رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نرصد أهم التنظيمات الصوفية المسلحة حول العالم

جريدة الدستور

أبوالفضل الإسناوى: التنظيمات الصوفية الجهادية هدفها الرئيسى الدفاع عن الأوطان 

باحث بمركز المسبار للدراسات: الأسباب الرئيسية التى ساعدت فى ظهور "التنظيمات الصوفية المسلحة" هى تزايد خطر"داعش"


اقتحمت الحركة الصوفية، فى إفريقيا والعديد من دول العالم،  حقل العمل المسلح من أوسع أبوابه، فظهرت لها ثلاث حركات مسلحة، مثل "تنظيم أهل السنة والجماعة بالصومال الموالى للحكومة،وجيش الطريقة المريدية بالسنغال الموالى للدولة، وجيش الطريقة النقشبندية بالعراق، الذى حارب الإستعمار الإمريكى وعقد تحالفات مع تنظيم داعش المتطرف بعد ذلك.
 "أمان" فى التقرير التالى يرصد الحركات الصوفية المسلحة فى المنطقة.



«تنظيم أهل السنة والجماعة» بالصومال

هو تنظيم إسلامى صوفى، مكون من قوات شبه عسكرية، حارب ضد المجموعات الإسلامية الردايكالية في الحرب الأهلية الصومالية من التنظيمات المنضوية تحت تنظيم القاعدة مثل "جماعة الشباب المجهادة وتنظيم المحاكم الإسلامية وهذا التنظيم يرفض تشدد التيار السلفى الوهابى، وقد تحالف هذا التنظيم مع القوات الحكومية الصومالية ومع إثيوبيا في حرب الصومال (2006-2009) يقود هذا التنظيم محمد فرح عيديد أحد قادة الصوفية بالصومال.

يقول سالم الحضرمي الباحث فى مركز "المسبار للدراسات والأبحاث" بالإمارات، فى إحدى دراساته عن التنظيمات الصوفية المسلحة، إن السؤال الصعب الذى يشغل الجميع، هو كيف تمكّنت جماعة صوفية حديثة مثل "جماعة أهل السنة والجماعة"بالصومال، أن تواجه حركة الشباب والحزب الإسلامي الصومالى هذه الفترة، خاصَّة أن وجودها كحركة مسلحة لم يستغرق وقتًا طويلا، خاصة أن أفكارهذه الجماعة تعود إلى الفكر الصوفي المعروف بقطيعته الكاملة مع العنف أو حمل السلاح طوال مدة الحرب الأهلية، مما يجعلنا نفترض أن هناك عوامل خارجية وداخلية تقاطعت مع الجماعة في ضرب حركات السلفية المتطرفة.

وأوضح " الحضرمى" أن أهم هذه التبريرات هو أنه لا يمكن استيعاب أن جماعة حديثة النشأة، تصمد هذه الفترة أمام الجماعات السلفية ذات التسليح العالي والخبرة القتالية، دون مساعدة خارجية مستمرة، وعند تحليل الوضع نجد أن الدولة الوحيدة التي تستفيد من ازدياد قوة "أهل السنة والجماعة" هي دولة إثيوبيا، فهي تسعى جاهدة لوضع حد لأي تقدم عسكري لحركة الشباب وإن أدى ذلك إلى التحالف مع إسلاميين آخرين تراهم أقل عدائية تجاهها، فإنّ هذا سيصبح نصرًا مجيدًا لها.

وتابع "الحضرمى " أن تكرار نفي زعيم الطرق الصوفية بالصومال "الشيخ عمر فارح"، أدى إلى حدوث تعاون بين جماعة أهل السنة والجماعة المسلحة وإثيوبيا، خاصة أنه ليس بين جماعته وإثيوبيا إلا العلاقات العامة، مثل حسن الجوار والعلاقات التجارية وما شابه ذلك، لكن وزير الاتصالات الإثيوبي "بيريكيت سيمون" كشف مؤخرًا، عن أن بلاده سمحت للميليشيات الصومالية الصوفية، الموالية للحكومة باستخدام أراضيها كقواعد عسكرية لشن هجمات على مقاتلي الفصائل الإسلامية المعارضة لحكومة مقديشو الانتقالية وعلى ذلك تم دعم الحركة الصوفية الجديدة للتصدى لخطر جماعة الشاب المجاهدة.

