رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد اعترافها بممارسة العنف.. هل تنقلب ألمانيا على الإخوان؟

جريدة الدستور

انقلبت دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة) في ولاية بافاريا، في تقريرها الجديد حول التطرف، وأصدرت تقييمًا جديدًا لتنظيم الإخوان، وذلك لأول مرة يتم تصنيف الجماعة على أنها تسعى للعنف، رغم أن التقارير السابقة كانت تصنف التنظيم على أنه معتدل وينأى بنفسه عن العنف.

كما كشف التقرير عن أن تنظيم الجماعة الإسلامية، الذي يعتبر واجهة لـ«الإخوان» في ألمانيا، يطرح نفسه منظمة منفتحة تدعو إلى التسامح، وتبدي استعدادها للحوار، لكنها تتستر على أهدافها الحقيقية في ألمانيا والغرب.

وعن الأهداف الحقيقية للتنظيم، أشار الأمن البافاري إلى أنها لا تختلف في ألمانيا عن الأهداف التي رسمها حسن البنا في عشرينيات القرن العشرين، وهي أسلمة المجتمعات وتأسيس نظام إسلامي يعتمد الشريعة في قوانينه بقيادة تنظيم الإخوان المسلمين.

وقدر التقرير أعضاء وأنصار «الجماعة الإسلامية» في ألمانيا بنحو ألف شخص، يقيم 150 منهم في ولاية بافاريا، ويمتلك التنظيم شبكة من المنظمات التابعة له في معظم المدن الألمانية الكبيرة، إضافة إلى جمعيات أخرى تعمل واجهة لـ«الإخوان».
ويعود تاريخ وجود الإخوان في ألمانيا إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأسسوا أول تجمعين لهما في مدينتي ميونيخ في ولاية بافاريا، وآخر في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا.

وتعليقًا على التقييم الجديد لـ«الإخوان»، قالت زيجريد هيرمان - مارشال، الخبيرة في الشئون الإسلامية لصحيفة «سبوتنيك دويتشلاند»، إن الإخوان لم يعدلوا الفقرة حول دولة تأسيس داعش في برنامجهم إلا سنة 2017، مضيفة أن الإخوان في ألمانيا يحاولون التقرب من الأحزاب والشخصيات السياسية الألمانية خدمة لمشروعاتهم.

ويتحدث الإخوان في ألمانيا بلسانين، حسب «هيرمان - مارشال»، فهم يطرحون أنفسهم في الغرب معتدلين ومؤيدين للحوار والتفاهم بين الأديان، لكنهم يروجون لأهدافهم السياسية بشكل علني في البلدان العربية والإسلامية، ويحاول التنظيم تعزيز نفسه في المجتمعات الإسلامية من خلال المشروعات الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يفعلونه في ألمانيا والغرب أيضًا.

وجاء ذلك تزامنا مع عريضة شعبية، أطلقها ألمان ومقيمون من جنسيات أخرى، يطالبون فيها السلطات الألمانية بالتحرك لوضع حد لنشاطات تنظيم الإخوان في مختلف أنحاء ألمانيا، خصوصا في ظل الحديث عن تغييرات بريطانية في التعامل مع الجماعة، قد تصل لوضع التنظيم على لوائح الإرهاب.

من ناحيته، اعتبر طارق البشبيشي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان في مصر، مركز الأبحاث الإسلامية في ألمانيا أساتذة التخفي، سواء على صعيد العمل التنظيمي أو الأهداف السياسية.
وقال «البشبيشي» في تصريحه، إن الإخوان في ألمانيا يصبحون أكثر صراحة في الحديث عن أهدافهم السرية كلما تعزز موقفهم السياسي، لكنهم يفضلون الظهور بمظهر المتسامح والمتفهم حينما يشعرون بأنفسهم ضعفاء أو أقلية في مجتمع ما مثل المجتمع الألماني.

وأوضح القيادي المنشق عن الجماعة، أن الإخوان في الخارج ليس لهم تنظيم مركزي، وإنما عبارة عن جمعيات صغيرة متناثرة وشخصيات منفردة لا تبدو على صلة ببعضها في الظاهر، ويستخدمون المشروعات الاقتصادية والاجتماعية بهدف التغلغل في المجتمعات والتأثير فيها.
وكانت السلطات الألمانية قد أفصحت مؤخرا عن أرقام وبيانات تتعلق بنفوذ تنظيم الإخوان على أراضيها، في اتجاهات مماثلة عالميًا، اتخذت مؤخرا بعد تصاعد عمليات العنف والتطرف في العواصم الأوروبية المختلفة.

وينشط الإخوان في الشبكات الاجتماعية في المدن، وعلى الإنترنت، بهدف توسيع نفوذ التنظيم، وتكشف تعليقاتهم على الإنترنت عن شيء من التعاطف مع التنظيمات الإرهابية، كما أن الأعضاء ينشطون بين اللاجئين، حسب تعليمات سرية للتنظيم، عبر تقديم المساعدات والمشاركة في الترجمة لهم أمام دوائر اللجوء والهجرة والسكن.

تاريخيًا، بدأت جماعة الإخوان الانتشار في ألمانيا في أعقاب الخلاف الذي وقع مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بعد تورطها في محاولة اغتياله في العام 1954، فوجهت إلى قيادات الجماعة ضربات قاسية، وتعرضت لمحاكمات عسكرية.

الدكتور محمد الرفاعي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يقول في تصريحات صحفية سابقه له، إن أول من اتخذ للإخوان موضع قدم في ألمانيا، سعيد رمضان، السكرتير الشخصي وزوج ابنة حسن البنا، مؤسس الجماعة.

وأوضح أن رمضان أنشأ في العام 1958 أكبر وأقوى المؤسسات الإسلامية في ألمانيا، وهي «الجمعية الإسلامية في ألمانيا IGD»، وتفرعت عنها العشرات من المنظمات الأخرى، ويبلغ عدد المنظمات التابعة للإخوان حاليًا نحو 30 مؤسسة.