رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتفالات الحسين تُشعل الحرب مجددًا بين الصوفية والسلفية بسبب الشيعة

أرشيفية- احتفالات
أرشيفية- احتفالات الحسين

الآلاف من المريدين يتوافدون للاحتفال و«الفول النابت» يتسيّد الخيام
شيخ مشايخ الصوفية: السلفيون لا يقرأون التاريخ.. وهدفهم تنفيذ مخططات خارجية



«حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا، حسين سبط من الأسباط»، هكذا قال النبي، صل الله عليه وسلم، عن حفيده سيدنا الحسين، رضي الله عنه وأرضاه، ولد سيد سادات أهل الجنة في الثالث من شعبان من السنة الرابعة من الهجرة، مات شهيدا في 61 هجريًا عن 57 سنة، وهو أحد الطرفين اللذين أراد الله لهما لنسل رسول الله وآل بيته أن يستمر ليوم الدين .
لم يبقَ لرسول الله ذكر، فمات القاسم والطيب وأبوعبد الله وإبراهيم صغارًا، وكانت السيدة فاطمة أمًا للحسن والحسين، لذلك أحبهما النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: تركت لكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله، وعترتى أهل بيتي.

ففي هذا الوقت من كل عام تحتفل الطرق الصوفية بذكرى استقرار رأس الحسين بمسجده بميدان الحسين، وتشتعل الحروب الصوفية السلفية حول وجود رأس الحسين من عدمها، ورغم اشتعال الحرب بين الفريقين، يتوافد الآلاف من أتباع الطرق الصوفية من مختلف المحافظات لنصب خدماتهم في الحسين للاحتفال، وتستمر الاحتفالات حتى الليلة الختامية في الإثنين المقبل 16 يناير.

وانتشرت الخدمات بالشوارع الجانبية لميدان الحسين وأزقة حى الجمالية، مع استمرار توافد المحتفلين من كل حدب وصوب، واكتسى مسجد الحسين بالأنوار وانتشرت قوات الأمن وكثفت تواجدها في محيط المسجد منذ بداية الاحتفال، ومنعت إقامة خدمات بمحيط المسجد، فيما شهد مقام الإمام الحسين توافد الزائرين وتعالت الزغاريد من النساء فرحا ببدء الاحتفالات.

وشهدت الخدمات إقبالا كبيرا من المريدين، حيث يتم تقديم الطعام لهم، والذى يغلب عليه «الفول النابت والجبن»  نظرا لارتفاع الأسعار، بينما توجد خدمات أخرى مثل اللحوم لزوار الإمام الحسين.

وأعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية عن إقامة احتفالها الرسمي داخل مسجد الإمام الحسين بحي الجمالية، عقب صلاة العشاء.

وقال الدكتور عبدالهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، إنه نظرًا للحالة الأمنية تقرر عدم إقامة سرادقات بمحيط المسجد أو الشوارع الجانبية، والاكتفاء باحتفال كل طريقة داخل المسجد فقط، حرصًا على الأمن العام.

ومن المقرر أن تقيم الطرق الصوفية خيمة كبيرة أمام مسجد الحسين، تشارك فيها الطرق من جميع المحافظات، ومن المقرر أن يشارك المنشد الكبير الشيخ محمود التهامي، والشيخ محمود ياسين التهامي، في الليلة الختامية .

في الوقت نفسه أطلقت صفحات سلفية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حملة لمنع الصلاة فى مساجد أولياء الله الصالحين قبيل الاحتفال، ونشرت فيديوهات لمشايخها تحثهم على حرمة الصلاة فى هذه المساجد.
وقال الشيخ أبوإسحاق الحوينى، الداعية السلفي، إن الصلاة فى المساجد التى بها قبور محرمة وليست باطلة، فلا يجتمع مسجد وقبر فى دين الإسلام.

من ناحيته، قال الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن رأس الحسين لم تأتِ القاهرة، والحديث عن وجودها أكاذيب ومن يذهبون إلى مسجد الحسين يقرأون الفاتحة لأحجار لا تنفع ولا تضر- حسب قوله- معتبرًا أن ذلك قد يُخرج الناس من الملة.

وأضاف في أحد مقالاته أن الإثباتات التي تؤكد وجود رأس الإمام الحسين بالقاهرة ضعيفة جدًا، والدليل الأوضح والأكيد أنها موجودة بالعراق ولم تأتِ إلى مصر، وعلى ذلك يجب على الأزهر والأوقاف وكافة المؤسسات الإسلامية في العالم التأكد من ذلك، حيث إن ترك الناس تذهب إلى هذا الضريح دون التأكد من ذلك سيجعل هناك فتنة كبرى في الشارع المصري.

