رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من «معسكرات البنا» إلى «داعش».. كيف تربى إرهابيو «حلوان»؟

كتائب حلوان - أرشيفية
كتائب حلوان - أرشيفية

ببندقية ألية، ولحية سوداء كثيفة، وخطى ثابتة، قرر أحد الشباب الذي تتلمذ على أيدي الفيديوهات التي أنتجها تنظيم داعش الإرهابي خلال السنوات الماضية، وبثها على "الإنترنت"، أن يستجيب لنداءات "الحق" -كما سمها التنظيم على قنوات التليجرام لاستهداف المسيحيين-، بعدما ترك جماعاته الأم التي تربى على أيديها منذ الصغر، ليضع كنيسة "مارمينا" على رأس أولولايته خلال الأيام المقبلة.

بالفعل استيقظ الشاب الثلاثيني، من نومه على أصوات أذان الفجر ليصلي داخل الخيمة التي يختبئ فيها، وبعد شروق الشمس جهز عدته، حيث السلاح الألي والدراجة النارية، وقبل وصول بلحظات للكنيسة ترك الدراجة، وبدأ في استهداف الأمن المتواجد على الأبواب، ليسقط أحدهم شهيد ويصيب أخرين، لتنتفض كشافة الكنيسة مسرعة بغلق أبوابها، ليبدأ مراحل ومحاولات اقتحامه للكنيسة -حسبما أظهرت الفيديوهات التي نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي-، وبعد ربع ساعة من المحاولات نجح الأمن بدعم من الأهالي في اسقاطه قتيلًا، ليبقى السؤال من أين جاء هذا الإرهابي ولماذا اختار منطقة حلوان بالتحديد؟.

الإجابة على السؤال الأولى، أجابت عنه وزارة الداخلية في بيانها، حيث قالت في بيانها، أن نتائج البحث عن تحديد هوية المنفذ أسفرت عن الوصول حول معلومات حلو الإرهابي، وجاءت: اسمه إبراهيم إسماعيل إسماعيل مصطفى (له محل إقامة بشارع منشية السد حلوان القاهرة وإتخاذه عدد من المناطق الزراعية بمحافظات الصعيد أوكارًا لاختبائه). 

وتابعت: من أبرز العناصر الإرهابية الهاربة والخطرة والذى تزعم العناصر المنفذه لحادث التعدى على مركبة ( ميكروباص ) تابع لقسم شرطة حلوان عام 2016 ( سبق ضبط عدد منهم ) وأسفر عن إستشهاد أحد الضباط وعدد (7) من أفراد الشرطة (موضوع القضية رقم " 5132016" حضر أمن دولة عليا).

أما الإجابة على السؤال الثاني يعود فإن الإجابة عليه تأتي من الواقع التاريخي للجماعات والتنظيمات التي خرجت من جنوب القاهرة، فـ"حلوان" كمدينة كانت تعد أحد تمركزات جماعة الإخوان وحلفائها ففيها كانت معسكرات "حسن البنا" وبها كان يعيش سيد قطب تلك المنطقة شهدت انطلاق عدد كبير ومنتظم من التظاهرات للجماعة الإرهابية في أعقاب ثورة 30 يونيو.

كما أن لها تاريخ كبير في تنفيذ عمليات إرهابية شهدتها سواء بالتنفيذ أو التخطيط، فهي المنطقة التي احتضنت أول إعلان لتشكيل كتائب مسلحة من جماعة الإخوان، تحت اسم "كتائب حلوان"، للعمل على عودة المعزول محمد مرسى شهدت العديد من العمليات الإرهابية أبرزها التي نفذها تنظيم الإخوان المنتشر بها اقتحام وحرق نقطة شرطة عين حلوان، ما أسفر عن استشهاد مجند متأثرا بإصابته بطلق ناري، وإصابة ضابطين ومجند برش خرطوش بالوجه والذراعين وحروق بالوجه، وتم القبض على 56 متهما ينتمون إلى الجماعة الإرهابية.

ونظمت الإخوان عدة مسيرات استهدفت تعطيل محطة مترو عين حلوان وإتلافها ونشر عبارات مسيئة للجيش والشرطة، وأوقفت حركة القطارات في مسيرات تلت فض رابعة، وآخرها تفجير برجي كهرباء وتقوية شبكة اتصالات. 

أما عن الخلفية التاريخية للمدينة، فإن بداية وجود "الإخوان" في حلوان بدأت في غضون عام 1939-1940 من خلال معسكرات "الكشافة" فموقع حلوان على أطراف القاهرة جعل منها هدفا للإخوان منذ القرن الماضي، ففى سبتمبر 1946 شهد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، أول معسكرات الجوالة كتائب حلوان، وهى وسيلة جديدة من وسائل جماعة الإخوان الإرهابية لترويع المواطنين وتنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة، ظهرت "كتائب حلوان" فى 15 أغسطس 2014 من خلال فيديو يضم أكثر من 14 فردًا ملثمين ويحملون الأسلحة يهددون فيه بارتكاب عمليات إرهابية ضد المواطنين ورجال الأمن.

ولم يكن هذا فقط، حيث تجاور المدينة، محافظة "الفيوم"، أحد أهم المعاقل للجماعات التكفيرية، فهى الموطن الرئيسى لجماعة الشوقيين -التى تأسست على يد شوقى الشيخ-، كما أصبحت فيما بعد الموطن الأساسى لجماعة "التوقف والتبين" التى نشأت فى السجن على يد قيادات تكفيرية من دمياط. 



وفي العام الماضي وبالتحديد في ديسمبر أي بعد عام بالتحديد، نفذ أحد الشباب من ذلك المحافظة، أول عملية كبرى تجاه المسيحيين، حيث فجر نفسه بالكنيسة "الكاتدرائية" وسقط على إثرها شهداء وجرحى.

كما احتضنت جماعة التوقف والتبين، أخطر جماعة ظهرت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وأكثرها جرأة، كفّرت المجتمع حكامًا ومحكومين واستبعدت صفة أهل الكتاب عن المسيحيين ودعت إلى استخدام العنف ضدهم، التى أصبح اسمها فيما بعد (الناجون من النار) نشأت فى منتصف الثمانينات، على يد الطبيب الشاب مجدى الصفتى (من القاهرة لكنه كان ينتقل للمحافظة) ورأى أن الطريق الأقصر لنشر فكره، هو إثبات أن معتنقى هذا الفكر هم أهل جهاد، فأسس الجماعة، التى حاولت اغتيال وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل، وحسن أبوباشا، والصحفى مكرم محمد أحمد.

وحرمت الجماعة العمل فى أجهزة الدولة الكافرة، والصلاة فى المساجد الحكومية فهى مملوكة للدولة الكافرة، وعدم الأكل من الذبائح المحلية لأنها ذبائح الكفار، وتكفير رجال الشرطة والجيش والقضاء وإهدار دمهم لأنهم مساندون للنظام الكافر «تذكروا حادث قتل الجنود المصريين فى رمضان».