وأوضح "الحضرمى" أن هناك عوامل ساعدت على انتصارات "تنظيم أهل السنة والجماعة الصوفى" وهو التعاطف الجماهيري من أهالي المنطقة مع الحركة، وذلك للتخلص من "إرهاب" حركة الشباب الذي فرض على الناس أحكامًا، ربما لا يتفق الشعب مع الشباب في طرق تطبيقها مثل حظر أكل القات وفرض الحجاب، وهدم الأضرحة، وحظر المناسبات الدينية، وطرد هيئات الإغاثة، مما نال من مصداقيتهم في أعين الجماهير الصومالية.

يشير "الحضرمى" الى أن من الأمور التى ساعدت أيضًا على استقواء أهل السنة والجماعة، الوضعُ القبلي الذي يهيمن على الصومال فالصومال عبارة عن عشائر وقبائل، وهناك توازنات مهمَّة بين القبائل المختلفة، وتشير مصادر كثيرة أن أهل السنة يتلقون دعمًا من قبائل كثيرة معارضة لحركة الشباب؛ لوجود مشكلات بينهم وبين هذه الحركة، وتحوّل بعض العشائر متحالفة مع الشباب إلى مقاتلة الحركة، مما جعل بعض المراقبين يرون أن "أهل السنة والجماعة" قد تكون تمويه لمحاولات قوى عشائرية تسعى إلى ضرب وكبح جماح حركة الشباب بدعم إثيوبي على غرار الصحوات في العراق، وهذا يرسم معالم جدلية للعلاقة بين واقع العشيرة وأحلام الإمارة الإسلامية.

«جيش النقشبندية» بالعراق

جيش رجال الطريقة النقشبندية هو فصيل مقاومة سنّي صوفي من أتباع الطريقة النقشبندية أسسه عزة الدوري، نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين سنة 2003 لمقاومة الاحتلال الأمريكي ويقدم نفسه مدافعًا عن السنّة المهمّشين، وينشط شمال العراق وله أتباع في المناطق الكردية، وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن الجماعة تضم ما بين 1000 و5000 شخص.

وشارك جيش النقشبندية، في ثورة العشائر التي أطاحت بالمحافظات العراقية السّنّية سنة 2014،ويمتلك الكثير من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة التي حصلت عليها من الجيش العراقي وقادة عملياته الميدانية هم من ضباط الجيش العراقي السابق ويملكون خبرة كبيرة في القتال والمناورة وهو ما ساهم في طردهم للجيش العراقي والسيطرة على الموصل وصلاح الدين في يومين.

العلاقة مع القوى والتنظيمات الأخرى

أصبح التنظيم حليفا رئيسيا لتنظيم داعش فى وقت من الأوقات،إلا أنهما تصادما لاحقا، فبعد أيام على رسالة صوتية منسوبة لعزة الدوري في يوليو 2014 يشيد فيها بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام،نسبت الطريقة النقشبندية إلى داعش إعدام 12 من جيش النقشبندي، ولاحقا صدرت رسائل عن جيش الطريقة النقشبندية يرفض التهجير القسري، مهاجما سلوك تنظيم "داعش" مؤكدا أنه سيقاوم ما وصفه "القوة التكفيرية الإرهابية المدسوسة" وفي ابريل 2015 إتخذ الدوري موقفا يدعو لمحاربة داعش ويؤيد فيها عملية عاصفة الحزم في اليمن ضد الحوثيين ودعا النظام السوري "لترك الحكم من أجل وحدة سوريا".
من جانبه قال رافع طه الرفاعى شيخ الطريقة الرفاعية الصوفية بالعراق، لـ"أمان" إن جيش الطريقة النقشبندية،شكلته الطريقة النقشبندية بالعراق، ومعها بعض الطرق الصوفية الأخرى، وهوتنظيم صوفى مسلح، تم تشكيلة من أجل التصدى للإستعمار الأمريكى الذى دخل العراق عام    2003وعلى ذلك هو لايوجد منه أى خطر، نظرًا لأنه يحارب تحت رآية الدولة العراقية.
وتابع"الرفاعى" أن التنظيمات الصوفية الجهادية التى ظهرت، سواء فى العراق أو غيرها من الدول، كان هدفها الرئيسى، حماية شعوب الأوطان، من خطر الجماعات المتشددة والإرهابية، سواء التى تتحدث باسم السنة أو الشيعة، وهذا الجيش تصدى لخطر داعش والحشد الشعبى أيضا.

«جيش المريدية» بالسنغال

تشكل جيش المريدية بالسنغال على يد الشيخ أحمد بمب مؤسس الطريقة المريدية الصوفية عام 1898م،وذلك لمواجهة الاستعمار الفرنسى، الذى احتل السنغال منذ عشرات السنين، وتعتبر "المريدية" ثانى أكبر الطرق الصوفية فى قارة أفريقيا، بعد الطريقة التيجانية، وظهر نشاط الجيش وقوته من جديد بعد ظهور التنظيمات الإسلامية المتطرفة، التى خرجت فى العديد من الدول الإفريقية مثل " نيجيريا والصومال والكاميرون"، ويحصل هذا الجيش على الدعم من قبل الدول التى لها أتباع تابعون لنفس الطريقة مثل "الكاميرون وإثيوبيا".

وتعتبر الطريقة المرديدية الصوفية، دولة مستقلة داخل السنغال، ولذلك لاتتدخل الحكومة فى شئونها مما جعلها تؤمن نفسها من جميع الاحتياجات، حتى قيل عنها إنها دولة داخل الدولة السنغالية.

وتعتبر طاعة الأتباع والمريدين فى الطريقة المريدية لمشايخهم واجبًا دينيًا، وهذا ما ساعد على تشكيل هذا الجيش، الذى يحمى الطريقة وأضرحتها ومقامتها من خطر التنظيمات الإرهابية.

ويأتى ذلك كله في سياق "طاعة ولي الأمر" ما يجعل لهذا الأمر تأثيرا على الساحة السياسية، ولعل هذا ما دفع معظم السياسيين الطامحين لرئاسة الدولة إلى إعلان انتمائهم إلى الطائفة المريدية وفق بعض المصادر السنغالية.

ويعتبر محمد ولد عبدالله الباحث فى الشئون الصوفية بالسنغال، تأثير المال السياسي والحضور الروحي في الحياة الديمقراطية قد تراجع كثيرًا خلال العقدين المنصرمين في السنغال بفضل تزايد الوعي وانتشار الحركات المدنية وخلق مجتمع مدني ناشط وحاضر بفعالية كبيرة في المشهد السياسي.

ويعترف " ولد عبدالله" بأن التأثير المعنوي للزوايا الصوفية، ما زال موجودًا بقوة في هذه الدولة، وخاصة أن أغلب مشايخ الطريقة المريدية، أصبحوا اليوم أقرب لمعسكر الدولة، حيث إن جميع رؤساء السنغال لايتم إختيارهم إلا اذا حصلوا على رضى وموافقة شيخ الطريقة المريدية، الذى بات الحاكم الفعلى للدولة.

من جانبه قال "أبوالفضل الإسناوى" الخبير فى الشئون الصوفية لـ"أمان" إن التنظيمات الجهادية الصوفية، التى ظهرت قديما أوحديثاً هدفها الرئيسى الدفاع عن الأوطان ومساندة جيوش وحكومات الدول التابعة لها، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك فجيش الطريقة النقشبندية فى العراق ظهرمن أجل مقاومة الاستعمار الأمريكى، أما تنظيم اهل السنة والجماعة فى الصومال ظهر من أجل الصدى لجماعة الشباب المتطرفة التى تحارب الدولة وتعادى الصوفية، وبالنسبة لجيش المريدية فظهر خلال الاستعمار الفرنسى للسنغال، وهذا يؤكد أن جهاد الصوفية دائما كان مع أستقرار الدول والحفظا على وجودها، وليس نشرالإرهاب والعنف مثلما تفعل التنظيمات الأخرى مثل داعش وبوكو حرام.