وتابع «برهامي» أن الصوفية تنظم الاحتفالات المليونية كل عام، والتي تصرف عليها الملايين وهذا خطأ كبير جدًا لأن الله عز وجل لم يأمرنا بذلك، لأنه يعد إسرافًا غير مبرر ويجب على علماء الدين أن يقفوا لمثل ذلك لأن هذا يستهدف هدم التراث الإسلامي السنى الذى من المفترض أن يقوم الجميع بالدفاع عنه حتى لا نتحول إلى شيعة مبتدعة.

من جانبه، طالب القيادي السلفي الشيخ سامح عبدالحميد، بلجنة تُشكَّل من الأوقاف وعلماء التاريخ لفحص كل الأضرحة الموجودة فى مصر، والكشف عن حقائق المشايخ والأولياء فى المحافظات، وما يقوم به الصوفية خرافات لا بد من توقفها، فهم بوابة التشيع.

وقال «عبدالحميد»، على صفحته عبر «فيسبوك»: «إن الحسين لم يأتِ مصر حيًّا ولا ميتًا رضي الله عنه، وإن مسجد الحسين بالقاهرة ليس فيه الحسين، ما يقوم به الصوفية هو مجرد خرافات لا بد من توقفها في مصر، وعدم السماح لهم بإقامة الاحتفالات داخل مسجد الحسين»، مشيرا إلى أن السماح بإقامة هذه الاحتفالات هو سماح لبوابة التشيع في مصر، وتتعاون الصوفية مع الشيعة لإحياء هذه البدع المنكرة، وعلى وزارة الأوقاف غلق الضريح المنسوب للحسين نهائيًّا.

من جهته، رد الدكتور عبدالهادي القصبي، قائلا: «إن مزاعم السلفيين بأن الاحتفال بمولد الحسين بدعة وإن الحسين لم يأتِ إلى مصر حيا أو ميتا، كلام ليس بجديد، واتهاماتهم الهدف منها تفريق الأمة تنفيذا لأجندات ومخططات خارجية، ونحن لن نستجيب لمثل هذه الدعوات».

وأكد «القصبي»، لـ«الدستور»، أن الطرق الصوفية لا تمارس البدع والخرافات كما يزعم البعض، ولسنا بوابة للتشيع وهناك فارق بين الصوفية ومريدينها وبين التشيع، وبالتالى ما يروجونه من مزاعم لا أساس له من الصحة، لذلك فإن  كلامهم لا يستحق الرد عليه.

وأضاف شيخ مشايخ الصوفية: السلفيون لا يقرأون التاريخ، فنحن نحتفل ببطولات الحسين وسيرته الذاتية ونقوم بإطعام الزوار وقراءة القرآن وترديد الأذكار.

وتابع: إن الاحتفالية تتضمن حلقات ذكر وإنشاد وتلاوة للقرآن ابتهاجا بسيدنا الحسين، وللتذكير بالقدوة والمثل الصالح للمجتمع بأكمله، لأننا في أشد الحاجة لمثل ذلك في هذا الوقت الصعب والحرج.

من جانبه، قال شيخ الطريقة الرفاعية طارق الرفاعي: «إن احتفال المصريين بالحسين يهدف إلى البعث برسالة سلام لكل العالم لدعم مصر في حربها ضد الإرهاب، من خلال نشر الوسطية والاعتدال والحب والود بين الجميع ونبذ العصبية والكراهية».

أما الشيخ عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، فقال إن الشيخ عبدالله الشبراوي، شيخ الأزهر الأسبق، أكد في كتابه «الإجحاف بحب الأشراف» وجود رأس الإمام الحسين في ضريحه، وذلك بعد نزوله مع عدد من القيادات ورجال الدين إلى روضة الإمام الحسين للتأكد من وجود الرأس الشريف من عدمه.

وأضاف «الشبراوي» أنهم وجدوا الرأس الشريف في صندوق من الذهب المصفى المرصع بالجواهر، حيث وجدوه على حالته، لكن مفتى الديار المصرية أكد عدم فتح الروضة الشريفة مرة أخرى.

من جهته، أوضح الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أنه تم التنبيه على عمال مسجد الإمام الحسين بالتواجد على مدار اليوم خلال أيام الاحتفال، لرصد أي تجاوزات تحدث من قبل الزوار، لافتًا إلى أنه حال حدوث أي تجاوزات من المترددين على المسجد خلال احتفالات المولد فسوف يتم إغلاق المسجد.
وأكد «طايع»، لـ« الدستور»، أن مسجد الإمام الحسين وضريحه مفتوح على مدار اليوم أمام الزوار الذين يأتون من كافة محافظات الجمهورية.

فى المقابل، قالت دار الإفتاء إن الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما فى ذلك من التأسِّى بهم والسير على طريقهم، فلا بأس مِن تحديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين.

وأوضحت الدار فى فتوى أخرى أن الصلاة فى المساجد التى بها أضرحة صحيحة ومشروعة، بل ومستحبة أيضًا، أما حديث: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ والنَّصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيائِهم مَساجِدَ» فمعناه السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان.