رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأملات فى معركة الرئاسة «2»


معركة الرئاسة، يجب أن نوفر لها الجو الملائم لها كى تبدو معركة حضارية تنافس الدول المتقدمة، وأول تلك العوامل أن يكون أمام الناخب، أو المواطن الذى يدلى بصوته، مرشحين من جميع الفئات والتوجهات، ويختار الناخب ما يراه محققًا لآماله، وخصوصًا أن بلدنا نظام الحكم به رئاسى فى المقام الأول، والرئيس هو المحرك الرئيسى لكل الأمور فى مصر

... ومما لاشك فيه أن سبب الحالة التى وصلنا إليها، هو جمود الرئيس مبارك، وتقاعسه، وإهمال شئون الدولة، حتى أوصلنا إلى تلك الحالة التى نحن فيها.

لا أميل كثيرا، إلى فكرة إخلاء الساحة من المرشحين، لصالح مرشح معين، حتى لو كان هناك إجماع شعبى عليه، ولا أريد أن تتحول الانتخابات إلى نوع من الاستفتاء، كما كان يحدث سابقا. أحد المرشحين، من شباب الثورة، ترشح للرئاسة فى المرة الماضية، وكان حظه قليلا فى الأصوات، أعلن فى مؤتمر صحفى أنه لن يترشح، لأن ما يحدث على الساحة عبارة عن مسرحية، ولم يحدد ما المسرحية، وأعتقد أنه انسحاب من المعركة، غير مبرر، وفى مؤتمره الصحفى، لم تسلم القوات المسلحة، ولا الشرطة، ولا مؤسسات الدولة من لسانه. ولا نعرف، كيف سيتعامل مع تلك المؤسسات عندما يصبح رئيسا، أليست هى مؤسسات الدولة التى تحكم العمل وسير مرافق الدولة، وهو الخطأ نفسه الذى وقع فيه الإخوان المسلمين، عندما وصلوا إلى الحكم، وهم يعتقدون أن مؤسسات الدولة فاسدة، ويجب تطهيرها، وأعلنوا ذلك صراحة، فكانت النتيجة أنهم عجزوا عن التعاون مع تلك المؤسسات وتوقفت الدولة، وكان ما كان فى 30 يونيو 2013، من ثورة جديدة، خلعتهم، أجهزة الإعلام عندنا تسفه باقى المرشحين المحتملين، وهى تحاول بقدر الإمكان الضغط على المرشحين المحتملين، من أجل أن تخلى الساحة أمام المشير السيسى، ليصبح هو المرشح الوحيد، ولا يرى الشعب أمامه سواه، ومع أن الرجل يتمتع بإجماع شعبى هائل، قد يمكنه من اجتياز الانتخابات فى المرحلة الأولى، ولكن أجهزة الإعلام تصر على أن تخلى له الساحة مقدما، والحقيقة أن أجهزة الإعلام عندنا، لم تتغير، كما هى تنفخ وتطبل، وهو ما خلق جوا عاما مليئًا بالنفاق، وشعر المواطن البسيط الذى يثق فى وسائل الإعلام، أن هناك أمرًا ما يتم تدبيره فى الخفاء، وأن ثمة كميات هائلة من النفاق، قد بدأت تطفو على سطح أجهزة الإعلام، وخصوصا التليفزيون والقنوات الفضائية الخاصة، التى هى أشد حماسًا للسيسى أكثر من القنوات الرسمية، حتى هؤلاء المحللون الجادون، تحولوا تدريجيا لنوع من أنواع الأبواق الرخيصة، التى تهلل لمن هو قادم، وكأن الكل يقول: نحن هنا. ونحن كنا نؤيدك، فأين نصيبنا من الكعكة؟ وأعتقد أن هذا الأمر لا ينطلى على الشعب، فهو يدرك بفطرته الواعية أن الأمر بات نفاقا رخيصا، الشعب يريد من الرئيس أن يضع عربة مصر على أول الطريق يدعها اتنطلق، كما أنه يريد أن يشعر بالاطمئنان إلى كنف رئيس قوى يخلص البلاد من حالة التردى الأمنى التى تواجهها الآن. وحتى الآن من مارس الجارى، لم يظهر فى الأفق سوى منافس واحد للسيسى، هو حمدين الصباحى، وهو رشح نفسه فى الدورة السابقة، وكان هو مرشح شباب الثورة، ولولا كثرة المرشحين لكان له نصيب، وأعتقد أنه الآن لا يتمتع بنفس الزخم والتشجيع الذى كان فى المرة الماضية، ولكنه عندما خرج من الجولة الأولى للانتخابات، انضم إلى الإخوان، وعصر على نفسه الليمون مثل آخرين، من الساسة الذين كانوا يطمعون فى مناصب وخذلهم الإخوان.

■ خبير أمنى