قبل الجيش والشرطة، خاصة في سيناء، حيث سعت جماعة أنصار بيت المقدس، لوضع قدم لها في تلك المنطقة الهادئة الخصبة من مصر، رغبة في استقطاب عناصر جديدة ومحاولة الوصول إلى القاهرة بسهولة. كما عملت اللجان النوعية لجماعة الإخوان منذ تأسيسها، بعد فض رابعة، وعلى رأسها "لواء الثورة وحسم"، على اتخاذ محافظات الدلتا ملجأ لها، لاسيما القرى والمزاع التي تتسم بالهدوء التام.

ونجحت القوات المسلحة والشرطة خلال العامين الماضيين من إحباط مخططات إرهابية متعددة في تلك المحافظات وعلى رأسها الإسماعيلية والشرقية والبحيرة والدقهلية، ومنطقة غرب القناة، وكللت جهدها بإطلاق العملية الشاملة "سيناء 2018"، اليوم الجمعة، لدحر الإرهاب بالكامل.

العميد خالد عكاشة - عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب والخبير الأمني- قال إن هناك جهدًا أمنيًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة للقضاء على الإرهاب، لافتًا إلى أن ما تعرف بـ"ولاية سيناء" عملت كحلقة وصل بين تنظيم "داعش" وبين خلايا منفردة تقوم بتشكيلها في الدلتا وأطراف القاهرة، موضحا أن اختيار الدلتا كونها الأقرب إلى سيناء وتحظى بكثافة سكانية وتتلاصق محافظاتها بشكل يسهل من التحرك بينها.

قبل ثلاثة أشهر وتحديدًا نهاية نوفمبر 2017، نجح فرع الأمن الوطنى بمحافظة الشرقية، عقب مداهمة 3 بؤر إجرامية بنطاق قرى "السلام، وأبو نجاح، والصنافين" من إلقاء القبض على إرهابي ينتمي لتنظيم داعش، تم تجنيده لتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية بالمحافظة، حيث تواصل مع التنظيم في سوريا لتشكيل خلايا يستقطب من خلالها الشباب لشن عمليات كبرى في المحافظة.

بعدها بعدة أيام، في ديسمبر، استقبلت مستشفى "بلبيس" المركزي 5 جثث لعناصر إرهابية تم تصفيتها من قِبل قوات أمن الشرقية بالتنسيق مع الأمن الوطني بأحد المدقات الجبلية بطريق "أبو حماد – العاشر من رمضان"، بعدما خحططت للهجوم على قوات الأمن والشرطة، ويعيد ذلك إلى الأذهان، البؤرة الإرهابية التي تشكلت في (دلتا مصر)، من 6 مسلحين تدفقوا من شمال سيناء، وبحوزتهم أحزمة ناسفة، لتنفيذ مخطط لهم في المحافظة، واختبائهم بإحدى المناطق الجبلية بين محافظتي الإسماعيلية والشرقية.

محافظة الإسماعيلية هي الآخرى، شهدت تدفقًا للإرهابيين من سيناء بعد تكثيف الضربات الأمنية الكبرى على عناصر تنظيم "داعش" هناك، ففي 15 يوليو 2017، نجح الأمن في قتل 4 مسلحين، تدفقوا من سيناء في منطقة "جبلبانة" بالقنطرة شرق الإسماعيلية، خاصة بعد تنفيذ عمليات طعن في فندق بالغردقة قبلها بيوم.

ذكرت وزارة الداخلية- حينها- إن معلومات وردت إلى جهاز الأمن الوطني بالإسماعيلية، تفيد بوجود مجموعة من العناصر التكفيرية الهاربة من سيناء، كانت بصدد تنفيذ عدد من العمليات في الإسماعيلية، لافتا إلى أنه تم رصد 4 عناصر من التكفيريين، ومهاجمتهم وقتلهم عقب تبادل لإطلاق النار مع القوات.

يقول أحمد كامل البحيري، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام، إن التنظيم الإرهابي بسيناء يسعى للتواصل مع إرهابيي الوادي والدلتا، لاستقطاب عناصر جديدة بعد الضربات الأمنية الكبيرة التي تلقاها في سيناء.

وأشار البحيري، في تصريحاته لـ"أمان"، إلى أن الأيام الماضية، كشفت عن سعي التنظيم للتنسيق مع العناصر المتطرفة في الدلتا خاصة المنتمين لجماعة حسم ولواء الثورة، لافتًا إلى أن هناك شواهد على انتقال عناصر إرهابية منهما، وهو ما يعرف بـ"الإرهاب الجديد"، مستغلين طبيعة تلك المنطقة.

تعد منطقة "سامي سعد"، الحدودية، التي تربط بين محافظتي الشرقية والإسماعيلة، وتبدأ من منطقة مفارق الشرطة بالصالحية القديمة، حيث تنتشر بساتين الفاكهة والزيتون، ما جعلها منطقة ممتدة وبيئة مناسبة لاختفاء وتحصن الجماعات الإرهابية بداخلها.

وتحدثت مصادر أمنية في وقت سابق، عن أن التجمعات السكنية التى تمتد على جانبي طريق القنطرة غرب– الصالحية القديمة، كانت مراكزًا لانطلاق المسلحين لمهاجمة سيارات المواطنين المارة على الطريق لسلب السيارات والمواطنين تحت تهديد السلاح.

ونفذت عناصر إرهابية في أكتوبر 2013، هجومًا على سيارة تابعة للقوات المسلحة على طريق القصاصين - الصالحية الجديدة بالشرقية، ما أسفر عن استشهاد ضابط و5 جنود. وكانت منطقة "بركة النصر"، الواقعة على طريق "الشرقية سامى سعد"، وكرًا تحتمي فيه العناصر الإرهابية لكونها منطقة غابات مهجورة محاطة بالمزارع.

وقبل 5 أشهر، وتحديدًا في سبتمبر 2017، اكتشاف الأمن أكثر من بؤرة إرهابية بمحافظة البحيرة، في صحراء وادي النطرون في الريف، حيث اتخذت العناصر التكفيرية إحدى المزارع مكانا لصناعة المتفجرات والأسلحة لاستخدامها في عمليات إرهابية بمحافظات دلتا مصر، خاصة الغربية والبحيرة والإسكندرية ودمياط وكفرالشيخ.

في أبريل من نفس العام، نجح الأمن في ضبط مزرعة على مساحة ضخمة بصحراء المحافظة تبعد حوالي 50 كيلو متر عن المناطق السكانية، وقالت الداخلية- آنذاك- إن الأسلحة والذخائر والمتفجرات التي ضبطت داخل ممرات أرضية أسفل المزرعة كانت كفيلة بارتكاب مجازر. وكشفت الأجهزة الأمنية حينها عن رصد 5 مزارع تحتضن بؤرا إرهابية، خططت لتفجير كنائس واستهداف قوات الجيش والشرطة في محافظات الدلتا.

ويلجأ الإرهابيون في الدلتا إلى "حيلة شراء الأراضي" بهدف استصلاحها وزراعتها على مساحات واسعة، ثم يحفرون ممرات وغرف تحت الأرض لاستخدامها كمخازن لصناعة الأسلحة والمتفجرات، ثم نقلها في ما بعد إلى المحافظات المجاورة لاستخدامها في عملياتهم الإرهابية، خاصة البحيرة التي تعد نقطة التقاء مختلف محافظات الوجه البحري.

كما تعد محافظة الدقهلية، لاسيما المنصورة نقطة رابط بين محافظات عدة، بين الشرقية والإسماعيلية من جهة، ودمياط وبورسعيد من جهة أخرى، وهو ما يؤهلها لتكون مسرحا للعمليات، وهو ما يدفع إلى ضرورة إحكام السيطرة بالكامل على تلك المنطقة.